محمد الشرقاوي من القاهرة :لم يكن غريباأن تحتل مصر المركز 11 في مؤشر الفساد الذي أصدره البنك الدولي، ولم يلاقي أي انتقادات من مسئولين حكوميين رغم مرور أكثر من أربعة أيام على صدوره ، ربما كان التقرير وما جاء فيه اعترافا ضمنيا بالوضع المتردي داخل مصر من خلال بيزنس الرشاوي والعمولات والتي تقدر بمليارات الجنيهات سنويا ،وربما تصل إلى 15بالمئة من إجمالي أي مشروع قائم .

ومع تفشي الظاهرة أكدت تقارير رسمية مصرية أصدرتها النيابة الإدارية بمصر ان هناك قضية فساد ورشوى في مصر كل دقيقتين ما يدفعنا للقلق حول مستقبل البلاد ، quot; إيلافquot; تحاول إلقاء الضوء على بعض قضايا الفساد المتفشية في البلاد والتي تم دحض بعضها ومازال هناك البعض الكثير.

quot; فوت علينا بكرة يا سيدquot; كلمة السر بين الموظف المرتشي وصاحب المصلحة الذي يريد إنهاء أوراقة فما تكاد هذه الجملة تصدر حتى يعي الطرف الاخر ما يريده الموظف . ولم تعد الرشوة هذه الايام قاصرة فقط على الرشاوى المالية او الهدايا بل امتد أيضا الى الرشاوى الجنسية .

حيث احتلت مصر المركزين 11 و ال 13 في مؤشري الفساد والاستقرار السياسي وذلك في تقرير المؤشرات العالمية لإدارة الحكم ومكافحة الفساد خلال الفترة من1996-2006 الذي أصدره البنك الدولي مؤخرا وتضمن 212 دولة ووصلت إجمالي الرشاوي في العالم وفقا للتقرير تريليون دولار


وربما تكون مصادفة أو سخرية القدر كما قال يوسف بك وهبي عنها أن يقوم البنك الدولي بإصدار تقرير خاص عن الفساد والرشاوى في العالم وتقوم صحيفة مصرية يومية بانتقاد الوضع المتفشي والرشاوى في كافة مؤسسات الدولة وأكدت ان الرشاوي باتت تستخوذ على 15% من استثمارات المشروعات المصرية .

الطريف أن السينما والدراما المصرية بدأت تبدي اهتمامها هذه المرة بمثل هذه القضية واتضح ذلك جليا من خلال لقطات ومشاهد من فيلم quot;مرجان أحمد مرجانquot; والذي جسد فيه الفنان المصري عادل أمام شخصية رجل الأعمال الفاسد الذي يملك السلطة والمال ويستطيع أن يشتري كل شيء بماله الخاص الا انه في النهاية يصطدم بالأسس والمعايير القائم عليها المجتمع ومثل فيه السخرية من الانتخابات وفسادها والرشاوي .

قضية كل دقيقتين

اللافت في موضوع التقرير الذي نشر مؤخرا والصادر عن هيئة النيابة الإدارية حول جرائم الفساد المالي والإداري داخل الأجهزة الحكومية فى مصر والذي كشف فيها عن وجود قضية فساد كل دقيقتين في مصر

حيث بلغت عدد القضايا 66422 قضية خلال عام 1999 انخفضت فى عام 2001 إلى 63269 قضية وقد نشر مؤخرا تقرير أدار هيئة الرقابة الإدارية عام 2002 والذي رصد ارتفاعا فى عدد قضايا الفساد المالي والإداري فى الهيئات والمصالح الحكومية، والتي حققت فيها الهيئة خلال عام 2002 إلى 63960 قضية بالإضافة إلى 1895 قضية منفيه من عام 2001 ليصبح بذلك إجمالى عدد القضايا المتداولة خلال هذا العام 65855 قضية أي بواقع 180 قضية فى اليوم بافتراض أن المصالح الحكومية تعمل 365 يوما فى السنة وحوالي 30قضية في الساعة بافتراض أن عدد ساعات عمل الموظف فى اليوم 6 ساعات كما يحددها القانون وجريمة فساد مالي وإداري كل دقيقتين تقريبا فى مصر بحسابات الوقت

ومن خلال التقارير التي رصدتها quot; إيلافquot; رفعت هيئة الرقابة الإدارية تقريرًا إلى اعلي السلطات في مصر أكدت فيه تزايد معدلات الفساد في البلاد خلال العام الماضي وانتشاره بمختلف قطاعات الدولة، مقدرة حجم الأموال المختلسة بـ 500 مليون جنيه، وهو ما أكدته منظمة الشفافية الدولية التي ذكرت أن قطاع الإسكان والتعمير كان أكثر القطاعات التي انتشرت فيها قضايا الفساد.

