بعد ربيع الثقافة وتدخلات الإسلاميين
quot;عمر بن الخطابquot; أزمة جديدة في البحرين

مهند سليمان من المنامة: في الوقت الذي ما زالت فيه قضية ربيع الثقافة البحريني تتفاعل محليًا وعربيًا ودوليًا بعد إستعراض (مجنون ليلى) لمرسيل خليفة وقاسم حداد، شن الكاتب والروائي‮ البحريني ‬عبدالله خليفة هجومًا على ما أسماها quot;قوى الظلامquot; بعد أن أحالت إدارة المطبوعات والنشر في وزارة الإعلام عمله الروائي (‬عمر بن الخطاب شهيدًا‮) إلى وزارة الشؤون الإسلامية لمراقبته الأمر الذي إستغربه مثقفون ودفعهم للتساؤل عن الشروط التي‮ ‬سيخضع لها أو سيحاكم من خلالها هذا العمل الإبداعي‮ ‬كونه عملاً‮ ‬له شروطه الخاصة والبعيدة كل البعد عن منطقة إشتغال الشؤون الإسلامية‮.‬

الروائي‮ ‬عبدالله خليفة وصف القائمين على إجازة المطبوعات والنشر بأنهم محدودو الإطلاع والثقافة ومفتقدون لإمكانيات التلقي،‮ ‬كما أن تحديدات الواقع التي‮ ‬فرضتها اللعبة السياسية والتي‮ ‬أفرزت حالة عودة المد الرجعي‮ ‬للصدارة،‮ ‬دفعتهم إلى إعلان فشلهم في‮ ‬قراءة النص الروائي‮ ‬الذي‮ ‬كتبه عن‮ quot;‬عمر بن الخطاب شهيدًاquot; ‬هذا من جانب،‮ ‬كما أنهم أعلنوا من جانب آخر عن حالة الخضوع والرعب الذي‮ ‬يعيشون‮، ‬وأضاف الروائي في حديثه للأيام البحرينية أن ثمة فرقًا بين المتلقي‮ ‬المبدع والمتلقي‮ ‬الساذج والمحدد بآلية عمل وظيفية لا أكثر،‮ ‬مشيرًا‮ ‬إلى أن الرواية على عكس ما قرأوا فهي‮ ‬تبجل شخصية عمر بن الخطاب وتظهره بطلاً‮ ‬تاريخيًا ‬عبر سيرة فتوحاته و مواقفه من قضايا الناس والدفاع عنها.

وزارة الإعلام البحرينية دافعت عن نفسها عن طريق مصدر مسؤول في وزارة الإعلام، لم يذكر اسمه، وقال إن ما نشر عن أحالة كتاب quot;عمر بن الخطاب شهيدًاquot; ‬للمؤلف الروائي‮ ‬عبدالله خليفة إلى الشؤون الإسلامية،‮ بعيد عن الواقع والحقيقة وتضمن إساءات وإتهامات‮ ‬غير صحيحة، وذكر المصدرأن إدارة المطبوعات والنشر في وزارة الإعلام، كانت وما زالت تتبع الإجراءات نفسها التي‮ ‬نص عليها القانون بشأن إجازة المطبوعات والتي‮ ‬يعرفها جميع العاملين في‮‬هذا الحقل الثقافي‮ ‬وتأتي‮ ‬ضمن إلتزامها ومسؤوليتها عن تطبيق القانون وليس‮ إنسياقًا‮ ‬منها وإمتثالاً‮ ‬للخطابات الظلامية، ‬كما جاء في‮ ‬نص الخبر المنشور مع الأسف في‮ ‬الجريدة، وأعرب المصدر‮ عن أسفه لعرض الموضوع بصيغة خارجة عن مفاهيم الصحافة والثقافة بوجه عام لما إشتمل عليه الخبر المنشور من إساءة وتجريح لشخصيات معروفة بثقافتها وإطلاعها الفكري‮ ‬وللعاملين في‮ ‬قطاع المطبوعات والنشر في الوزارة.

الروائي كان له رد على ما صرح به المصدر المسؤول، حيث أعرب عن إستغرابه من رد وزارة الإعلام، في ما‮ ‬يتعلق بالإجراءات التي‮ ‬إتخذتها الوزارة بخصوص روايته‮، والذي‮ ‬شابه الكثير من الإرباك والضعف،‮ ‬خصوصًا وأن القانون الذي‮ ‬أشارت إليه إدارة المطبوعات في‮ ‬ردها بشأن إجازة المطبوعات كان أيضًا ‬عصيًا ‬على أفهامهم‮.‬

وأضاف أن إدارة المطبوعات لم تفرق بين كون النص الذي‮ ‬أمامهم،‮ ‬نصًا‮ ‬روائيًا ‬له لغته الخاصة المرتبطة بالحالة الإبداعية المتخيلة،‮ ‬وبين نص تاريخي‮ ‬يقدم خلاله منتجه جملة من السرديات التاريخية التي‮ ‬تثبت وقائع وتدقق في‮ ‬تفاصيلها من خلال إختبارها بمنطق علمي‮ ‬محض،‮ ‬مشيرًا ‬بالقول إن هذا النص الأخير هو ما‮ ‬ينطبق عليه القانون الذي‮ ‬يتحدثون عنه‮.‬

وأكد كان الأجدى بإدارة المطبوعات بعد أن أيقنوا أن إمكاناتهم في‮ ‬القراءة ضحلة ومحدودة إلى هذا الحد،‮ ‬أن‮ ‬يحيلوا الرواية إلى إدارة الثقافة والفنون،‮ ‬كونها الجهة المختصة،‮ ‬وفيها عدد ممن‮ ‬يعتد بهم في‮ ‬المجال النقدي‮ ‬والإبداعي،‮ ‬بدلاً‮ ‬من إحالتها إلى الشؤون الإسلامية.

عدد من الروائيين تضامنوا مع عبدالله خليفة، وقال الروائي‮ ‬فريد رمضان إن مثل هذه الخطوة تؤكد كل المخاوف التي‮ ‬كنا نخشاها كمثقفين،‮ ‬فما‮ ‬يحدث الآن من مصادرة للحريات الإبداعية إنتقل من حيز المخاوف إلى حيز الواقع التجسيدي‮ ‬لكل أصناف القمع والإرهاب الفكري، ‬متسائلاً‮ ‬في‮ ‬الوقت نفسه‮: quot;ماذا‮ ‬يعني‮ ‬أن تتخلى وزارة الإعلام عن دورها وتحيل عمل الروائي‮ ‬عبدالله خليفة‮ (‬عمر بن الخطاب شهيدًا) ‬إلى جهة ليست معنية بالثقافة وبعيدة عن الشأن الإبداعي؟‮ محملاً‮ ‬إياها ومجلس النواب مسؤولية تدمير التاريخ الفكري‮ ‬والحضاري‮ ‬للبحرين‮، مشيرًا ‬إلى أن خطورة ما تعيشه المملكة الآن لا‮ ‬يقل خطورة عن فترة‮ (أمن الدولة‮) ‬بل‮ ‬يكاد‮ ‬يكون أكثر بكثير من حيث القوة التدميرية لكل ما حققته البحرين من مكتسبات ثقافية وحضارية‮.