البابا حين تحدث في محاضرته، تحدث بلغة مفهومة للجميع، مع كونها لغة قديمة لا نريد له إلا الاعتذار عن استعمالها، و لكي نفهم البابا بندكتوس بطريقة سليمة، آمل أن يجيبنا هو أو من يدافعون عن حسن نيته و طيب مقصده على هذه التساؤلات التي قد تحل الإجابة عنها عوائق اللغة و ما تحمله الكلمات من آلام تاريخية.

لماذا تتسامح الكنيسة الكاثوليكية مع اليهود في أهم عقائدها الدينية، و تبرئهم من دم المسيح، و يعتذر الفاتيكان من اليهود عن الفترة النازية، بل و يفتح أرشيفه للدراسات النقدية الصهيونية المعادية للكنيسة، فيما تتم الإساءة للمسلمين و سنام دينهم؟

لماذا لا يعتذر البابا عن محاكم التفتيش التي طالت المسلمين و اليهود على السواء، و عن الحروب الصليبية التي دعا لها سلفه أوربان و طالت حتى مسيحيي الشرق؟
ما سر المصادفة الغريبة في ذم الإسلام من قبل البابا في محاضرة بجامعة ألمانية، مع تنصيب ثلاث حاخامات يهود في جامعة ألمانية أخرى و لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية؟
لماذا القي بنديكيتوس هذه القنبلة؟ ما الداعي لها؟ هل أملاها البابا بنفسه ؟ إن كان بنديكيتوس يعيب على المسلمين عدم استعمال العقل، فمن العار عليه أن يقتبس آراء أناس حاكموا الحيوانات، و اشتهروا بعقيم الجدل!
ما سر توقيت التصريحات مع ذكرى تدمير برجي التجارة و قصف البنتاغون! و تصريحات بوش عن الفاشية الإسلامية؟
ما علاقة هذه التصريحات بتأسيس لوبي صهيوني في أوروبا عقب شجب بعض الدول الأوروبية لجرائم الكيان الصهيوني في لبنان؟

هل من باب المصادفة quot;البريئةquot; أن يكون الاقتباس من نص لكاتب مسيحي لبناني!، يسرد حكاية فيها البيزنطي ملكا، و الفارسي جليسه؟
ما معنى تكرار بندكتوس للنص المشبوه، دونما انتقاد؟!
لماذا يصعب عليه مناقشة كتابات المرحوم ديدات، و يتهرب من المناظرة المباشرة مع علماء المسلمين؟

ابن جلدتنا المقدسي يخرج عن انتمائه لامته، و يعيب علينا سوء فهمنا بترتيله لدفاعات الفاتيكان الاتهامية من الدرجة الثانية، و يندد بالصحافة التي نقلت و ترجمت و نشرت الموضوع! فهل السرية هي المتبعة في كيل مثل هذه التهم؟ و هل يتطاول الانتماء الديني عن الانتماء الوطني؟
عذر أقبح من ذنب ذاك الذي قدمه التوضيح الرسمي للفاتيكان، فحجتهم التبريرية لتصريحات بنديكيتوس، عللت بكونه يريد quot;تنمية شعور الاحترام والحوار حيال الديانات والثقافات الأخرى وبطبيعة الحال الإسلامquot; فهل هذا اتهام أم احترام!.

و يزيد نفسه قبحا بتأسفه عن سوء فهم أكثر من ثلث المسكونة و تحريف الكلم عن مواضعه! لنجد من يصعرون وجوههم يقبلون البصق فيها اعتذارا!
ما هو المعنى الصحيح الذي أخطأه العالم من هذه التصريحات و فهمه أغبى زعماء العالم ؟
هل هناك في الحقيقة حوار أديان و تسامح من قبل الفاتيكان أم اتهام و تهكم و فرض شروط، و لماذا حوار الأديان من أصله؟
هل تنذر تصريحاته بعودة الحكومات الثيوقراطية إلى سدة الحكم عن طريق تسعير الأصولية المسيحية؟
ألا تشكل هذه التصريحات خطرا على استقرار الكنيسة الكاثوليكية و زعامتها الدينية بين أتباعها؟
ألا تهدد هذه التصريحات العلمانية في الغرب؟
ألا تندرج هذه التصريحات مع معاداة الإسلام، و الحملة التنصيرية التي أثارها الأفغاني المرتد الذي طبل و زمر له البابا! لتؤكد الصحف الغربية بأن المرتد لا يتمتع بقواه العقلية؟
إذا كان الغرب ينتقد فتاوى المغفلين الداعين إلى الاحتراب على أساس ديني، فلماذا يسلم البابا من الانتقاد الغربي، و يحظى بالدفاع عن تحريضاته و فتاواه؟

و ما أثر هذه التصريحات على صعيد تضييق الوجود العربي و المسلم في أوروبا حفاظا على الأرضية المسيحية المزعومة! سيما و أن المسلمين مثلهم مثل بقية أتباع الديانات حيثما كانوا يستفزهم استهداف عقيدتهم بالإساءة ؟.
ألا تبارك هذه التصريحات كل الفظائع الأمريكية في الحروب الأمريكية على الشعوب المسلمة بحجة الإرهاب، في أفغانستان و العراق، و الصومال و وضع حماس و حزب الله و جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب؟ ثم ألا تمثل صك غفران لاجتراح المزيد من المجازر ضد العرب و المسلمين و بينهم !
ما علاقة هذه التصريحات في محاصرة المسلمين و العرب و الإمعان في أهانتهم وتقييد حرياتهم المدنية تحت مسميات قوانين الإرهاب ؟
ألا تندرج هذه التصريحات في إطار حملة الرسومات المسيئة للرسول الكريم و التي صورته على انه إرهابي!
هل يقبل إخوتنا المسيحيين تصريحات هذا البابا!

محمد ملكاوي
http://sadoog.maktoobblog.com