السجاد الايراني يتألق في الامارات


أبوظبي

أبقى شغف المجتمع الاماراتي بالمنتجات التراثية الأصيلة الباب مفتوحا على مصراعيه لتسويق السجاد اليدوي الايراني داخل الدولة خاصة أنه مع بساطته ينم عن ذكاء فطري أصيل ويظهر فنا وجمالا اسلاميا وخصوصية لا يسعنا تجاهلها . من ناحية أخرى أكدت المصادر العاملة بسوق السجاد المحلي ان تجارة السجاد اليدوي الايراني واصلت نموها حيث سجلت زيادة ملحوظة في الطلب على هذا النوع من السلع ..مشيرة الى ان الخبراء في السوق المحلية يقدرون حجم المبيعات بأكثر من /25ر1 / مليار درهم سنويا.

وتوقعت هذه المصادر ان يكون هناك اقبال أكبر على هذا السوق مع الانتعاش الكبير الذي يمر به قطاع الانشاءات في الدولة وزيادة المشاريع العقارية الضخمة والتي تقدر بنحو /65/ مليار دولار في حين سيرتفع هذا الرقم الى أكثر من /150/ مليار دولار خلال السنوات المقبلة وذلك مع الاعلان عن مشاريع جديدة في أنحاء متفرقة من الدولة.

ومع هذا الانفتاح والتطور العمراني الهائل باتت الامارات ملتقى رئيسي للمحترفين العالميين المهتمين بصناعات السجاد والأثاث والتصميمات الداخلية وتجهيز المعارض والمؤتمرات من المعماريين والمصممين والمقاولين ومطوري العقارات مما جعل السجاد يشكل عنصرا رئيسيا في الديكور المنزلي واخذ أنواعا وأشكالا عدة بيد ان السجاد اليدوي الايراني يظل الأكثر شيوعا والأجود صناعة فضلا عن كونه الأكثر بيعا والأغلى سعرا .

وفي هذا السياق يترقب سوق السجاد الاماراتي بعد تسعة أشهر من الآن حدثا عالميا فريدا سوف يتحدث عنه العالم كلا بلغته خاصة ان مسجد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بأبوظبي سيكون القلب النابض لهذا الحدث الهام وهو عبارة عن دخول أكبر سجادة يدوية في العالم من انتاج الجمهورية الاسلامية الايرانية مساحتها ستة آلاف متر مربع وقيمتها /5ر8 / مليون دولار لتفترش أرضية المسجد بعدها يمكن ان يطلق على هذا المسجد /حامي التراث الاسلامي/ .

من جانبه ثمن سعادة محمد على هادي السفير الايراني لدى الدولة جهود الامارات في سعيها لتخليد ذكرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس وباني نهضة الامارات الحديثة .

وأكد هادي ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تسجل بكل فخر اعتزازها وتقديرها لدولة الامارات على اختيارها السجاد اليدوي الايراني ليكون حاضرا بمسجد المغفور له الشيخ زايد .

وقال / نحن متفائلون من ان هذه السجادة سوف تنال رضا وقبول المسؤولين في الدولة خاصة ان ارتباطنا المعنوي والروحي بها أكبر من ارتباطنا المادي كوننا نشتم فيها رائحة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان زعيم دولة ورمز اسلامي ستذكره الأمة ولن تنساه أبدا/ .

ومضى يقول / اذا كان السجاد الايراني يمثل ارثا وفنا عريقا والبعض يفخر ويتباهى بقدم وجودة السجادة لديه فبلا شك أن هذا الارث والفن سوف يزداد شهرة وقيمة بعد فرش مسجد الشيخ زايد بأكبر سجادة في العالم ..ويجب أن ندرك ان وراء نسج هذه السجادة جهود أناس قد لا تنتهي مهمتهم الا بعد سنين من العمل الدؤوب وطول النفس الذي أصبح يميز الشخصية الايرانية/ .

