تطرح عقيدة تناسخ الارواح نظرية متماسكة مقرونة بشواهد واقعية تدلل على رؤيتها لمشاعر الحب والكراهية بين البشر، ومصدر قوة هذه النظرية يكمن في عدم وجود ما ينافسها من تفسيرات تشتمل على التأطير النظري المؤيد بوقائع الحياة.

وملخص تفسير عقيدة تناسخ الارواح لمشاعر الحب والكراهية هو ان المتحابيين والمتخاصميين مهما كانت الأسباب فأنهم سبق وان عاشوا في أزمنة وأمكنة اخرى قبل حياتهم هذه، والتقوا هناك وحصل بينهم علاقات الحب أو الكراهية.. وحينما تم أعادة خلق أرواحهم مجددا مرة اخرى وتصادفوا ثانية تعرفت أرواحهم على بعضها حدسيا من دون مقدمات وتكررت مشاعر الحب والكراهية.

فالعاشق دائما حينما يقع في الحب يقول عن محبوبته: كأنني أعرفها منذ زمن طويل... أنها قريبة الى نفسي وعقلي، والعاشقة تقول نفس الكلام.

والمتخاصمين من النظرة الاولى تشتعل في نفوسهم الكراهية والاحقاد من دون سبب، ويجد كل طرف في نفسه الدوافع القوية لمواصلة الكراهية وربما تدمير خصمه بغض النظر عن مدى وجاهة تبريراته من عدمها، ولايمكن ان تزول هذه الكراهية من النفوس حتى لو وجد المتخاصميين من الناحية العقلانية تفاهتها وعبثيتها.

طبعا يوجد فرق بين سوء الفهم او الغيرة والحسد أو تضارب المصالح، وكذلك بين محاربة الشر والأشرار وكراهية الظلم والباطل والانحراف عن القيم الاخلاقية الانسانية... وبين الكراهية والحقد العميق الذي ينفث سمومه بدوافع ذاتية تلقائية دون ان ينتظر المسببات أو يردعه العقل والقيم الاخلاقية !

وفي كلا الحالتين: الحب والكراهية يحصل الأستلاب والأستنزاف للمشاعر والفكر والعمر... واذا كان هذا الثمن مقبولاً في حالة الحب الذي نشعر فيه بالمسرات وراحة الضمير والمعنى لحياتنا، ولكن في حالة الكراهية لماذا نخسر مساحات من مشاعرنا وفكرنا، ونخسر اعمارنا أستسلاماً لمشاعر الكراهية؟!

خضير طاهر

[email protected]