تزامنا مع إشادة من الهيئات الدولية
انخفاض كبير في زراعة وإنتاج القنب الهندي في المغرب

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء

يبدو أن المغرب توفق في الحرب التي يخوضها ضد نبتة القنب الهندي التي كانت آخذة في الانتشار، إذ أجمعت التقارير الدولية الصادرة مؤخرا على الخطط التي اعتمدتها المملكة في القضاء على هذه الزراعة، والتي قادت إلى تخفيض الزراعة والإنتاج إلى حوالى النصف.وفي هذا الصدد، أبرزت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، في تقريرها الأخير، الإنخفاض الكبير في زراعة القنب الهندي وإنتاجه في المغرب.وأوضح تقرير هذه الهيئة الدولية برسم سنة2006، الذي قدم للصحافة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أن زراعة وإنتاج القنب الهندي تراجع خلال سنتي 2004 و2005. وأضاف التقرير، استنادا إلى تحقيق أنجزته الحكومة المغربية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة سنة 2005، أن المساحة الإجمالية المخصصة لزراعة القنب الهندي انخفضت بنسبة 40 في المئة بين سنة 2004 (120 ألفا و500 هكتار) وسنة 2005 (72 ألفا و500 هكتار)، وأن إنتاجه تراجع بنسبة 62 في المئة سنة 2005 ليستقر في 1066 طنا.


وعزا معدو التقرير، الذين أشاروا في المقابل إلى تطور زراعة وانتاج القنب الهندي في إفريقيا، تراجع هذه الزراعة في المملكة، بالأساس، إلى الحملة التي شنتها السلطات المغربية للقضاء على هذا النوع من الزراعات، والقائمة على مجموعة من الإجراءات التحسيسية.


وذكرت هذه الوثيقة بأن محجوزات القنب الهندي انتقلت في المغرب، ما بين 2003 و2004 من 96 إلى 87 طنا، فيما ارتفعت الكميات المحجوزة من نبتة القنب الهندي من 69 إلى 319 طنا.
وحسب الوثيقة نفسها، فإن تطور إنتاج هذه النبتة في إفريقيا رافقه أيضا ارتفاع في تعاطي المخدرات.


وأوضحت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات أنه إذا كان تعاطي القنب الهندي يخص شمال افريقيا، فإن تعاطي هذه النبتة صار يشمل مجموع القارة، مشيرة إلى اتساع الإتجار في هذه النبتة داخل إفريقيا وخارجها، وخاصة في أوروبا. وأكدت الهيئة أن حصة إفريقيا من الكميات المحجوزة من القنب الهندي عبر العالم، انتقلت من16 في المئة مع مطلع 1990 إلى أكثر من30 في المئة سنة 2004.


وخلص تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات إلى أنه تم في ميناء طنجة وحده حجز أكثر من 18 طنا من مخدر القنب الهندي سنة2005، وأنه تم توقيف 247 شخصا متورطين في الإتجار الدولي في المخدرات.

وكانت واشنطن على رأس الحكومات المبدية استعدادها لمواصلة التعاون ودعم جهود المملكة في عمليات مكافحة إنتاج القنب الهندي. وأشار quot;مكتب مكافحة المخدرات وتعزيز القوانينquot;، التابع لوزارة الخاجية الأميركية، في تقريره السنوي حول مكافحة المخدرات وتبييض الأموال، إلى أن quot;المغرب حقق انخفاضا مهما في مجال إنتاج وزارعة هذه النبتةquot;.


وجاء في الجزء الأول من هذه الوثيقة، التي حملت عنوان quot;تقرير2007 حول الاستراتيجية الدولية لمكافحة المخدراتquot;، أنه حسب مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، فإن المملكة نجحت في تقليص المساحة المخصصة لزراعة القنب الهندي بنسبة40 في المئة، إذ انخفضت من 120 ألفا و500 هكتار سنة 2004 إلى 72 ألفا و500 هكتار سنة 2005، وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية لاستئصال زراعة هذه المادة.


وذكر التقرير، الذي نشر الأسبوع الماضي وركز أيضا على الشراكة بين المغرب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، أنه بالإضافة إلى الجهود المبذولة، خلال السنة الماضية، لمكافحة إنتاج هذه النبتة، فإن الحكومة المغربية عملت أيضا على مكافحة الرشوة وتجارة المخدرات.


