عبدالله زايد لـquot;إيلافquot;: سأقاضي وزارة الثقافة لمنعها quot;ليتني امرأةquot;
دارين ابراهيم: أعلن الكاتب والروائي السعودي عبدالله زايد، في حوار خاص مع quot;إيلافquot;، أنه سيتجه للقضاء السعودي ويحرك دعوى أمامه بعد منع روايته quot;ليتني امرأةquot; من دخول الممكلة، والمشاركة في معرض الرياض للكتاب الذي اختتم دورته منذ وقت قصيرة، فيما شاركت الرواية في معرضي أبوظبي والبحرين.
وتدور الرواية حول شخص سعودي ضاع في الصحراء ليعيد اكتشاف نفسه فيها، وتستعيد ذاكرته مواقفه المجحفة بحق النساء عامة، وبناته بشكل خاص. لاحقا سيكتشف أن أولاده لم يسألوا عنه أثناء ضياعه فيما كافحت بناته بحثا عنه. هذا الرجل كما توضح الرواية وبعد أن يكتشف موافقه الخاطئة ضد المرأة، ضاع في الصحراء ولكن وجد نفسه أخيرا في قلب النساء وهن بناته، فتمنى أن يكون امرأة. الرواية صدرت عن الدار العربية للعلوم في بيروت حديثا.
quot;إيلافquot; التقت الروائي عبدالله زايد وأجرت معه الحوار التالي:
ماهو مصير روايتك quot;ليتني امرأةquot; بعد أن تم منعها؟
أتجه لرفع شكوى لولي الأمر وللقضاء ولن أترك بابا من أبواب العدالة والإنصاف إلا وسأسلكه وأسير إليه، والحمد لله أن القيادة في وطني تمنحني هذا الحق، بل يتم تشجيعي، وهذا أسلوب حضاري ونحن نطبقه في بلادنا، وإذا لم ألجأ لمقام خادم الحرمين الشريفين وللقضاء فلمن أذهب؟ أنا مؤلف وكاتب سعودي، فكيف يكون مقبولا أن تتداول أعمالي في الخارج وفي وطني أكون مبعدا وممنوعا ومنزويا...
والدعوى على وزارة الثقافة؟
أنا لدي أمل كبير في تدخل وزير الثقافة الأستاذ إياد مدني، إلا أنني لن أتردد أبدا في المطالبة بحق من أبسط حقوقي في حال تم الاستمرار في عدم منح عملي الروائي الفسح والإذن.. وهي أيام وسأبدأ في الإجراءات القضائية ضد إدارة المطبوعات وهي الجهة المخولة بمنح الإذن للكتب، وهي مع الأسف تتبع وزارة الثقافة.
ماذا عن نجاح روايتك في أبو ظبي والبحرين؟
وصف الناشر حركة الرواية بأنها مشجعة وأنها وجدت اهتمام وإقبالا، رغم أنها لم تكمل شهرين، وهذا التصريح أسعدني جدا، وكأن الرب أراد أن يعوضني عن خيبة أملي وما كنت أمني به نفسي في معرض الرياض للكتاب، الذي كنت شديد الحرص عليه فقد كان عدم وجود رواية quot;ليتني امرأةquot; في المعرض صدمة حقيقية، ولكن لا أخفيك أن الذهول تملكني أن هناك من تردد في فسح هذه الرواية ومنحها الإذن لتكون في معرض الرياض للكتاب.
لماذا في رأيك تم منع عملك quot;ليتني امرأةquot;؟
لأن رواية quot;ليتني امرأةquot; صادقة وواضحة، لأنها رواية من صميم الألم، ومن أوساط الحزن، ومن أعماق الهم، لأنها شديدة الوطنية لدرجة الخوف على وطني الحبيب.
توقف رقيب إدارة المطبوعات أمام رواية quot;ليتني امرأةquot; وعدم التوقيع على حريتها وميلادها في بلادي ووطني، ليس لأنها تناقش قضية قيادة المرأة للسيارة في السعودية، هذا تسطيح، فصحفنا يوميا تناقش هذا الموضوع، لكنه توقف عن توقيع قرار حريتها لأنها تفوقت عليه وعلى ثقافته، لأنه لم يفهم حروفها ولم يدرك عمق رسالتها وقضيتها الحقيقية.
