وزع وكيل وزير الثقافة العراقية رسالة لوزيره بعد انقطاع كل تواصل بينهما. ويشكو الوكيل وهو الشاعر جابر الجابري المرشح لمنصبهمن قبل الائتلاف الشيعي من سطوة الوزير أسعد الهاشمي الذي رشحته جبهة التوافق السنية ويتهم الوزير بتحويل الوزراة الى كيان ارهابي وحضن لمطلوبين للامن. بل ان رجال حماية الوزير كما يقول الوكيل تعمدوا ان تكون نغمات هواتفهم النقالة على اغنية quot;صدام حسين يلوك الناquot; اي يليق بنا.. ويقول في رسالته التي ادرجها هنا تعميما لفائدة قراء ايلاف ان رجال الحماية يتبادلون اسماء مستعارة بينهم مثل (الامير 1 والامير 2) وان الوزير خطب ذات يوم من جامع العلي العظيم الذي كان اماما له قبل استوزاره داعيا لقتل الاميركان والجيش العراقي والروافض...

هنا الرسالة التي تعتبر اصدق تعبير عما يدور بين كتلتين سياسيتين تشكلان الحكومة العراقية وتسببتا في انحدار البلد لاتون الحرب الطائفية:

جابر الجابري:
غريب أمرك أيها السيد الوزير تمنّعت من استلام حقيبتك الوزارية بعد اعلان اسمك في ربع الساعة الاخير من تشكيل الوزارة، ولم تشارك في اداء القسم الوزاري، بحجة انك لست مؤهلاً لاستلام المسؤولية الوزارية، وبعد عدة ايام وجدناك في الصباح الباكر تداهم الوزارة بعشرات المسلحين، لتدخل عن طريق الخلع والكسر مكتب الوزير السابق نوري الراوي، وفوجئت الوزارة وموظفوها لهذا التداول السلمي، الديمقراطي، للسلطة، وزادنا ذهولاً، افواج المدجّجين بالسلاح الذين غمروا الوزارة لاسقاطها عسكرياً وامنياً بندائهم اللاسلكي quot;امير واحدquot; وquot;امير اثنينquot; وquot;الشيخquot;، أو برنين هواتفهم النقالة التي تعزف quot; صدام حسين يلوك النهquot; وعند الاستفسار عن هوياتهم اجابوا انهمrdquo;من طرف الوقف السنّيldquo;.
رغم ذلك قمتُ بزيارتك مهنئاً، أحمل باقة ورد بارتفاع 130 سم، قائلاً لك انّ يدي كانت على قلبي من دخولك الوزارة، واليوم احمل قلبي اليك، كما قلت لك اننا من الآن فصاعداً شركاء، ولا أريد أن اصدّق ما اسمعه عنك، بأنك امام وخطيب جامع العلي العظيم في منطقة حطين، الذي تحول الى مذبح لاتباع اهل البيت، حسب مذكرتهم المنشورة حولك بالارقام والاسماء والتواريخ، وأن النائب مثال الالوسي يصرخ بملء فمه أنك شريك في قتل ولديه، وانك كنت تهتف بمكبرة الجامع: الجهاد الجهاد ضد القوات الاميركية، والحرس الوثني، والروافض الخونة، وانك وانك... لا أريد ان أصدق، فنفيتَ كل ذلك، نفيتَ ارتباطك بالحزب الاسلامي، وعلاقتك الأسرية بالسيد طارق الهاشمي، ونفيتَ مسؤوليتك عن كل اتهام يوجه اليك، وائتمنتني على اسرار وطلبات لا زلت احفظها لك، واتفقنا على العمل سويةً باعتباري امثل الائتلاف الكبير، ومن ورائه اكبر طائفة مضطهدة في العراق وباعتبارك تمثل كتلة التوافق، شريكتنا في العملية السياسية.


لكنني فوجئت وانا في لبنان، لانقاذ اسرتي من العدوان الاسرائيلي بتاريخ 15/ 7/ 2006 انك تقطع خط الكهرباء عن مسكني المجاور للوزارة، وتزيل الحواجز الاسمنتية عنه، وتتجاهل كتاب الخارجية بتأمين مسكن لعائلتي المنكوبة، وترفض استقبال مدير مكتبي، بل وترفض الرد على اتصالي الهاتفي.