وأشاد هادي بالدور الرسمي والشعبي في الامارات الذي يساند منذ القدم الفن والارث الاسلامي ويشجع تطويره بما يتلاءم مع متطلبات العصر على ان يسير التطوير والأصالة في اتجاهين متوازيين مما يضمن الاستمرارية لهذه الموروثات.

وخلص الى القول /وسط ضوضاء العولمة وتسابق عقارب الزمن ثمه في الامارات رجالا حريصون على البقاء في دائرة الأصالة واستنشاق عبق الماضي/ .

بدوره أكد السيد اسماعيل عبد الله الحمادي مدير فرع شركة السجاد الايراني بأبوظبي مدير شركة القمة للسجاد ان العمل جاري على قدم وساق للانتهاء من سجادة مسجد الشيخ زايد قريبا ..مشيرا الى أن نسبة الانجاز بلغت أكثر من /50/ بالمائة من عمل السجادة بالكامل و/15/ بالمائة من مرحلة نسجها.

وقال / ينهمك في قرى أردوغش وباغشن ويوسف أباد الكائنة في ضواحي مدينة مشهد بمحافظة نيسابور شرق ايران أكثر من ألفين و/600/ نساج في حياكة هذه السجادة ويعمل هؤلاء النساجون منذ أشهر بكد وعناية لانجازها مما يجعلها تؤمن لهم ولعائلاتهم الدخل ..ولا نبالغ اذا قلنا أنها تمثل منظومة انسانية واجتماعية واقتصادية لآلاف الأسر في المنطقة/ .

وعن مراحل عمل السجادة قال / بدأنا بغسيل وتنقية الصوف ونسجه على شكل خيوط ومن ثم تلوين الخيوط حيث استخدم /25/ لونا صناعيا وطبيعيا مستخلصا من الأعشاب التقليدية لكي تأخذ لونها الأخضر بعدها تم عمل قاعدة داخلية للسجادة تبعها عملية نسج السجادة وهي عملية العقد التي يقوم بها النساج ..منوها الى ان عدد العقد يبلغ /40/ عقدة لكل /5ر6 / سنتيمتر بمجموع / 5ر2/ مليار عقدة لكامل السجادة تقريبا .

وأشار الحمادي إلى إن مرحلة العقد سيتبعها مرحلة الحلق والغسيل بوضع مواد خاصة تفرش بعدها السجادة وتبلل بالماء وبعد الغسيل تترك في الشمس الى ان تجف مع شد جميع أطراف السجادة بنفس المستوى الى قطع خشبية حولها لكي يتساوى ويستقيم سطحها .

ولفت الى ان هذه السجادة احتاجت لأكثر من /45/ طنا من الصوف والقطن منها /30/ طنا من الصوف و/15/ طنا من القطن ..ويتم الآن تنفيذ السجادة في ثلاث ورش ضخمة تحتل مساحة مبنية قدرها خمسة آلاف متر مربع .

وقال ان العمل سينتهي منها بعد تسعة أشهر من الآن وستكون تسع قطع نظرا لوجود عدد من الأعمدة في المسجد وستشحن بالطائرة قبل انتهاء العقد لأن دمجها وتركيبها داخل المسجد سيحتاج لأكثر من ثلاثة أشهر ..لافتا الى أن الشركة المصنعة سوف تضمن السجادة على مدى عشر سنوات من تاريخ الانجاز .

وأضاف ان أضخم انجاز لشركتنا كان عبارة عن سجادة مسجد السلطان قابوس بسلطنة عمان ومساحتها أربعة آلاف و/700/ متر مربع الا ان سجادة مسجد الشيخ زايد تبلغ مساحتها ستة آلاف متر مربع ..مؤكدا ان المسؤولين في شركة السجاد الايراني والمسؤولين الاماراتيين سيسعون بقوة لتسجيل هذا الانجاز العالمي في موسوعة جينز للأرقام القياسية .

