اليمن كغيرها من الدول العربية ودول العالم الثالث ( النامية ) غارقة في بحور الفساد بأنواعه المتعددة والمختلفة، وإن كانت وصلت _ اليمن _ إلى مرحلة أصبح الفساد كالنار تلتهم الهشيم وسرطان متفشي في جسد المجتمع.
بإلقاء نظرة سريعة ( خاطفة ) على الأوضاع المتردية لملايين الأسر اليمنية القابعة في الفقر سنصل إلى أمر لا يختلف عليه أحد، أن الفساد السبب الرئيسي لهذا التردي والخراب فهو كالداء ينخر العظام ويستشري في أوصاله.
تعاني اليمن منذ سنوات طويلة من الفساد بأنواعه المتعددة في جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، الكثيرون هنا لا توجد لديهم بارقة أمل في القضاء عليه ومحاربته أصبح كالكابوس يطاردنا في كل مكان.
ثقافة الفساد هي الثقافة الوحيدة في اليمن الآخذة في التنامي في ظل غياب الرادع الديني والأخلاقي والرسمي لها.. وبذلك شكلت ضرر بالغ في حياة الفرد والمجتمع ككل وقتلت الطموحات والآمال في بناء مجتمع نهضوي والتقدم ولو بضع خطوات للإمام أسوةً بباقي الدول الأخرى.


سرقة الأموال العامة عملية مستمرة على قدم وساق.. جميع الوزارات والمرافق الحكومية معرضة للنهب والإستغلال.. كلما علت الدرجة الوظيفية للفرد كلما ازداد نهباً للمال العام، فالمسئولون الموصوفون بهذه الظاهرة يتقنون استخدام اساليب ممارستها بحيث يغطي بعضهم بعضاً وفي غالب الأحيان يغضون الطرف بما يُعرف بـ ( الفساد الصغير ) في بلد شاع فيه ( الفساد الكبير ).. الموظف الحكومي يحصل على ما يريده من مال بعد فشله في الحصول عليه بجد وإجتهاد.. أما إستغلال المناصب الحكومية فحدث فلا حرج من تهريب الأموال وتكوين ثروات طائلة تحت أغطية وهمية أو بدونها.


مبدأ التساهل والمنفعة المشتركة الناتجة عن عدم الانضباط والتسيب والإهمال حيث أصبحت الرشوة أمر اعتيادي في ظل فساد أخلاقي مع غياب قيم وأخلاقيات أفراد المجتمع.
أموال الدولة أصبحت معرضة للنضوب والتبديد بصفة دائمة بسبب فساد الحكم السياسي مما أثر سلباً على حركة التنمية بالمجتمع.


أسباب تفشي الفساد المالي في الإنفاق الحكومي المعتمد على المركزية يليها التلاعب في المناقصات والمشاريع والتعاقدات مع المستثمرين والقطاع الخاص ولا يمكن إغفال المخصصات الباهظة للمسؤولين التي ترهق كاهل ميزانية الدولة بمبالغ خيالية.


الفساد المالي بدءً من الرشاوي إلى التهرب الجبائي، الاختلاس، تحويل الأموال، تزوير الفواتير، التجاوز الجمركي، تدوير المساعدات الدولية، ممارسة الريع.. له آثاره السيئة على وضعية الفقر ومستوى الأسعار، نجاعة الاستثمارات، توزيع الدخل، التحصيل العلمي، إعانات التنمية، نوعية الخدمات، وضعية الموارد البشرية والفكرية.


أما الفساد الإداري من محسوبيات ووساطات في ظل غياب رقابة السلطة والسياسة الاقتصادية الفاشلة والناتجة عن سوء التخطيط وتوجيه توظيف الشباب في غير تخصصاتهم يساعد كثيراً على ارتفاع نسبة البطالة ويضاف إلى ذلك هروب الاستثمارات الأجنبية التي من شأنها تشغيل عدد كبير من العاطلين عن العمل.. فغياب النزاهة ومبدأ تكافؤ الفرص في توزيع الوظائف تزداد حالات الهجرة للعديد من الكفاءات الإقتصادية والعلمية والفكرية للخارج.. هذا ناهيك على وقوف الآلاف من الشباب أمام السفرات الأجنبية للحصول على تأشيرة عمل.

يخيم على المجتمع وأفراده الشعور بالظلم واليأس والإحباط.. فتبدأ منظومة القيم الإجتماعية في التحلل والتدهور تدريجياً ويعم فساد أخلاقي واسع يؤثر على سمعة البلد مع إتجاة بعض من الشباب الذين يعانون من البطالة والفراغ نحو الانحراف والإجرام وما يسببه ذلك من زعزعة الإستقرار الأمني في المجتمع.
الفساد يسرق طموحات الشباب وتطلعاتهم نحو مستقبل أفضل وحياة كريمة يحصل من خلالها على القدر الكافي من التعليم والرعاية الصحية والمأكل والملبس والمسكن.


بلاشك أن الفساد السياسي هو أهم وجوه الفساد والمدخل الرئيسي لجميع تجليات الفساد الأخرى.

حنان محمد فارع
عدن