وكشف تقرير الرقابة الإدارية عن أن الخمس سنوات الماضية شهدت أكثر من 80 ألف حالة فساد في مصر، وحذر من العواقب الوخيمة لتزايد معدلات الفساد، بعدما حلت مصر في المرتبة 70 بين الدول الأقل فسادًا وذلك في تقرير منظمة الشفافية الدولية التي تعني بمكافحة الفساد في مختلف دول العالم.

وأوضح أن فترة حكومة الدكتور عاطف عبيد شهدت تجاوزات صارخة حيث شهد عام 2003م آلاف قضايا الفساد ووصل حجم الكسب غير المشروع إلى 100 مليار جنيه، حسب ما جاء في إحصائيات الجهاز المركزي للمحاسبات في ذلك الوقت. كما وصل حجم أموال الرشاوى 500 مليون جنيه وحجم أموال غسيل الأموال أكثر من خمسة مليارات جنيه .

وارجع التقرير تزايد معدلات الفساد وإهدار المال العام إلى ضعف النظام الحكومي والقصور السائد في العديد من القوانين والتشريعات، وبسبب تدهور الدور الرقابي الذي يمارسه مجلس الشعب، وكذلك الإفلات من العقاب والخلل الإداري، وتدهور الأداء الإداري للقيادات، ووجود علاقات مشبوهة، واستغلال مسئولين وموظفين كبار لنفوذهم للتربح بطريقة غير مشروعة.

قضايا وشخصيات
ولعل أشهر القضايا التي شهدتها البلاد مؤخرا تلك القضية المعروفة بقضية الجمارك الكبرى والمتهم فيها 29 موظفا من قيادات مصلحة الجمارك من بينهم رئيس المصلحة والتي ارتكب فيها المتهمون 30واقعة ترتب عليها حرمان الخزانة العامة للدولة من مبالغ مالية طائلة بلغت 35 مليون جنيه من خلال مساعدة رجال الأعمال مع التربح دون وجه حق ، وتم ذلك من خلال التهرب من سداد رسوم جمركية مستحقة وعن قضايا التهرب الجمركي إلى quot;القمح الفاسدquot; التي تورط فيها خمسة من كبار العاملين بالهيئة العامة للسلع التموينية حيث قاموا باستيراد 63 ألف طن قمحا فاسدا وغير صالح للاستهلاك الآدمي من الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 22 مليون جنيه تكبدتها الخزانة العامة للدولة .

بالاضافه لقضية المواد الكيماوية المسرطنة والمتهم فيها يوسف عبد الرحمن الرئيس السابق لبنك التنمية والائتمان الزراعي والذراع الايمن لوزير الزراعة الأسبق يوسف والي ومساعدته الخاصة ( راندا).

ومن بين الشخصيات المعروفة والتي غابت عنها الأضواء في الوقت الحالي كان عبد الله طايل النائب في البرلمان عن الحزب الوطني الحاكم ورئيس اللجنة الاقتصادية، الرئيس السابق لمجلس إدارة بنك quot;مصر-أكستريور والذي تم حبسه بتهم الفساد خلال رئاسته للبنك.

حيث تورط طايل في تسهيل الاستيلاء على المال العام والتربح منه، ومنح تسهيلات ائتمانية وقروض لرجال أعمال دون الحصول على ضمانات كافية، وارتكاب مخالفات مالية أثناء رئاسة البنك، وإضاعة 10 ملايين دولار على البنك، بالإضافة إلى الدخول في مضاربات على الدولار بأموال البنك وذلك قبل أن يترك منصبه في مارس 2002.

كما وجهت نيابة أمن الدولة إليه أيضا تهمة إصدار أوامر لموظفي البنك باعتبار مليار ونصف مليار جنيه قروضا معدومة بعد أن استولى عليها في شكل قروض منحها لشركات يمتلكها أبناؤه وأصدقاؤه.

حقا الفساد أصبح مثل السوس الذي بات ينخر في عظام المجتمع المصري لدرجة قيام احد أباطرة الحزب الوطني عماد الجلدة عضو مجلس الشعب وrlm;12rlm; متهما آخرين بتقديم رشاوى بهيئة البترول للحصول على بيانات ومعلومات ربما كانت سرية حيث قاموا بتقديم رشوة إلي موظفين عموميين مقابل إفشائهم لمعلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود البترول بمناطق طرحتها جهة عملهم بمزايدات عالمية للبحث والتنقيب بها ، حيث بلغت فيه الرشاوى حوالي 500 ألف دولار.

وكما نقول في مصر quot; ياما في الحبس مظاليم quot; انطبقت هذه المقولة على الوزير المصري محيي الدين الغريب وزير مالية مصر الأسبق حيث تم حبسه ثماني سنوات وتغريمه بمبلغ 13 مليون جنيه وجاء هذا الحكم في إطار قضية الفساد المعروفة في مصر باسم quot;قضية الجمارك الكبرىquot;.