هل أنت متفائل بدخولها يوما للسعودية؟
لا يخالجني الشك أبدا بأنه سيأتي اليوم الذي سيتم السماح لها بدخول السعودية والوجود على أرفف المكتبات، هذه الثقة أستمدها من الله أولا، ثم من عمق معرفتي بحكومتنا بقيادة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي سيشهد التاريخ، أنه هو الذي أطلق الحوار في السعودية، ودعا إلى ثقافة الحوار وتنميته ورعايته، وهذه القيادة لن ترضى بأن يتعرض أي من أبنائها للظلم والإجحاف ومصادرة حق من حقوقه.

كيف ترى المشهد الروائي الحالي الآن في السعودية؟
لو عدنا بالذاكرة للسنوات العشر الماضية أو لخمس عشرة سنة سنرى الملاحق الثقافية والمقالات، تبحث عن أسباب بطء حركة التأليف لدينا وتراجعها، كذلك سنجد من يناقش تعثر النشر ومشكلاته والطغيان المادي.. توجد دراسات في هذا السياق.. مع الأسف عندما جاء عام 2006 صدم المجتمع السعودي برمته من الروائيين ومن أعمالهم.. ولكن المعضلة الحقيقية أن المؤسسات الثقافية نفسها كان صعبا عليها أن تستوعب هذا الحراك الثقافي، فتبرأت منه، ووضع جميع الروائيين السعوديين في سلة واحدة وتم تجاهل تجربتهم وانهالت عليهم السخرية والتهكم، هذا هو المشهد من جانبه الذي يفترض أن ينتمي له الروائيون.
برأيك كروائي سعودي ما هي أبرز مشكلة تواجهكم؟
المعضلة الأشد والأقسى جاءت من فئة في المجتمع تضيق بالآخر ولديها إرثها في محاربة الحراك الاجتماعي والثقافي، وهي تملك أدوات الإقصاء ومفردات القذف واللعنات والاتهامات، وهي لم تدخرها أو توفرها، بل استخدمتها بكل خبرة ودراية وتنظيم.. هذا هو المشهد.. أعود لأقول إنه كان يجب على المؤسسات الثقافية أن تبدأ في وضع خطط لاستيعاب هذه الحركة الروائية السعودية واحتوائها وتشجيعها وعمل ورش ومنتديات وملتقيات ثقافية، تتم خلالها استضافة هؤلاء الروائيين وإعداد دراسات نقدية حقيقية لمنتجهم. مع الأسف كان التجاهل هو أبسط الحلول..
وموقف الحكومة؟
حكومتنا وفرت الإمكانات المادية والمعرفية والبشرية، ففي السعودية نحو أربعة عشر ناديا أدبيا موزعة على مختلف مناطق ومدن وطني الحبيب، لو كل ناد من هذه الأندية الأدبية استضاف روائيا أو روائية أو أكثر على فترات زمنية مختلفة وأقام ندوات ثقافية، وعمل حوارات ونقاشات، لكنا سنرى المشهد الروائي السعودي في المستقبل القريب أكثر نضجا وأكثر احترافية وأكثر إبداعا ومسؤولية.
هل هذا يعني افتقار العمل الروائي للإبداع؟
هذا لا يعني أن هذه الأعمال الحالية تفتقر للإبداع، إنما ستكون المؤسسات الثقافية قد قامت بدورها في خدمة المثقف ومنتجه وقامت بواجبها في دعمه ومنحه التشجيع الذي يستحقه وقبل كل هذا قامت بحمايته.
ونظرتك لسمعة الروائي السعودي عربيا؟
مع الأسف وأقولها بحزن بالغ إن هذا التبرؤ القاسي الذي تحدثت عنه سابقا وجٌه رسالة مشوهة عن كل روائي سعودي لدى الأوساط الثقافية في مختلف أرجاء الوطن العربي، حتى بتنا نسمع تعليقات التهكم مثل من يسميها بتسونامي الرواية السعودية.. وهناك من يؤكد أنها ظاهرة سرعان ما ستختفي، وثالث يجدها فقاعة صابون، فعلا غريب أن يتخلى وطن ومجتمع عن تقدم في مجال من أهم المجالات الحضارية وهو مجال التأليف والنشر ونحن نعلم أن كثيرا من دول العالم الأكثر تحضرا تدعم بقوة أي حركة ثقافية لديها، بل تحاول أن تنشرها.
