نخطئ كثيرا عندما نتحدث عن العالم العربي ونتهمه بالتخلف والقمع وغياب الحريات ونضع جميع الدول العربية في سلة واحدة،فهناك اختلاف شاسع بين سوريا مثلا وجارتها لبنان،كما تختلف الجزائر عن المغرب التي تختلف بدورها عن تونس، لكن تظل الكويت نموذجا مضيئا في خريطة عالمنا العربي.

فوفق تقرير منظمة quot;مراسلون بلا حدود quot;لحرية الصحافة احتلت الكويت المركز الأول عربيا في العامين الأخيرين على التوالي،متقدمة على دول كانت تعتبر هي معاقل حرية الصحافة في المنطقة مثل لبنان ومصر وبمراحل كبيرة،وكان مركزها متقدم أيضا عالميا،وحرية الصحافة في الكويت حرية حقيقية يعرف طعمها من جربها،حرية بفضاء واسع يتسع للأجنحة التي تريد أن تحلّق وتقول رأيها دون أن تحمل هم مقص رقيب أو قرصة أذن من هنا أو هناك،حرية بقلب واسع يحتضن كل صاحب موهبة أصيلة وحقيقية دون أن تشترط عليه وساطة أو محسوبية أو حتى معرفة شخصية.

الشاعرالعراقي أحمد مطر قال مرة :quot;لقد احتضنتني القبس (صحيفة كويتية ) بشجاعة مريم،في الوقت الذي كان الجميع يقول لها :لقد شئت شيئا فريا quot;،والاعلامي المصري حمدي قنديل الذي حط قلمه أخيرا في صحيفة كويتية كتب في احدى مقالاته :quot;اللهم احفظ صحافة الكويت quot;فهو يرى أنه لم يبق لنا غيرها،كما يصف أحد الزملاء الصحافة الكويتية بأنها quot;صغيرة،فعالة،سريعة الفعل ورد الفعل،تحتضن من يستحق ولا يهمها من هو ومن أين جاء quot;.

الكويت كنموذج للديمقراطية والحرية واحترام الفرد وبقية المفردات التي يكاد ينساها العالم العربي هي نموذج قد لا يكون مثاليا وبلا هنات الا أنه نموذج ناجح وحقيقي تتمنى أن يعم العالم العربي،ولا ننسى موقف الكويت من أسراها في حرب الخليج وهو الموقف الذي كان يثير سخرية بعض الأخوة العرب الذين اعتادوا على فكرة استرخاص الانسان العربي،حيث اعتبرتهم الكويت قضيتها الأولى،وكنا نشاهد عبارة quot;لا تنسوا أسرانا quot;على ذيول الطائرات الكويتية في المطارات وعلى صفحات الجرائد وعلى فنائل اللاعبين،وظلت تطالب بهم حتى وصلت الى نبش القبور والتعرف على كل كويتي قتيل عبر فحص الحمض النووي،في صورة نادرة لاحترام الانسان لم نرها في الشرق الأوسط الا في اسرائيل.

والذين يخافون حرية الصحافة أو حرية التعبير لينظروا الى الكويت،حيث الصحف تصرخ وتتذمروتنشر غسيلها ومشاكلها كل يوم،لكن عندما جاءت لحظة الجد وتعرضت الكويت للخطر،حصدت الكويت ما زرعته،بعد أن تحول كل كويتي الى وطن يمشي على رجلين وبعد أن اعتاد على أن يكون جزءا مهما من بلده وأن يتحمل مسؤولية العطاء كما اعتاد على الأخذ،فلم يجد الغزو خائنا كويتيا واحدا،بل التفت المعارضة والشعب خلف قيادتها طواعية ونجحت في تجاوز تلك الكارثة بمهارة نوخذة كويتي اعتاد على ركوب الصعاب وتجاوزها،فتحية لهذا البلد الصغير بمساحته والكبير في حريته، فكما تعطي الأوطان أبناءها سيعطونها.

ريم الصالح

[email protected]