نصت القاعدة ( 60 ) من قواعد الإجراءات وجمع الأدلة الخاصة بالمحكمة الجنائية العراقية العليا على أن تنفيذ الحكم وفقا لما منصوص عليه في تلك القواعد وأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية .
ووفق هذا فأن على المحكمة الالتزام بنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية بما لم يرد به نص في قانونها أو في قواعد الإجراءات الخاصة بها ، وتتقيد المحكمة في نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل، باعتباره القانون الذي ينظم عمل المحاكم الجزائية وخطوات العمل سواء في التحقيق أوالمحاكمة أوالتنفيذ وطرق الطعن والمدد الواجب الالتزام بها في تلك الطعون واكتساب القرارات والأحكام الدرجة القطعية.


أن نص المادة ( 16 ) من قانون المحكمة نص على سريان قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل، بالإضافة الى قواعد الإجراءات وجمع الأدلة الملحقة بالقانون والتي تعد جزءا لايتجزأ منه ومكملا له على الإجراءات التي تتبعها المحكمة.


ومن المعروف أن القانون الخاص يقيد القانون العام، إلا إن الإشارة الى أتباع المدد القانونية في الطعون في القانون الخاص بما وردت في القانون العام، يدل على الانسجام بين تلك القوانين، فلم يكن هناك اختلاف يذكر بين المدد وطريقة الطعن وآلية اكتساب القرارات والحكام الدرجة القطعية .
ولهذا فأن المادة 27 من قانون المحكمة أشارت في الفقرة أولا منها على تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الجنائية العراقية وفقا للقانون.


وأشارت الفقرة ثانيا على أنه لايجوز لأية جهة كانت بما في ذلك رئيس الجمهورية إعفاء أو تخفيف العقوبات الصادرة من المحكمة الجنائية العراقية العليا ، وتكون العقوبة واجبة التنفيذ بمرور ثلاثين يوما من تأريخ اكتساب الحكم أو القرار درجة البتات.


أن الأصل في تنفيذ أحكام الإعدام وفقا لما أورده الباب الثاني في المواد من 285 ndash; 293 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهي المواد التي تفصل الآليات والشروط التي تصاحب عملية تنفيذ الإعدام ، وتوضح كيفية التنفيذ والشروط الواجب الالتزام بها في التنفيذ مع تحديد هيئة التنفيذ التي يستوجب حضورها في عملية الإعدام.


وبمقتضى أحكام الدستور يحق لرئيس الجمهورية إصدار قرار بالعفو عن المحكوم بالإعدام وإعفاءه أو تخفيض العقوبة الى حد آخر، وفقا للفقرة أولا من المادة 73 ، كما نص الدستور وفقا لما حددته الفقرة ( ثامنا ) من المادة 73 على صلاحية الرئيس في المصادقة على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم المختصة.


غير أن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا تعارض مع هذه الصلاحية الدستورية ، وسحب صلاحية الرئيس في العفو أو التخفيف في العقوبات الصادرة منها على وجه التخصيص ، غير أن هذا النص لم يلغ نص الفقرة ب المادة 285 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي اشترط لتنفيذ حكم الإعدام صدور مرسوم جمهوري، حسبما أشارت المادة 286 منه انه بعد مصادقة محكمة التمييز للحكم الصادر بالإعدام فعليها إرسال اضبارة القضية الى وزير العدل ليتولى إرسالها الى رئيس الجمهورية لاستحصال المرسوم الجمهوري بالتنفيذ.


أن هذه النصوص لم تمنع أو تلغي صدور المرسوم ، لكنها قيدت رئيس الجمهورية بعدم إصدار قرار أو مرسوم بالإعفاء أو التخفيف.


ومن الجدير بالذكر إن مجلس قيادة الثورة المنحل كان قد أصدر قرارا برقم 840 بتاريخ 15/11/1988 أعتبر فيه الأحكام الخاصة بالإعدام و التي اكتسبت الدرجة القطعية واجبة التنفيذ بحق الأشخاص الذين صدرت بحقهم في جميع الجرائم دون الحاجة لمصادقة رئيس الجمهورية ، وعلى أن تتولى الجهات ذات العلاقة أخبار رئاسة الجمهورية بتنفيذ تلك الأحكام للاطلاع عليها ، وأعتبر القرار المذكور في حينه معدلا للأحكام الدستورية والقانونية ذات العلاقة ، ونشر القرار في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3408 في 21/11/1988 ، وبعد ذلك القرار بفترة وجيزة أصدر ديوان رئاسة الجمهورية كتابه المرقم ق/45575 في 13/12/1988 يقضي بإرسال الدعوى المحكوم بها بالإعدام حال اكتساب قرار الحكم الدرجة القطعية، وعلى أن تتخذ الإجراءات الخاصة بتنفيذ الإعدام خلال مدة شهر من تأريخ اكتساب قرار الحكم الدرجة القطعية ( مالم يتقرر اتخاذ إجراء آخر تبلغ به الجهات ذات العلاقة من قبل ديوان الرئاسة خلال المدة المذكورة ).


بعد سقوط صدام وحلول السلطة الجديدة صدرت العديد من القوانين والتشريعات حيث صدر أمر من رئيس الوزراء برقم 3 بتاريخ 8/8/2004 استثناء من حكم الفقرة ب من المادة 285 والمادة 286 من قانون أصول المحاكمات الجزائية يقضي بتنفيذ عقوبة الإعدام بعد موافقة ( رئيس الوزراء ) و ( بمصادقة مجلس الرئاسة )، ونشر الأمر في جريدة الوقائع العراقية العدد 3987 لشهر أيلول 2004، وتنفذ عقوبة الإعدام شنقا في داخل المؤسسة الإصلاحية أو أي مكان آخر وفقا للقانون وهو ما نصت عليه أصلا المادة 288 من قانون الأصول.


وعلى هذا الأساس سواء بالاستناد الى نص قانون أصول المحاكمات الجزائية أو الى التعديل الذي أجراه رئيس الوزراء، فأن التنفيذ يتطلب استحصال موافقة مجلس الرئاسة أو صدور مرسوم جمهوري من قبل الرئيس بالتنفيذ ، دون أن يحق لرئيس التدخل في إلغاء أو تعديل العقوبة ، ودون إن يحق لأية جهة كانت تلك الإجراءات.


غير أن ذلك أقترن بشروط أساسية وهي أن التنفيذ لايجوز في أيام العطل الرسمية المقررة للدولة العراقية، وكذلك في أيام الأعياد الخاصة بديانة المحكوم ، وإذا كانت المحكوم عليها حاملا يتم تأجيل الحكم حتى يصدر أمرا آخر، أو أن يتم التنفيذ فعلا بعد وضع الحمل بأربعة أشهر.

زهير كاظم عبود