إنه يوم بلا سركون. شيء لم يطرأ لحظة على ذهني، فهو حاضر حتى لو لم أره لسنوات. هناك عشرات النقاط التي تستحق ان يكتب عنها، لا أعرف من أين أبدأ وأين انتهي. وبسبب تراكم الندب عندما يموت شاعر، فكرت
من الإفضل ان لا اتكلم الآن، وأن لا استخرج من الصندوق الذييتضمن كل ما يتعلق بعلاقتي بسركون، سوى هذه الرسائل الأربع المستلة من فترة كان يعتبرها سركون أجمل فترات بحثه الشعري، الماضي الذي أصبح سحيقا، ولم تعد له حتى صورة جميلة بسبب مذكرات البعض. كما ان الكتابة عن سركون بولص لاتكتمل إلا بتناول موضوع الشاعر عراقيا: مجيئه إلى هذا العالم، نفيه أساسا في اللغة، قبل أن يكون على صعيد المكان... صراعه مع نفسه الموجه صراعا مع العالم. الكتابة عن سركون هي الكتابة عن الفلقة والحلم، عن الجرح الغائر في ديوان المصير العراقي.وفاة سركون بولص
في مطلع فترة اسميها quot;غياب السلطةquot;، أي بعد انقلابعبدالسلام عارف (تشرين الثاني 1963)على البعثيين، وبروز انفتاح ليببرالي نسبي قصير (1964 - 1968)، طفق عدد من الشعراء العراقيين الشباب آنذاك يبحثون عن مجالات يعبرون من خلالها عن أحاسيسهم الشعرية الطليعية آنذاك، أولا في الصحف العراقية اليومية، وثانيا في مجلات لبنانية. ولم يكن هناك مجلات تقبل جديدهم الشعري المختلف عما كان ينشر في quot;الآدابquot;، سوى quot;حوارquot; توفيق صايغ وquot;شعرquot; يوسف الخال. ومن بين هؤلاء الشعراء سركون بولص، فأخذ يرسل قصائده الى quot;شعرquot; والى quot;حوارquot; وقصصه أحيانا الى quot;حوارquot; وquot;الآدابquot;. لدي مجموعة من رسائل متبادلة بين سركون بولص وتوفيق صايغ، انشر منها، هنا، رسالتين من سركون بولص وجواببن من توفيق صايغ.. على أمل أن تنشر quot;إيلافquot; كل الرسائل حتى تلك التي كان يتبادلها القاص عبدالرحمن الربيعي مع توفيق صايغ.
8/4/ 1964 حضرة الشاعر توفيق صايغ المحترم |
5 ايار 1964 عزيزي الأستاذ سركون بولص، تحية وإكراما، وشكرا على رسالتك بتاريخ 8 نيسان الفائت وما جاء فيها من كلمات طيبة بخصوص مجلة quot;حوارquot;، التي آمل أن تظل تحظى برضاك ورضى امثالك من قرائها الواعين. وأشكرك أيضا على تكرمك بإرسال قصيدتك quot;شقاء خاصquot; ليجري نشرها في المجلة. وقد قرأتها بكثير من العناية والاهتمام ووجدت فيها عناصر عديدة جيدة وواعدة، وأرجو ألا يسؤك اعتذاري عن نشرها في quot;حوارquot;. وتقبل تحياتي وتقديري. توفيق صايغ |
عزيزي الاستاذ توفيق صايغ. تحية حارة وبعد. أبعث اليك بقصيدة quot;سيرة ناقصةquot; وأحب أن اوشر إلى شيئين منها: أولا، انني أقول في المقطع الخامس: quot;ومما امتلكت وأحببت: صارٍ عجوزquot;. وأنوه أن كلمة quot;عجوزquot;، حسب رأيي، أعمق وأكثر أصالة من كلمة quot;قديمquot;، في هذا المجال. فالصاري والحالة هذه، عجوز كما يكون إنسان ما. وثانيا، ان تعبير quot;سفينة موتيquot; قد تكون له صلة بقصيدة د. هـ. لورنس quot;سفينة الموتquot;، التعبير فقط وحسب، لأنني لا اذكر من قصيدة لورنس أي شيء، سوى عنوانها. ولا توجد ثمة علاقة أخرى. لا ادري، ولكنني لم أكن لأرتاح لو لم اشرح ذلك؛ ويبدو أنه لا حاجة لذلك. ولكن لا بأس على كل حال. وتقبل تقديري. 29/11/1965 المخلص سركون بولص |
27 كانون الاول 1965 توفيق صايغ |
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات