ازادوهي صومائيل: لم يضف لي اي شيء ولا ذرة من مرح او سعادة ابدا

عبد الجبار العتابي من بغداد: كنا قد نشرنا في (ايلاف) رغبة الممثلة المسرحية العراقية الرائدة ازادوهي صومائيل بالمشاركة في مهرجان قرطاج المسرحي لاسيما انها تحمل اكثر من خمسين سنة مسرح، وبالفعل تحققت امنيتها وتمت دعوتها وسافرت، ولكن ثمة انثيالات نفسية وهواجس عديدة سبقت ورافقت هذه الرحلة الى قرطاج اعلنتفيها ندمها لسفرها،ومن اجل معرفة هذه الانثيالات التقيناها حيث قالت اولا: واخيرا وصلت قرطاج، وابارك جهود الذين دعوني اليه وليس من السهل ان تتم الدعوة وانا اعطيهم العذر اذا ما نسوا او تناسوا خلال تلك السنين لانهم من المؤكد واعون ويعرفون الذين يدعونهم وقيمة كل واحد منهم، وربما تتدخل امور ادارية او مالية او ان القرار ليس بيدهم، وهذا الذي من الممكن ان يؤثر على تكريم او تتويج الفنانين العراقيين ولدينا العشرات من المبدعين الذين بذلوا الكثيرمن اجل المسرح وما زالوا مركونين، فهؤلاء في داخل العراق لم يجدوا من يقيمهم فكيف نطلب من الاخرين ذلك.

* هل كنت سعيدة بالدعوة؟
- اصارحك بحقيقة هي انني قبل يومين من السفر رفضت الذهاب الى قرطاج، شعرت انني اعطيت القضية اكثر من اللازم، وندمت على كل دقيقة امضيتها في التفكير في التكريم والتتويج والسعي الى قرطاج، وقد بعثت عشرات الوثائق وانتظرت لمدة عشر سنوات حتى جاءت الدعوة، لاادري من زرع في ذهني هذه الفكرة، ربما العراقيون المتواجدون هناك الذين طلبوا مني ذلك بقولهم: (انت تستحقين)، قبل السفربيومين صار عندي الهاجس، لااعرف، انغلقت كل الابواب في ذهني وقلت (ماكو داعي ان اذهب)، فما وجدت مبررا واحدا للسفر، حاولت الاتصال بالزملاء الذين يرافقونني والاعتذار لكنني ما وجدت الى ذلك سبيلا، وبالتالي سيطرت علي الكآبة، وتحول الموضوع عندي من حالة فرح الى اداء واجب، كان هاجسي الوصول الى قرطاج كممثلة، وقد هبطت الرغبة عندي درجة بعد درجة ومن ثم (اقفلت) تماما.

* ولكن قرطاج كان حلما لك؟
- نعم كان حلما، وحين اصبح الذهاب حقيقة، لم يكن ذات اهمية بالنسبة، في لحظة .. استحضرت الـ (50) عاما، وتساءلت مع نفسي: لماذا يستهلك الانسان نفسه من اجل حلم، وهو هو قد تحقق وماذا بعد، ماذا سيضيف لي؟

* ما الذي اضاف لك حضورك هناك؟
- لم يضف لي اي شيء ولا ذرة من مرح او سعادة ابدا، بل انني شعرت بالندم، بعد ان استلمت (التمثال)، لم اشعر بالفرح، لم يكن مكان التكريم كالمكان الذي تخيلته، والفنان مخيلته جامحة، ربما يتصور اشياء ليست كما هي في الحقيقة، وفوجئت وتألمت، انا قطعت آلاف الاميال وفكرت لعشر سنوات ومن ثم ماذا، لم تكن العملية مثل تخيلي، لم يتحقق من خيالي شيء، العملية كانت متعبة ومضنية،فعندما يكون التكريم للعشرات لايكون له طعم،كان من المفروض ان يكون لخمسة يستحقون، وفي مكان ينتبه اليه الجميع وليس في زاوية وعلى موائد طعام.

* ما الذي لم يعجبك؟.
- كانت تعرض في اليوم الواحد عشرة عروض من الثالثة الى التاسعة مساء، وهي متوزعة على على عدد من المسارح ولااعرف كيف يمكن مشاهدة هذا العدد، فأقصى طاقة للمشاهدة هي ثلاث مسرحيات، واية فائدة فيها، انا اعرف ان الانسان غالبا مايشاهد مسرحية واحدة في الشهر حتى يتأملها جيدا، اما ان نركض من هذه القاعة الى تلك القاعة فصعب، واحيانا نجد الابواب مغلقة.

* ربما لان احدا لم يعرفك؟
- على العكس كنت معروفة لديهم حتى ان فنانة قالت عني في احدى الندوات (انك جان دارك العراق) وعرفت انهم شاهدوا لي اعمالا.


* الم يكن يستحق التكريم في قرطاج السفر والتعب؟
- بصراحة.. لا يستحق، انا مكرمة من ناسي في بلدي، واعطيت ما اعطيت وضميري مرتاح، هذا كافي للانسان،وماذ ا اطمح اكثر منه، نحن ما زلنا نحفر في ارضنا لكي تأكل الاجيال من بعدنا، مازلنا فلاحين وبهذا الهاجس نعمل، كنت مخطئة في تفكيري وانشغالي.

* هل ثمة شيء راودك وانت هناك؟
- كنت اتمنى ان امثل على خشبة المسرح، المهم ان اكون عاملة على الخشبة، كانت رغبتي ان امثل واريهم انموذج من اداء ممثلة على المسرح، طوال هذه السنين انا منشغلة بالمسرح، وللاسف انا لم اذهب لأمثل، وهذا هو هذا هو بيت القصيد، شعور الممثلة طغى، كنت اتمنى ان تشارك مسرحية (نساء الحرب)، فأنا لم اشاهد مسرحيات ارقى اخراجا مما في نساء الحرب، وبالفعل في قرطاج كنت اتحسر على الخشبة، فالمهرجان مهم وعمليا مهم ايضا ولكن يبدو ان ادارة المهرجان لها وجهة نظر اخرى ولم تشارك المسرحية.

* وبعد العودة الى بغداد، ما الهاجس لديك؟
- قبل السفر بثلاثة اسابيع رفضت عملا، ولكن الان اغلقت كل الطرق التي تؤدي الى رغبة حضور مهرجان، انا اريد ان اعمل، وهذا هو المهم.