وقال / ان هذه السجادة تعتبر لوحة فنية نادرة وعمل يدوي راقي مما سيجعلها أرث أسلامي كبير سيفاخر بها جيل الغد/ .


ورأى الحمادي ان القيمة المضافة للاستثمار في السجاد اليدوي توازي بحد ذاتها الاستثمار في النفط أو الذهب ويجب الترويج لهذا الاستثمار باعتباره من الوسائل والأدوات الجيدة فالسجاد الايراني اليدوي على سبيل المثال هو من السلع القليلة في العالم التي ترتفع بمعدل /10/ بالمائة سنويا باستمرار . وقال ان الامارات تشكل أفضل مكان في العالم لشراء السجاد الايراني على الرغم من انه ينتج بشكل خاص في ايران كما انه لا يمكن مقارنة أي بلد في منطقة الشرق الأوسط مع الامارات التي بها بيئة عمل ملائمة مدعومة بتسهيلات وخدمات متميزة ووسائل اتصال ودعم لوجستي ترقى الى أفضل المستويات العالمية حيث تعرض في أسواق الامارات أفضل أنواع السجاد الايراني على الاطلاق بأسعار أقل منها حتى في ايران نفسها .

وأشار الى ان صناعة السجاد اليدوي الايراني تعد من أهم الصناعات اليدوية الايرانية على الاطلاق وتحظى بسمعة لا مثيل لها في العالم حيث يتميز السجاد الايراني بمزايا خاصة لرسومه وحياكته الخيالية اضافة الى ثبات ألوانه والدقة الكبيرة في صناعته رغم أنها يدوية.

وقال / يعمل في صناعة السجاد الكثير من الرجال والنساء الايرانيين ولا يكاد يخلو أي منزل في ايران من قطعة من السجاد الفاخر الذي تعتبره العائلة الايرانية كالذهب ويتوارثونه فيما بينهم/ .

وأوضح ان السجاد الايراني يمتاز بروعة رسومه وزخارفه التي ترسم لوحات فنية رائعة ولوحات لمناظر جذابة تعبر عن ابداع صانع وجمال فنان وتعكس روعة ابداع السجاد الايراني الوحيد بلا منافس الذي يمتاز بالجودة العالية والدقة في الصناعة ..وعلى الرغم من سعره المرتفع الا انه يناسب هذه الجودة الرائعة .

وقال / يعتبر السجاد الايراني ارثا وفنا اسلاميا مقدسا لا مجال للاستغراب عندما نعرف ان الشعب الايراني لا تطأ قدمه السجاد بالأحذية لاحساسه ان السجاد به روح ونقوش اسلامية تأخذ قدسيتها من الكلمات المكتوبة والمساجد والمباني الاسلامية القديمة المرسومة عليه/ .

وأوضح الحمادي ان السجاد الايراني أو العجمي يعتبر من أقدم الأنواع ومعروف بارتفاع أسعاره اذ يعد من أغلى السجاد وتتم حياكته بالصوف والحرير والقطن وتعكس نقوشه الحضارة الايرانية من المتاحف والمساجد والقصور .

وبالنظر الى السجاد اليدوي الايراني كتراث وفن قال ان اكتشاف أقدم سجادة نسجت في عهد الاخمينيين قبل ألفين وخمسمائة عام تشير الى أن السجاد الايراني تمتد جذوره الى أعماق تاريخ الحضارة الايرانية عبر آلاف السنين ومن يميزه عن غيره يقول انه يعمر طويلا ويزداد جمالا مع تقادم الأيام فيما يستهلك الآخر بالاستعمال وينفرد السجاد الايراني بدقة ورشاقة الخيط وظهور البعد الثالث في النقوش التي تعكس ثقافة الأقوام وتراثهم وبيئتهم .

