العلاقات المغربية السعودية في عهد الملك فهد
قطاعات السياحة والطاقة والعقار تحظى بالأولوية


أحمد نجيم منالدار البيضاء

خلال سنوات حكم الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، بلغت العلاقات المغربية السعودية نموذجا يحتذى به في العلاقات العربية العربية، على الصعيد السياسي. اقتصاديا كان حجم المبادلات التجارية بين المملكتين في العام 2003 يصل إلى حوالي 7 ملايين دولار اي7,43 مليارات درهم، وهو ما يمثل 3،4 في المئة من مجموع المبادلات التجارية للمملكة المغربية مع الخارج.


في سنة 2003 استورد المغرب من السعودية ما قيمته 6،86 مليارات درهم، حوالي 7 ملايين دولار، ولم تتجاوز الصادرات المغربية نحو السوق السعودية 574 مليون درهم مغربي.


ويوجد الرأسمال السعودي من بين رؤوس الأموال العالمية التي اختارت المغرب للاستثمار، ففي العام 2000 بلغت الاستثمارات حوالي 15 مليون دولار، وخصت بالأساس قطاعي السياحة والعقار والطاقة. غير أن هذه الأرقام تضاعفت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.


وكان العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز شجع كثيرا المستثمرين السعوديين على الاستثمار في المغرب، وفي هذا السياق أنشئت في العام 1992 الشركة السعودية المغربية للاستثمار الإنمائي، كما أنشئت لجنة مغربية سعودية تضم بالأساس رجال الأعمال من البلدين وعقدت هذه اللجنة أولى اجتماعاتها في العام 2003، ثم بدأت اجتماعاتها لإبرام اتفاقية لتبادل الاعفاء الضريبي على نشاطات ومعدات النقل الجوي بين البلدين في ظل اتفاقية تبادل الإعفاء من الضرائب.


من ناحية الاستثمارات، قال السعودي المقيم في المغرب علي باجابر، الكاتب العام لنادي المستثمرين العرب، إن الاستثمارات السعودية في المغرب شكلت وتشكل نموذجا للاستثمارات الأجنبية في المغرب. ففي ميدان الطاقة، ذكر بمجموعة لاسامير" التابعة لمجموعة "كورال"، إذ استثمرت 400 مليون دولار في تكرير البترول في المغرب، ووقعت قبل أسابيع مشروعا استثماريا يصل إلى 700 مليون دولار لتحديث المصفاة وعصرنتها، وهو من المشاريع الكبيرة في المغرب.


في مجال الصناعة، يقول باجابر، إن المستثمر السعودي بدأ يهتم بقطاع التغذية في المغرب، ومن الشركات الجديدة في المغرب شركة "صافولا" السعودية، إذ أنشأت قبل سنة ونصف مجمعا ضخما للزيوت في برشيد، قرب مدينة الدار البيضاء. ، وهي من أكبر شركات التغذية في العالم العربي، منذ سنة ونصف.


ويحظى القطاع السياحي بأولوية خاصة من قبل المستثمرين، وفي هذا السياق يذكر باجابر بمشاريع "لاسامير" بامتلاكها غالبية أسهم "أمفتريت بلاص" في الصخيرات، وفندق "الميريديان"، قيد الإنشاء في الدار البيضاء لصاحبه عبد المجيد أبو الجدايل، بالإضافة إلى مشاريع سعودية أخرى ك"فندق موفمبيك" في طنجة وقصر المؤتمرات محمد السادس في الصخيرات وفندقي "كامبانسكي" بأكادير ومراكش، بالإضافة إلى استثمارات "دلة البركة" في مدينة أكادير.
وتنشط الاستثمارات السعودية كذلك، في قطاع الدواجن والقطاع العقاري من خلال مجموعة "بلادي" التابعة ل"الشيخ بن إبراهيم السعودي، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في قطاع السيارات ك"سوزوكي المغرب" التابعة لمجموعة "بامعروف" وشركة "هيونداي" التي تملكها "بقشان"، ومجموعة "نسك للاستثمار" التي تملك محلات للماركات العالمية في الملابس.


وفي النقل السياحي، يقول باجابر، تملك شركة سعودية "ماجيستيك ليموزين". وفي قطاع الإعلام يملك الصحافي عثمان العمير أكبر مؤسسة إعلامية في المغرب، وهي مجموعة "ماروك سوار" التي تصدر أربع صحف وتملك مطابع في الدار البيضاء.
لم يقتصر الأمر على الشق الاقتصادي والمالي بل شمل الميدان الثقافي والتعليمي، فخلال عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز خرجت إلى النور أهم مكتبة مغربية متخصصة في الغرب الإسلامي والأندلس، وهي "مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود" في عين الذئاب في الدار البيضاء.


تجاوز رصيد مكتبة المؤسسة الوثائقي 220 ألف مجلد ونظامها الإعلامي 140 ألف تسجيلة بيولوغرافية. وبلغ عدد روادها ما يفوق عشرة آلاف باحث وطالب خلال عام 1996.وهناك تنسيق بين مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض ومؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية في الدار البيضاء.هذه المؤسسة تمولها العربية السعودية.

وكان النموذج الواضح لهذا التعاون، جامعة "الأخوين" في إيفران، فبعد حادث تسرب بقعة زيتية من الباخرة الإيرانية "خرج 5"، كان الملك فهد بن عبد العزيز أول من أعلن مساعدته للمغرب، فأرسل مبلغا ماليا كبيرا لمساعدة المغرب، غير أن الرياح البحرية نقلت البقعة إلى خارج المياه الإقليمية المغربية، ليقرر الملك المغربي الراحل الحسن الثاني تشييد أول جامعة خاصة في المغرب، أطلق عليها "جامعة الأخوين" في كانون الثاني (يناير) 1995 في إشارة إلى الملكين الأخوين، الملك فهد والملك الحسن الثاني.
وظل المغرب لسنوات فضاء تقضي فيه الأسرة السعودية الحاكمة عطلها، خاصة في مدن أكادير ومراكش والدار البيضاء.