أسامة مهدي من لندن : فشلت القوى السياسية العراقية اليوم في المصادقة على موازنة عام 2008 الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب محمود المشهداني إلى إطلاق تحذير من انهيار الدولة وخلق حالة من عدم جدوى وجود المجلس مشيرا إلى أن أضرارا جسيمة بدأت تلحق بالمواطن العراقي إضافة إلى المخاوف التي أصبحت تراود المستثمرين الأجانب .. بينما هدد التحالف الكردستاني بمقاطعة المجلس اذا لم يتم غدا التصويت على الموازنة بالحصة التي يطالب بها لإقليم كردستان والبالغة 17في المئة من قيمة الموازنة بالضد من سعي كتل سياسية لمنحه نسبة 13في المئة منها .


وقال المشهداني في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم إثر الفشل في إقرار مجلس النواب اليوم للموازنة ولقانون العفو العام وقانون المحافظات غير المنتمية إلى إقليم وتأجيل التصويت عليها مجددا إلى يوم غد إن الخلافات بين الكتل السياسية وخاصة حول الموازنة لم تنته لحد الآن بسبب مطالب الأكراد بحصة 17في المئة من هذه الموازنة البالغة 48 مليار دولار فيما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الحصة يجب أن تكون 12.8في المئة مما سبب إشكالات وخلافات لم تتمكن الكتل السياسية من حلها . وأضاف أن هناك إصرارا من الأكراد على الحصة التي يطالبون بها ويقولون إنها مقرة من قبل الوزارات الثلاث التي أعقبت سقوط النظام السابق وحتى العام الماضي 2007 . موضحا انه في المقابل هناك إصرار من كتل أخرى على منح الأكراد نسبة 13في المئة وأقر بعدم نجاح رئاسة البرلمان لحد الآن في إيصال هذه الكتل إلى اتفاق حول هذه المشكلة . وكشف المشهداني عن وجود صفقة لم تنجح بين الكتل السياسية لتمرير الموازنة وقانوني العفو والمحافظات بان يتم تمرير الموازنة حسبما يريد الأكراد مقابل توسيع العفو العام عن المعتقلين مثلما يرغب العرب السنة والتيار الصدري باعتبار ان هناك عددا كبيرا من المعتقلين ينتمون إليهم إضافة إلى قانون المحافظات الذي يريد حزب الفضيلة والتيار الصدري إدخال تعديلات عليه .


وحذر المشهداني من أن عدم الاتفاق على هذه القضايا سيخلق إشكالات تؤدي إلى انهيار الدولة وتجعل من مجلس النواب مؤسسة غير واجبة الاستمرار . وأضاف أن عدم تمرير الموازنة بدأ يسبب مصاعب للمواطنين من خلال تعطل تنفيذ الخدمات وخلق مخاوف لدى المستثمرين ستعطل المشاريع المطلوب تنفيذها . وردا على سؤال عن التصرف الذي سيتم اللجوء إليه في ما إذا فشل مجلس النواب غدا في تمرير الموازنة أشار المشهداني إلى أن هناك خيارات سيلجأ إليها ومنها إعادة الموازنة إلى مجلس النواب لكنه حذر من أن هذا سيعني سقوط الحكومة .. موضحا ان من الخيارات الأخرى استدعاء مجلس الرئاسة ورئيس الوزراء لمناقشة الأمر مع النواب .


وحول تهديد الأكراد بالانسحاب من مجلس النواب غدا إذا لم يتم تمرير الموازنة بالحصة التي يطالبون بها قال إن هذا نوع من الضغوط لكنه أوضح أن للأكراد من الصبر والعقلانية ما يدفعهم إلى عدم تنفيذ تهديدهم لحين التوصل إلى اتفاق . وفي ما إذا كان هناك موقف عربي ضد مطالب الأكراد نفى المشهداني بشدة وجود مثل هذا التوجه محذرا من أن مثل هذا الأمر سيخلق نعرات قومية خطرة في وقت تسعى فيه البلاد إلى التخلص من النعرة الطائفية . وعن الخلاف حول قانون المحافظات أشار إلى انه يتركز على ما إذا سيطبق هذا القانون خلال الانتخابات المحلية التي ستجري قبل نهاية العام الحالي أو التي تليها .


وقد عطلت الخلافات بين الكتل السياسية العراقية حول مواد الموازنة عملية التصويت عليها حوالى ثلاثة أشهر بعد اعتراض الأكراد على تخصيصها نسبة 13في المئة من قيمتها البالغة 48 مليار دولار إلى إقليم كردستان بدلا من 17في المئة كما كان معمولا به سابقا . وبعد نقاشات شارك فيها النواب الأسبوع الماضي حذر وزير الدولة لشؤون مجلس النواب الأسبوع الماضي من أن التأخير في إقرار الموازنة لا تتحمله الحكومة لأنها بعثت بها إلى المجلس قبل ثلاثة أشهر محملا الكتل السياسية وخلافاتها مسؤولية هذا التأخير . وأكد انه يريد أن يضع هذه الحقيقة أمام أنظار الشعب العراقي الذي ينتظر تمرير الميزانية لإطلاق التخصيصات المقررة لإنجاز المشاريع والاستثمارات التي هو بأمس الحاجة إليها حاليا .


وأشار فرياد رواندوزي المتحدث الرسمي باسم قائمة التحالف الكردستاني إلى أن quot;جميع القوائم البرلمانية مع قائمة الائتلاف الشيعي أيضاً كانت معترضة على تخصيص نسبة 17في المئة من موازنة العراق لإقليم كردستان وتخصيص رواتب البيشمركة من ميزانية وزارة الدفاع العراقية .