وسجل بهذا الخصوص أن الدراسات التي أجريت حول القنب الهندي، خلال سنوات 2003 و2004 و2005، بشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، تجسد الإرادة المتنامية للمملكة لتجميع معطيات محددة حول إنتاج هذه المادة ومعالجة مشكلة المخدرات.


وأكدت الوثيقة أن المغرب أطلق أيضا، خلال سنة 2004، حملة تحسيسية لفائدة مزارعي القنب الهندي لإثارة انتباههم إلى الآثار السلبية لزراعته على الأرض، وإطلاعهم على الطرق البديلة لاستغلال الأرض بشكل منتج.


وأضافت أن الحكومة عملت طوال سنوات الثمانينات، بتعاون مع الأمم المتحدة، لمواجهة الصعوبات الجغرافية والثقافية والاقتصادية الخاصة التي يواجهها مزارعو القنب الهندي شمال المغرب، مشيرة إلى المشاريع المشتركة التي تروم تشجيع المنتوجات الفلاحية البديلة كتربية الماعز وزراعة أشجار التفاح وتربية النحل.


وأبرزت وثيقة وزارة الخارجية الأميركية أن هذه الجهود تتضمن أيضا تعبيد الطرق ووضع أنظمة عصرية للري وبناء مراكز بيطرية، مذكرة بأن الحكومة المغربية واصلت خلال سنوات التسعينات من القرن الماضي تركيز جهودها على البدائل التنموية في الأقاليم الشمالية عبر الوكالة الخاصة طنجة - المتوسط.


وأشرفت الوكالة، في سنة 2003، على إعطاء انطلاقة إشغال مشروع ميناء طنجة المتوسط الذي يشكل أساس برنامجها التنموي للجهة الشمالية، مضيفة أن هذا الميناء سيشكل البوابة البحرية الرئيسة للمغرب.


واعتبرت أنه من أجل دراسة جدوى استعاضة زراعة القنب الهندي بزراعات بديلة، اختارت الحكومة مدينة تاونات لبناء المعهد الوطني للنباتات الطبية والعطرية. وفي إشارة إلى التزام الحكومة المغربية للقضاء نهائيا على زراعة القنب الهندي، أشار التقرير إلى أنه، استنادا لإحصائيات حكومية لسنة 2005، جرى حجز حوالى 116 طنا من القنب الهندي.
وأضاف التقرير أنه إذا كانت هذه الكميات المحجوزة انخفضت مقارنة مع السنة التي قبلها (318 طنا)، خلال الفترة نفسها، فإن ما جرى حجزه من مواد الكوكايين والهيرويين والعقاقير المخدرة التي عرفت ارتفاعا.


وفي ما يتعلق بالترسانة القانونية، أوضح التقرير أن القوانين المغربية تنص على الحكم بعقوبات قد تصل إلى 30 سنة سجنا، وأداء غرامات تتراوح ما بين20 و80 ألف دولار في حق المتاجرين في المخدرات.


ولدى تطرقه إلى التعاون ما بين المغرب والولايات المتحدة في مجال مكافحة المخدرات، خلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة ستواصل التعاون مع المملكة في الجهود التي تبذلها لمحاربة هذه الآفة.
من جهتها، نوهت quot;الهيئة الدولية لمكافحة المخدراتquot; بالجهود quot;الإيجابيةquot; المبذولة في عمليات المكافحة، مبرزة في الوقت نفسه ما يقوم به المغرب من خلال تطبيق quot;الاستراتيجية الوطنية الشاملةquot; لمكافحة المخدرات، إذ يجري تنفيذ مبادرة جديدة للاستئصال تستهدف تطهير إقليم تاونات من القنب، فضلا عن تنفيذ برامج اجتماعية واقتصادية مختلفة ومشاريع للتنمية البديلة، من بينها مشاريع تتعلق بالتنمية الريفية في المناطق المتأثرة بإنتاج القنب غير المشروع.


وحثت الهيئة، في تقرير حول الموضوع، الحكومة على مواصلة جهودها في هذا الصدد بغية تحقيق الاستئصال الكلي لزراعة نبتة القنب في البلاد، كما ناشد المجتمع الدولي أن يدعم جهود المغرب حيثما أمكن ذلك.