الشعب اللبناني ما زال يأكل الحصرم
بين وعود الحريري ونصرالله ضاع الاقتصاد

فادي عاكوم من المنامة

يبدو ان الجدل في لبنان لا يقتصر فقط على دعم المقاومة او تأييد العملية العسكرية التي حصلت بالامس بل يمتد الجدل الى تاثير ما جرى ويجري وسيجري على الاقتصاد اللبناني الهش اساسا والذي كان بطور النقاهة منذ فترة ليست بقصيرة، فالاقتصاد اللبناني تلقى ضربة موجعة باغتيال رئيس وزرائه السابق رفيق الحريري، واتت بعدها ازمة الوجود السوري وما رافقها من اقفال للحدود البرية من قبل السلطات السورية، بالاضافة الى التشنجات الداخلية التي كان لها الاثر الاكبر في زعزة الثقة بالاقتصاد اللبناني . ويعيش الاقتصاد اللبناني حالة جذب بين وعود سياسييه، ففي السابق وعد الراحل الحريري بانعاش الاقتصاد و اعادة الاستثمارات الخليجية واعادة بيروت الى مركزها المالي الحقيقي في منطقة الشرق الاوسط، اما الوعد الصادق الذي اعلنه السيد حسن نصر الله باعادة الاسرى فقد ارجع الاقتصاد الى الوراء بل الى نقطة الصفر وهنا تبرز قدرة النائب سعد الحريري على اعادة الثقة مجددا باستقطاب الاستثمارات .

والخاسر الاكبر الان وغدا هو الشعب اللبناني الذي يعاني اساسا من وضع اقتصادي ومعيشي صعب بفعل غلاء المعيشة وتدني الاجور .وكان من المفترض ان يستقبل لبنان هذا الصيف مليون ونصف سائح اي ما يعادل نصف اللبنانيين الموجودين حاليا في لبنان ولم يتركوه ويهاجروا الى بلاد الله الواسعة، ومهد لبنان لهذا الصيف بحملات اعلانية واسعة مما انعش الامال الداخلية بانتعاش اقتصادي طال انتظاره، هذا بالاضافة الى حركة استثمارات عقارية كبيرة باموال خليجية حيث اعلن في الفترة الاخيرة عن اطلاق مشاريع عديدة سعودية وكويتية واماراتية .

يرى بعض الاقتصاديين ان تكون للاحداث العسكرية في جنوب لبنان تأثيرات كبيرة على موسم الاصطياف وعلى الاستثمارات خصوصاً اذا نفذت اسرائيل تهديداتها باجتياح الجنوب وضرب البنى التحتية، وان استمرار التوتر قد يحمل الرعايا العرب الذين اجروا حجوزات في الفنادق على الغائها ما يعني ضرب موسم الاصطياف الذي كان يعول عليه لبنان لتحريك العجلة الاقتصادية، وتجدر الاشارة الى ان البلاد تعيش حالاً من التشنج وخصوصاً الاسواق المالية وقد تمثلت في هبوط اسعار الاسهم في بورصة بيروت.

وفي المقابل اذا بدأ الشروع في تبادل الاسرى بين حزب الله واسرائيل خلال فترة شهر فان لبنان سيدخل في هدنة طويلة تحمل معها بعض الارتياح، ويطالب بعض الاقتصاديين ان تأخذ التكتلات والاحزاب والتيارات السياسية موقفاً موحداً من موضوع المقاومة ما ينعكس هدوءاً داخلياً ينعكس ايجاباً على مختلف نواحي الحياة في البلاد والا فان الاوضاع ستزداد سوءاً.

ويرى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور شربل نحاس في حديث لاحدى الصحف المحلية ان الأمر البديهي ان تكون للتصعيد العسكري آثار معينة على الاقتصاد, ولكن الأمر ليس بالضخامة التي تصور بها الامور، وربط حجم الآثار الاقتصادية بمدى اتساع نطاق العدوان الاسرائيلي على المناطق اللبنانية، ووصف نحاس الانعكاسات المتوقعة على السياحة في لبنان بالـ quot;نقزةquot;، مشيرا الى ان الاثر المباشر والفعلي سيكون على السياحة، لافتا الى ان حجم التهويل الإعلامي والذي يراقبه السياح سيترك من دون شك اثرا كبيرا على قرارات السياح العرب الذين هم عماد السياحة في لبنان.

لكنه اعتبر ان قرارات السياح العرب ترتبط ايضا بنمط اصطيافهم، فالعديد منهم يملكون منازل في لبنان وبالتالي فإن الحد الأقصى لتأثر هؤلاء سيكون بحدود الـ 40 %، في حين انه سيكون عند الذين لا يملكون المنازل بحدود قصوى تصل الى 70 %، اما المغتربون فإن العدول عن زيارة لبنان لن تتجاوز نسبته الـ5 %، وعن تحصين الوضع الاقتصادي في وجه الانعكاسات المرتقبة لأحداث من هذا النوع قال نحاس ان الأهم من ذلك وقبل التحصين أنه لا بد للبنان واللبنانيين من تحديد خياراتهم التي لم يحسموها حتى الساعة... وبناء على تحديد الخيارات تؤخذ في الحسبان الانعكاسات المترتبة على هذا الخيار.

ويرى البعض ان قطاع السياحة الذي يتحمل الخطر الأكبر أظهر في ما مضى مرونة كبيرة وقدرة على التكيف مع الظروف والمناخات كافة، وهذا عائد الى نوعية السياحة والسياح الذين يتوافدون الى لبنان فمعظمهم من الأشقاء العرب، ومعظمهم لا يمتلكون الكثير من البدائل عن لبنان.