الأمثال المراكشية quot;أربعة آلاف مثلquot;
كتاب جديد للشاعر اسماعيل زويريق

زويريق فؤاد من هولندة:
في حلة أنيقة أصدر الشاعر اسماعيل زويريق كتابه الجديد quot; الأمثال المراكشية quot;عن دار وليلي للطباعة والنشر بمراكش. يضم هذا الكتاب أربعة آلاف مثل، من الأمثال المتداولة في الوسط المراكشي، ولعله أكبر مجموع استطاع أن يجمعه جامع، ممن اهتموا بالحكم والأمثال الشعبية المغربية،وقد جاء في التقديم quot;وما أظن أن هذا العدد قد حصر كل ماهو متداول بين أسوار مدينة مراكش. فقد توصلت بعدد آخر والكتاب تحت الطبع quot;، وهذا يؤكد أن مابين دفتي هذا الكتاب لم يحط بكل ماهو رائج. يتكون الكتاب من 232 صفحة من الحجم المتوسط، وقد قسمه إلى أبواب، كل باب يتعلق بحرف من الحروف الأبجدية التي يبتدئ بها المثل المدرج في الكتاب.
و أرى أن هذا الكتاب يعد فريدا من نوعه، قياسا بما سبقه من المؤلفات في هذا الشأن.تلك التي لم تستطع أن تصل الا الى نصف هذا العدد أو يزيد قليلا. فالإحاطة بكل ماهو متواتر من الأمثال الشعبية قد يحتاج إلى لفيف من الباحثين. و إن كان هذا لا يقلل من شأن هذا الكتاب و لا من شأن ما ألف في هذا الصدد. إذ تناول البحث فيه كثير من الأساتذة بعد الإستقلال، لعل أولهم هو محمد الفاسي ببحثه القيمquot; الأمثال المغربية باللغة العربية العاميةquot;. الذي نشره سنة 1961 في مجلة تطوان، وتبعه بعد ذلك آخرون أمثال الأستاذ عبد القادر زمامه. وعبد القادر الخلادي ومحمد اشماعو و ادريس دادون وغيرهم.
ومما جعل هذا الكتاب متفردا في مضمونه أن صاحبه لم يدرج إلا الأمثال التي سمعها من أفواه ساكنة مدينة مراكش على اختلاف طبقاتها لاسيما أبناء المدينة الأهلية من كهول و شيوخ و عجائز و من حرفيين و صناع و تجار، وقد اضطره هذا الاختيار إلى أن يقضي في جمعه متنه أزيد من ثلاثة عقود. وقد ذكر في التقديم أن هذا الجزء خصصه للمتن فقط، أما الدراسة وما يتعلق بالمثل- مصدره وسبب وضعه وموضوعه وصيغته وأصله وما يتناوله من مشاكل ومعانيه البعيدة ومراميه القصية - فسيأتي في كتاب أخر خاص. ومن مقدمة الدراسة اختار هذا المقتطف الذي وضعه في الصفحة الرابعة من الغلاف
quot;.......وإنما الكلام لا يتعزز إلا بشاهد، والحديث لا يتقوى إلا بمثل، وبذلك يسلب ثقة السامع، إذ يضع به حدا للجدال، ويقطع به كل ما يبتعد عن الجادة به ولا يفري الحديد إلا الحديد، وكذلك لا يفري المثل إلا مثل أقوى منه وأصلب وأبعد غورا، ولذا نرى في كلام الشيوخ والعجائزما يثير في نفسك العجب كل العجب، ويدعوك إلى الأخذ بآرائهم أخذ الواثق، ولا يسعك أمام ما يبدون من أمثال صائبة.موافقة لمقتضى الحال إلا الإذعان. لا مدارا ة وإنما ترحيبا. و لا مجاراة وإنما إيمانا و اقتناعا. فللمثل وقع شديد في النفس وأي وقع، والمثل المناسب في الوقت المناسب، لا تعدله حجة ولا ينافسه شاهد......quot;
ومن المؤكد أن هذه الأمثال تصور الكثير من ملامح تراثنا القيم تصويرا حقيقيا، و تعبر عن واقع أسلافنا تعبيرا صادقا، بعيدا عن كل تزييف غير خاضع لأي تحريف، إذ هو أصح ما وصل إلينا من الآداب مشافهة أبا عن جد و ولدا عن أب. لم تتدخل في نقله إلينا أهواء المؤرخين و لا الكتاب. و رغم ما جمع منها لن يكون إلا غيضا من فيض. إذ لا يمكن أن يأتي على كل ما تزخر به بيئتنا الثقافية من تراث شفوي ترسخ في ذاكرة المدينة. ولكن ما استطاع أن يجمعه في هذا الكتاب سيكون مرجعا هاما للباحث والقارئ معا. فالإنسان المراكشي ينذر أن يتحدث معك في حديث عابر، أو حوار مطول دون أن يضرب لك مثلا بليغا يفرضه مقتضى الحال. أو دون أن يستشهد لك بحكمة صائبة، حتى أصبح هو مضرب المثل في ذلك quot;مراكشي واش من مراكشي quot;، وقد ذكر لي صاحب الكتاب أنه يتوفرعلى أزيد من ألف مثل آخر غير وارد في هذا المجموع. و هو ما يدعوه إن عاجلا أو آجلا أن يردف هذه الطبعة بطبعة ثانية و لا أشك في أن هذا الكتاب القيم سيلقى رواجا خاصا لقيمته العلمية وحاجة ذوي الاختصاص إليه و عدم غنى كل متحدث باللهجة الدارجة عنه.