هل واجهت مشاكل مع روايتك الأولى quot;المنبوذquot;؟
أكاد أجزم أن لدى كل روائي سعودي وروائية تجربته المريرة المؤلمة، لكن حتى لا يُقال إني أتحدث على لسان الآخرين سأضرب مثالا بروايتي الأولى quot;المنبوذquot; وجدت احتفاء وإعلانا من وسط المكتبة الوطنية في العاصمة الإسبانية مدريد، واستضافتني جامعة في مدريد لإلقاء كلمة بين طلاب وطالبات قسم اللغة العربية للحديث عن هذه الرواية، وكتب عنها عدد من النقاد العرب، والآن سيعلن عن صدور ترجمتها باللغة الإسبانية بتقديم من الروائية الإسبانية الشهيرة روسا ريغاس، وقام أحد الطلاب في الجزائر بعمل دراسته لنيل درجة الماجستير عن رواية المنبوذ.. ماذا حدث في وطني الحبيب؟؟!!!
من هو الروائي السعودي المثل الاعلى بالنسبة لك؟ ولماذا؟
الراحل عبدالرحمن المنيف، أما لماذا؟ فلأنه إنسان أصدقه، لأني أشعر بكلماته تدخل إلى قلبي مباشرة، لأن كلماته تبكيني، وتؤثر في كياني وتهزني،- الذي لا يصدقني فليقرأ لوعة الغياب - لأن كلماته تجعلني أدرك الأبعاد الحقيقية لكوني إنسانا، لأن كلماته تمنحني معرفة أنني أكسب كثيرا لكوني إنسانا عاديا بسيطا فقيرا متواضعا، وهي معرفة نحن في أمس الحاجة لتصديقها، لأنه روائي متميز، أتمنى أن يكرمه وطني، وأضم صوتي للنخبة الثقافية التي دعت إلى أن يحمل أحد شوارع العاصمة الحبيبة الرياض اسم: الروائي عبدالرحمن المنيف.. تكريما له واعترافا بأنه رائد من رواد الرواية السعودية والعربية.

لماذا يلجأ معظم الروائيين السعوديين للطباعة خارج السعودية؟

أعتقد ان هناك جملة من الأسباب، لكن لعل من أهمها الخبرة الكبيرة لدور النشر خارج السعودية، وحرصها على المشاركة في المعارض الدولية التي تقام في مختلف عواصم العالم، وهذا جانب يهتم به المؤلف السعودي، كذلك المؤلف السعودي لا يجد اهتماما من دور النشر في السعودية، وفي الحقيقة يوجد سبب لذلك وهو أن معظم دور النشر داخل السعودية معظمها وليس جميعها تهتم بطباعة المنتج الديني، ولا تلتفت للكتب الإبداعية مثل الروايات او المجموعات القصصية، وبالتالي فإن المؤلف السعودي حتى ولو طبع كتابه داخل السعودية، فقد يجد معضلة في مسألة التوزيع، الطباعة خارج السعودية تمنح المؤلف السعودي خيارات متعددة.

خيارات.. مثل ماذا؟
يضمن وجود منتجه الإبداعي في مختلف المكتبات داخل وطنه وأيضا يضمن وجوده في مختلف المعارض والمحافل، لكنني أري أن مثل هذا التوجه لن يستمر، حيث بدأنا نسمع عن مشاريع دور نشر سعودية ناجحة تريد الحصول على نصيبها في هذا المجال، وهذا التوجه طبيعي أمام نجاح المؤلفين السعوديين وانتشارهم، وكذلك إقبال شرائح كبيرة في المجتمع السعودية على القراءة، خاصة الإبداعية والفلسفية.
هل تحقق لكم أعمالكم ريعا ماديا؟
ذلك المكسب المادي الكبير، الإجابة ستكون.. لا... يوجد مردود مادي بطبيعة الحال، لكنه ليس كبيرا، وفي ظني أن كثيرا من المبدعين وهم يؤلفون ويكتبون لا يلتفتون لمثل هذا الجانب، لأن حماسهم ينصب بان تصل رسالتهم لمجتمعهم، وأعتقد أن هذا هو الذي يسيطر على تفكيرهم بشكل أعظم. ولعل في هذا رد على من يتهم المبدعين السعوديين برغبة الانتشار من أجل المكسب المادي.