الأسئلة المؤجلة مثل الدين المؤجل، كلاهما يستحق الدفع يوما. لا بد أن نتسائل اليوم عما إذا كانت ممارسات بعض المسلمين هى فعلا لا تمثل الإسلام، وإن كان ذلك صحيحا فماذا تمثل؟ هل فعلة إبن لادن وأتباعه بتحويل طائرات بركابها إلى قنابل تصدم أبنية مدنية وتقتل من تقتل هى من الإسلام؟ وهل أفعال الزرقاوى ومن يتبعه ومن خلفه تمثل الإسلام؟ إن كانت هذه الأفعال لا تمثل الإسلام، فلماذا الفرحة العارمة عند وقوع تلك الحوادث من قبل الكثرة الغالبة من المسلمين؟ ولماذا دائما يأتى إستنكار تلك الأفعال ممن يسمون معتدلين بألفاظ باهتة، ويسبق تلك الإدانات إن وجدت ويتبعها إستدراكات من عينة quot;ولكنquot;، وأعذار من عينة quot;المشاعر المتأججةquot; والحكاية والرواية؟!

هل من الإسلام أنه عندما يقوم رسام دانماركى بتخطيط رسم يجرح مشاعر المسلمين، أن كثرة منهم يقومون بحرق الكنائس التى تقع فى بلاد الإسلام العربية؟ هل من المقبول فى الإسلام أن تقتل راهبة فى مقديشيو لأن بابا روما ذكر رأيا صادما لمشاعر المسلمين؟ ولنفترض أنه فعل ما هو أسوأ من ذلك، فما ذنب تلك الراهبة؟ تخيلوا ياحضرات المحترمين ndash; المحترمين فقط- أن راهبة إيطالية! تعمل فى مستشفى! وتلك المستشفى تقع فى مقديشيو فى الصومال! تقتل! برصاصة فى ظهرها!
بصراحة أنا لا أشفق على تلك الراهبة المسكينة. لقد إختارت بملء إرادتها ان تذهب إلى مقيشيو وهى تعلم ما هى مقديشيو وما هى الصومال، وهى راهبة بمعنى أنها غير متزوجة ولا لديها أولاد وإنما كانت تخدم لوجه الله، الإله الحقيقى أكيد وليس ذلك الذى سيدفع لقاتلها حوريات ثمن تجرأه وقتلها برصاصة فى ظهرها.
وأيضا لا أشفق على المسيحيين الفلسطينيين الذين حرقت كنائسهم فى غزة وفى الضفة الغربية! المسلمون يعتقدون أن المسيحيين العرب هم رهائن لديهم! إن حاربت امريكا العراق حرقوا كنائس الأقباط والمسيحيين العراقيين! إن أهينوا من أى مسيحى فى العالم سواء بالإسم أو بالفعل حرقوا عدة كنائس وقتلوا بضعة رهبان ووراهبات وثلة من المسيحيين العرب! ورغم ذلك فإشفاقى الأساسى ليس على الضحايا! أنا أشفق على من فى قلبه كل ذلك الغل والحقد والكراهية! كيف يمكن ان يستمتع بشر كهؤلاء - إن كانوا فعلا بشر ndash; بأى شىء فى الحياة؟

هناك قصة من التاريخ الإسلامى لعلها تفسر بعض تلك الحوادث العجيبة. تقول القصة التاريخية أن الخليفة عمر بن الخطاب عندما قتل بيد مجوسى، خرج إبنه ndash; أظنه عبد الله ndash; فتقابل مع إثنين أو ثلاثة من الفرس الذين أسلموا وحسن إسلامهم فقتلهم! وتقول القصة أن الخليفة عثمان لم يقم الحد على القاتل لأن يبدو قد عذر له إندفاعه وإن أدى لقتل أبرياء. وتذكر القصة أيضا أن الإمام على كرم الله وجهه قد إعترض على تلك المحاباة وتوعد القاتل إن إستخلف ليقمن عليه الحد. أما باقى القصة فتروى أنه يوم قتل عثمان فر عبد الله بن عمر إلى معاوية وإنضم إليه فى قتال الإمام!

لغاية الأسف، اليوم هناك كثيرون ممن يتقصون خطوات عبد الله بن عمر وعثمان بن عفان وأقلية الأقلية ممن يتنسمون عدالة الإمام. فالعذر كل العذر الرسام الدانماركى و لبابا روما، فهذه أعمالكم ومن الثمار تعرف الشجرة!

عادل حزين
نيويورك

[email protected]