وفور عودتي لبغداد، اذهلتني اكداس المكاتب في مدخل الوزارة، في مشهد اشبه بالفرار من كمين، استعداداً لنقلها الى شارع حيفا، بعد قطع الماء والكهرباء عن الموظفين لاجبارهم على النزوح القسري، دون مشاورة او مناقشة او مداولة، ودون لجنة انتقال، فوضى عارمة تملأ المكان، وانت الغائب الوحيد عنه، ومن شارع حيفا الملتهب بالجريمة المنظمة والمشاهد المروعة، تسربت اخبار الجثث والرؤوس المعلقة على جدران الوزارة وامام مداخلها وخلف محطة البانزين على مرأى ومسمع من عناصر حمايتك الذين يتلذذون برائحة الدم، فقُتل من قُتل، وخُطف من خُطف، وتحولت الوزارة الى مركز تجمُّع الاجهزة القمعية المنحلة وايتام النظام البائد والقتلة في شارع حيفا، حتى اختلط الرصاص بادراج الوزارة وملفاتها، وتحولت مع موظفيها الى رهينة مخطوفة لايصلها احد، اشبه بالخربة المهجورة التي تصفر في جدرانها الريح والجريمة، فيما تتردد اخبار زياراتك للسفارة الاميركية وهداياك التي تحملها من دار الازياء والمصاهر الفنية. ومن قاعدة حيفا بدأت تنطلق الاوامر الوزارية، بالغاء تعيينات الشخصيات الاستشارية الثقافية المهمة كالمفكر عبد الجبار الرفاعي، والمفكر محمد عبد الجبار، والمحقق صائب عبد الحميد، لتستبدلهم بأسماء لاتعرفها الثقافة ولاتعرف الثقافة، ثم تعاقبت المراسيم الوزارية بطريقة تشبه بيانات الانقلاب العسكري :- الامر 997 في 21/ 9/ 2006 يقضي بسحب السلاح من الوكيل وافراد حمايته!؟ الامر 8837 في 12/ 11/ 2006 يقضي بايقاف صرف الرواتب عن الذين لم يسلموا سلاحهم. فيما استولى افراد مكتبك وحمايتك على مخازن السلاح، وسحبوا 1400 قطعة سلاح منه. ثم صدر اعمامكم 7218 في 31/ 8/ 2006 بعزل الوكيل وتجريده من صلاحياته ومنعه من التوقيع على أي وثيقةٍ رسمية. ودعوتم لاجتماع مجلس الوزارة في بناية حيفا حصراً، مشترطاً الدخول من باب الكراج الخلفي، بدون سلاح او عناصر حماية (عدد 968 في 5/ 9/ 2006) مع أننا خلال ثلاث سنوات من عمر الوزارة نغيّر مكان الاجتماع حسب المتغيرات الامنية دون حصرها في مكان محدد، وعندما امتنعت عن الحضور تحت هذه الشروط، تم التعرض لمدير مكتبي بتاريخ 15/ 10/ 2006 بواسطة اربع سيارات من الملثمين بالضرب العنيف، ثم وضعوا طلقة في فمه، قائلين له هذه لجابر الجابري!