ونوه الى ان أسعار وتسميات السجاد الايراني تختلف حسب مدينة الصنع والعائلات ..مشيرا الى ان أشهر المدن الايرانية التي تصنع السجاد هي أصفهان وكرمان وكاشان وتبريز وقم بالاضافة الى العاصمة طهران حيث تمتلك هذه المدن شهرة واسعة النطاق وبخاصة كاشان التي اتسعت شهرتها كثيرا لدرجة أنها تعتبر مدينة السجاد في حين تعتبر عائلتي حقيقي ومهديي من أشهر وأعرق العائلات التي تصنع السجاد.

فسجاد العائلات الحقيقي مشغول باليد كما يقول الحمادي وألوانه ليست فاقعة ونادرا ما يكون فيها أكثر من خمسة ألوان ويجب ان تكون تلك الألوان متميزة وغير داكنة أو مشوشة فالتجار الغشاشون أحيانا ينقعون السجاد الجديد في الشاي أو محلول كيماوي آخر لجعله يبدو أقدم وأعتق ..كما يجب التأكد من أن الألوان لا تصل الى حواف السجادة وتلك علامة أكيدة على وجود ملونات كيماوية أو ان الصناعة حديثة العهد ..ثم أدعك راحة يدك على قسم من السجادة يجب ان تلمع راحة يدك بعد ذلك .. يقول الحمادي /أفعل ذلك على مرأى من صاحب المحل وسترى أنه سيخرج لك أفضل ما عنده/.

وشدد على ضرورة حماية المنتج الأصلي في السوق الاماراتي كونها تحتل مركزا متقدما على هذا الصعيد وهي تتجه لتكون اكبر سوق للسجاد اليدوي في العالم.

وأشار الى ان السوق الاماراتي يعتبر نقطة انطلاق للسجاد الايراني الى جميع أنحاء العالم ..لافتا الى ان ما لا يقل عن /90/ بالمائة منه يمر بالسوق الاماراتي ثم يصدر من هنا الى جميع أنحاء العالم.

أما بخصوص الاستهلاك العالمي للسجاد الايراني قال الحمادي ان السوق الاماراتي يحتل المرتبة الرابعة على مستوى العالم بالنسبة لاستهلاك السجاد الايراني بعد السوق الألماني والأمريكي والايطالي.

من ناحية أخرى أكد خبراء وتجار السجاد في الامارات ان واحة السجاد التي تنظمها جمارك دبي في مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة قد ساهمت في تحقيق نسبة نمو سنوية تقدر بحوالي /25/ بالمائة في مبيعات السجاد اليدوي في دبي منذ انطلاقتها الأولى في عام /1996/ كحدث رئيسي في فعاليات مهرجان دبي للتسوق .

وأبدى السيد عبد الرحمن عيسى رئيس لجنة واحة السجاد بدبي ارتياحه لأن الواحة أصبحت من بين أهم المعارض المتخصصة في السجاد اليدوي في العالم كما أنها باتت من بين أهم معارض السجاد اليدوي على المستوى العالمي وأثبتت بالتالي موقعها على أنها أكبر الأحداث المتخصصة في هذا المجال على صعيد منطقة الشرق الأوسط وتشكل ملتقى بين جميع الأطراف من المنتجين والحرفيين والتجار والمستهلكين.

وأضاف /لا شك ان واحة السجاد حدث مهم لتجارة السجاد اليدوي في المنطقة بشكل عام وهي تحتل مركزا متقدما على هذا الصعيد وتتجه لتصبح أكبر معرض للسجاد اليدوي في العالم/ .

ونوه الى ان المشاركة الايرانية تكون الأبرز والأهم كل عام كونها تعرض السجاد اليدوي تليها باكستان التي تعرض السجاد الكشميري في حين تحتل تركيا المرتبة الثالثة .

وأكد ان مبيعات الواحة تجاوزت /90/ مليون درهم خلال الدورة الأخيرة لمهرجان دبي للتسوق في حين تتم صفقات بملايين الدراهم لا يعلن التجار عنها من باب السرية وللدخول للسوق بقوة من أجل المنافسة ..منوها الى ان واحة السجاد في آخر دورة عرضت حوالي مائة ألف سجادة يدوية.