أطفال العسكر ينتظرون كسوة وخروف العيد
حركة تجارية خجولة وزينة معدومة في قطاع غزة


سمية درويش من غزة


حركة تجارية خجولة وزينة معدومة ... هذا ما بدت عليه مدينة غزة وضواحيها مع اقتراب عيد الأضحى المبارك ، جراء الأوضاع المعيشية الصعبة وتدهور الحياة الأمنية ، في حين مازال أطفال العسكر الفلسطيني ، بانتظار خروف العيد ، وكسوتهم الجديدة وسط حيرة وخجل الكبار. أفراد قوى الأمن الفلسطيني ، الشريحة الأكثر تضررا في قطاع موظفي السلطة ، حيث لم يتسلموا منذ آذار quot;مارسquot; الماضي سوى 5 سلف كان أكبرها 300 دولار ، مما سبب لهم أوضاعا معيشية صعب ومقلقة وديون متراكمة على دفاتر quot; البقاله والجزار والخضرجيquot; ، ناهيك عن كونهم مطلوبين للعدالة في بيوت الكهرباء والماء والاتصالات لعدم تمكنهم من تسديد مستحقاتهم المالية مقابل الإنارة ، وروي العطش ، التمتع بالحديث مع الأصدقاء والأحبة . وكانت نقابة العاملين في الوظيفة العمومية ، قد اتهمت الحكومة الفلسطينية التي تسيطر على مقاليدها حركة حماس ، بتهميش العسكر الفلسطيني ، وعدم معاملتهم أسوة بباقي موظفين السلطة رغم محافظتهم والتزامهم بعملهم طوال الفترة السابقة بدون رواتب.


وبحسب مصادر في الأجهزة الأمنية تحدثت إليها quot;إيلافquot; ، فان منتسبي قوى الأمن لم يتسلموا منذ آذار quot;مارسquot; الماضي سوى خمسة سلف ، في حين تسلم موظفي القطاع المدني قرابة 8-9 سلف .
ويتضح من ذلك عدم نجاح الحكومة بمعاملة الأجهزة الأمنية أسوة بباقي الموظفين على العلم بأنهم الشريحة الأكثر تضررا على مدار السنوات الماضية ، إلا أن القوانين تلزمهم بالصمت وعدم الاحتجاج على غير المدنيين الذين يكفل لهم القانون حق الإضراب عن العمل والاحتجاج.


خجل الكبار
ويقول أبو عزمي موظف في إحدى الأجهزة الأمنية لـ quot;إيلافquot; ، quot; أصبت بالخجل أمام أطفالي لعدم قدرتي على تلبية طلباتهم وحاجياتهم ، لاسيما وأنهم يريدون ان يفرحوا بالعيد كباقي الأطفالquot; .
أبو عزمي يجلس بجانب صديق له صاحب إحدى محلات ألبسة الأطفال بشارع عمر المختار الرئيس ، على أمل ان يتمكن من شراء كسوة العيد لأطفاله الخمسة دون ان يدفع مقدما ، لتسجل عليه حتى يأتي الفرج من الرب الكريم .


ولفت أبو عزمي ، إلى ان تظاهرات سابقة للعسكر الفلسطيني ، قد خرجت إلى الشوارع للمطالبة بمرتباتهم مع مطلع شهر رمضان المبارك quot;الماضيquot; ، إلا انه تم اتهامهم بالتمرد ، حيث تحولت هذه الاحتجاجات إلى معركة دامية ، وسقط فيها ما يزيد عن 6 فلسطينيين.


مناشدات
من جهتها قالت نقابة العاملين في الوظيفة العمومية ، أن الاتفاق الذي تحدث عنه رئيس الوزراء في خطابه الأخير ، فشل بسبب عدم معاملة الأجهزة الأمنية أسوة بباقي موظفين السلطة الوطنية. وشددت النقابة في بيان توضيحي سابق ، على أنها تصر أن يتم معاملة كافة موظفي السلطة الوطنية ، بشقيها المدني والعسكري بصفة واحدة ، مشيرة إلى أن ذلك يأتي من منطلق قناعتها المطلقة ، بأن كافة العاملين يعيشون تحت وطأة الحرمان والاحتياج لكافة متطلبات الحياة.


من جانبهم دعا كوادر الأجهزة الأمنية ، الرئيس محمود عباس بضرورة حل مشكلة الرواتب والإسراع في صرفها للعسكريين ، مؤكدين في بيان لهم على إهمال الحكومة لقضية العسكريين ومحاولتها فصل قضية رواتب الأجهزة الأمنية ، عن رواتب الموظفين المدنيين في السلطة الوطنية.


تساؤلات
ويتساءل الشرطي أنور في العقد الثالث من عمره ، عن سبب إقصاء أفراد الأجهزة الأمنية عن حل مشكلة الرواتب ، مشيرا إلى معاناة ما يزيد عن ستين ألف عسكري وعائلاتهم بسبب انقطاع مرتباتهم .
وكان رئيس الوزراء إسماعيل هنية ، قد اتهم في خطابة الأخير د. رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة ، بإفشال الاتفاق الذي تم مع نقابة العاملين لإنهاء الإضراب ، إلا أن الأخير وصف خطاب هنية بأنه غير دقيق.


وأشار الحسيني في تصريح له ، إلى أن عدم قبول القائم بأعمال وزير المالية ونائب رئيس الوزراء ، إضافة عبارة في الاتفاق لمساواة العسكريين بزملائهم الموظفين المدنيين ، هو السبب الأساس في عدم توقيع الاتفاق.


الأطفال ولعبة الكبار
الأطفال لا يفهمون لعبة ولغة الكبار التي تدور على المسرح السياسي ، فقط يصرخون ويبكون من اجل تلبية حاجاتهم من كسوة العيد والعاب ، وخروف العيد قبل حلوله لكي يتسنى لهم الركوب عليه والتقاط صور تذكرهم به بعد ذبحه.


الطفل كريم 9 سنوات يتمنى أن يستطيع والده شراء الخروف قبل حلول العيد ، ويقول الطفل بعفوية لمراسلتنا ، quot; بدي اركب عليه وخلي ماما تصورني بجوالهاquot; . وعند سؤاله عن راتب والده العسكري قال كريم ، quot; كل يوم بابا بقلي لم اقبض راتبي ، كل ما اقله اشتريلي حاجة يقلي على نزول القبضة quot; ، ويتساءل الطفل ببراءة ، quot; متى سيقبضون ونخلص من هالموالquot; ، بحسب تعبير الطفل الذي لم يكمل عقده الأول.


وهذه التساؤلات التي يطلقها الأطفال تنتظر بالفعل إجابة واضحة من قبل الحكومة والرئاسة الفلسطينية ، لإخراج هذه الشريحة من لعبة الكبار التي أصابتهم بالإحباط والتذمر ، وحرمتهم حتى الفرحة وما بقي لهم من ابتسامة.