خلال ذلك تعاقبت كتب انهاء الخدمة والتعيينات الجديدة، لموظفين ومستخدمين وحراس، دون لجنة تعيينات او لجنة موازنة، في تجاوز صريح لتعليمات مفوضية النزاهة، واعمام مجلس الوزراء (م رن /50/1439 في 13/ 8/ 2006)، بل تم تعيين وكيل وزارة، انيطت به مسؤولية الدوائر المرتبطة بي شخصياً، ففي تاريخ 15/ 10/ 2006 العدد 8017 تم تعيين ستة وثلاثين موظفاً منكم على الملاك الدائم، دون اعمام للوكيل الاقدم، لتضيف الى البطالة المقنعة في الوزارة ارقاماً اضافية، بدلاً من تعيين اصحاب العقود الذين خدموا الوزارة في اصعب ظروفها واخطرها. ثم تعيين مئات الحراس من الطائفة السنية فقط دون النظر الى تزكيتهم او حاجة الوزارة لهم كما تم فصل اكثر من مائة حارس وانهاء عقود العشرات من ديوان الوزارة في الكتب رقم 14 بتاريخ15/ 1/ 2007 ورقم 528 بتاريخ 12/ 2/ 2007، كما تم التنسيب لبيوت ثقافية غير موجودة اصلاً في الرمادي، وصلاح الدين، والقائم، وحديثة، عشرات الموظفين والحراس في الكتب رقم 9158 بتاريخ 12/ 2/ 2006 و 9143 بتاريخ 12/ 12/ 2006 مع أن هذه الوقوعات بتواريخ متأخرة لتلافي قرار وزارة الداخلية القاضي بعدم التعيين بعد تاريخ 1/1/2007 بدليل عدم وجود وقوعات الرواتب في كانون الاول 2006، واللافت للانتباه أن الخارجين من الوزارة هم من ابناء الطائفة الشيعية والداخلين اليها من ابناء الطائفة السنية، في عملية اشبه بالتطهير الطائفي، كل ذلك، اقابله بالصبر والتحمل، حين يقف على باب مكتبي عشرات المظلومين والمضطهدين في وزارتي التي اتحمل مسؤولية وكالتها، والنيابة عن كتلة الائتلاف والطائفة المقهورة والمضطهدة، فأطلب منهم التحمل ايضاً، لأننا quot;الثاكلةquot; ولسنا quot; المستأجرة quot;، ونحن ارباب العملية السياسية واصحاب مشروعها الذي لابد له ان ينجح، ولو بعد حين، فأخرج الى المدن والقرى النائية، لأرعى حفلات الوزارة، ونشاطات بيوتها الثقافية، ولألبي الدعوات التي توجه لها، لكي لا يقال عنا اننا حفنةٌ من الجبناء نختبئ وراء المقاعد والطاولات والحواجز الكونكريتية تعرّضتُ خلالها لعدة محاولات اغتيال، فرفعت بذلك اسم الوزارة عالياً وبيّضتُ وجهها، بما امتلكه من تاريخ الكفاح والنضال والجهاد من اجل شعبي العراقي في الداخل والخارج وعلى مدى سبعة وعشرين عاماً ضد الدكتاتورية المجرمة، حيث قدّمت اهلي واخوتي شهداء على مذبح الحرية والكرامة، هذا في وقت لم تظهر انت يا سيادة الوزير في حفل او ندوة او مهرجان داخل بغداد فضلاً عن خارجها، لايستطيع حتى موظفوك من اللقاء بك إلا بعد اهانات يتلقونها من عناصر وضباط حمايتك الذين يغمرون الوزارة بمسدساتهم وثيابهم المرقطة، وصلت الى حد الضرب بالعصي الكهربائية، وبدلاً من التقدير والشكر لما اقدّمهُ للوزارة، فقد رفضت تقديم اية معونة لفعاليات المثقفين التي أعلنتها باسم الوزارة، بل امتنعت حتى عن امضاء quot;احتساب الخدمة quot; لي، كما فعلت في مؤتمر quot; ثورة الحسين قبس وهاجquot; في قلعة سكر بتاريخ 31/ 1/ 2007 حين اعلنت باسم الوزارة عن تقديم مبلغ مليون دينار، فلم تسمح بصرفه، كما لم تسمح بصرف ثلاثة ملايين دينار لمجمّع الشهداء التربوي الثقافي، في ناحية الفهود المحرومة، بعد ان حضرت بنفسي معهم في احتفالهم بذكرى عاشوراء، والأنكى من ذلك انك رفضت اقامة مهرجان عاشوراء في الوزارة، وهو الذي اقيم للمرة الثالثة في عهد الوزير مفيد الجزائري quot; الشيوعيquot; والوزير نوري الرواي quot; السنيquot; بدعوى انها طائفية، وقبلها كنت ادعيت أنّ صور شهيد العراق والاسلام ( كما ورد في المرسوم الجمهوري ) الامام محمد باقر الصدر تثير الطائفية فمنعت تداولها في الوزارة، ولو سلّمنا أن الشهيد الصدر الذي ضحى للسنّي والشيعي على حد سواء كان طائفياً، فهل كان الحسين طائفياً؟!، وهل للعراق واهله قيمة بدون الحسين؟، وهل ترانا قدمنا للعراق قطرة عرق فضلاً عن انهار الدماء لولا وجود الحسين في ترابه ؟
انني يا سيادة الوزير استحضر صورة الخليفة هارون الرشيد وهو يشير الى رأس ولده الامين ويقول : الملك عقيم لو نازعتني عليه لأخذت الذي فيه عيناك، ثم استحضر صورة صدام وهو يرمي بجثة صهره وابن عمه حسين كامل الى الكلاب، بعد أن نازعه الملك، ثم استحضر صورة دولتنا التي احكمتم قبضتكم عليها طيلة ثمانين عاماً حتى ملأتم ترابها من جماجمنا وعظامنا - حيث لم أعثر حتى اللحظة على عظام اخوتي الشهداء - ثم استحضر مجيئنا لكم، حين وضعنا رغيفنا العراقي بين ايديكم نقاسمكم ملحنا وعرقنا ودمنا لنصبح لكم وكلاء وانتم الوزراء، وليتك تدخل مكتبي فتجد سكرتيرتي quot;السنيةquot;، وحمايتي quot; السنّي quot;، ومسؤولة القلم quot; الفلسطينية السنيّة quot;، لعرفت كم هي المسافة بين مكتبك الذي طهّرته أنت من الشيعة، ومكتبي الذي طهرتُه أنا بالسنة وعندها تعرف قول الشاعر :
ملكنا فكان العفو منا سجيـة
ولما ملكتم سال بالدم أبطـــحُ
وحلّلتم قتل الاسارى وطالمـا
غدونا عن الاسرى نعفُّ ونصفحُ
فحسبكم هذا التفاوت بيننــا
وكـل إناءٍ بالذّي فيه ينضـــحُ