ومن جانبه أوضح حيدر العبادي رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أن تخصيص نسبة 17في المئة من ميزانية البلاد للإقليم غير دستوري وبعيد من عملية تقسيم الميزانية على أساس نسبة السكان وهو أخذٌ لحقوق الناس الآخرين في العراق ومنحها للأكراد . وأضاف quot;لقد كانت عملية تقسيم الميزانية في الأعوام السابقة تجرى على أساس الاتفاقات السياسية وليس القانونيةquot; مشيرا إلى أنه من الجائز بل من الضروري أن يتم حل تلك المشاكل وذلك بقيام كل طرف بتقديم بعض التنازلات للطرف الآخر .


وقد تحفظت كتل عدة على مواد ميزانية العام الحالي وقدمت مذكرة قرأتها في مؤتمر صحافي أشار خلالها النائب عن القائمة العراقية اسامة النجيفي إلى أنه وحسب الإحصاءات السابقة وأخذ الزيادة السكانيةفي الاعتبار فإن عدد سكان العراق يبلغ 30 مليون و 600 ألف نسمة بينما يبلغ عدد السكان في إقليم كردستان 3 ملايين و 900 ألف نسمة بحيث يشكل نسبة 12.8في المئة من عدد السكان ولهذا فإن هناك معارضة على تخصيص 17في المئة من ميزانية الدولة لإقليم كردستان. كما أشار إلى عدم تقديم الحسابات النهائية لميزانية أعوام 2005 و2006 و2007 منتقداً ميزانية المنافع الشخصية لأنها تستخدم أكثر شيء بهدف جمع الجماهير الحزبية ولا تصرف لتلك العوائل الفقيرة.


وقرأ النائب مهدي الحافظ مذكرة الكتل السياسية والتي تضمنت تحفظات حول الموازنة أوضحت أنها جاءت مثقلة بالكثير من العيوب والتقديرات الخاطئة بالإضافة إلى افتقارها للمتطلبات الفنية والإجرائية من حيث الشكل والتصميم فإنها انطوت على مجموعة من الثغرات في تصميم الأولويات وصياغة هيكل الإيرادات والنفقات ما ينعكس سلبا على وجهة وأضافت quot;إن مشاريع البرنامج الاستثماري quot;المشاريع الاستراتيجية quot;لم ترفق مع الموازنة مع العلم أن مجموع التخصيصات للبرنامج الاستثماري يبلغ 13 مليار دولار حيث من الصعب تقويم هذه المشاريع والموافقة على هذه التخصيصات من دون التعرف إلى هذه المشاريع ومدى توفر جدواها الاقتصادية يضاف إلى ذلك أن تخصيص 3,3 مليارات دولار للمحافظات لغرض الاستثمار وإناطة صلاحية إقرار هذه المشاريع بالمحافظ أمر يثير القلق لأسباب عديدة منها عدم التعرف إلى المشاريع المقترحة وعدم وجود آليات للرقابة .


وأشارت إلى أن البطاقة التموينية أداة للأمن الغذائي لحوالى 16 مليون عراقي فمن الخطأ الامتناع عن توفير التخصيصات اللازمة للمحافظة عليها موضحة أن موضوع الموازنة يتضمن توزيع القروض الدولية وفق نسب السكان وهو أمر غير عملي ووارد وغير قابل للتنفيذ .


وكانت الحكومة العراقية أقرت الميزانية الاتحادية لعام 2008 بمبلغ 48 مليار دولار بزيادة نسبتها 18في المئة مقارنة بموازنة عام 2007.وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في وقت سابق إنه تمت زيادة نفقات المشاريع الاستثمارية لتصبح 15 ألف مليار دينار ( 13 مليار دولار) بزيادة 30في المئة مشيرا إلى تخصيص مبلغ 14 ألف مليار دينار لإعمار وتنمية مشاريع الأقاليم والمحافظات.


وكان وزير المالية العراقي بيان جبر الزبيدي قال إن قطاع الاستثمار سيكون له الأولوية في موازنة العام الحالي حيث يتم تخصيص 10.5 مليارات دولار من الموازنة لهذا القطاع الحيوي للنهوض بالواقع الاقتصادي. وتجدر الإشارة إلى ان العراق يحتاج إلى نحو 100 مليار دولار خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية.


وقد أدى الحصار الاقتصادي المفروض على العراق من الأمم المتحدة عام 1990 إلى تدهور الناتج المحلي الإجمالي ولم يؤد احتلال العراق إلى الخروج من هذا المأزق حيث أكدت وزارة التجارة العراقية أن الناتج المحلي الإجمالي للعراق انخفض من 53.9 مليار دولار عام 1980 إلى 41 مليار دولار عام 2006 نتيجة تدمير البنية الأساسية للاقتصاد العراقي.


وقد انعكست آثار هذا التدهور الذي لحق باقتصاد العراق على حياة المواطن حيث هبط متوسط دخله السنوي من 4219 دولارا عام 1979 إلى 1456 دولارا عام 2006 في الوقت الذي تجاوزت نسبة البطالة بين أفراد الشعب العراقي 50في المئة .. فيما وصلت معدلات التضخم إلى 53في المئة عام 2006 فيما انخفضت مستويات إنتاج النفط لتصل إلى مليوني برميل يوميا.