إيلاف من ستوكهولم: اعلنت اكاديمية نوبل السويدية انه تم اليوم الخميس منح الكاتب التركي اورهان باموك جائزة نوبل للاداب للعام 2006 وقيمتها عشرة ملايين كرونة سويدية (1.36 مليون دولار).وفي اعلانها، قالت الاكاديمية السويدية عن الروائي التركي quot;في بحثه عن روح مدينته الحزينة اكتشف (باموك) رموزا جديدة لتصادم وتضافر الحضارات.quot; .. وأورهان باموك يعتبرواحدا من كبار روائيي اللغة التركية المعاصرة، وما جعل رواياته يكون لها بريق أكثر من أصالتها، هو مواقف الكاتب الإنسانية خصوصا منإبادةالأرمن. فلم يتوان عن إعلان اعتذاره ومدافعا عن مطاليب الأرمن في أن تعتذر تركيا على جريمتها العرقية بحق الأرمن(أثناء انهيار الإمبراطورية العثمانية مابين 1915 و1917).. إذ صرح في احدى المجلات قائلا: quot;قتل مليون أرميني و30 ألف كردي على هذه الأرض، ولا يتجاسر أحد غيري للحديث عن الأمر...quot;.وتمت ملاحقته قضائيا امام القضاء التركي بسبب quot;الاهانة الواضحة للامة التركيةquot; وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن ما بين ستة اشهر وثلاث سنوات. وتعرض لتهديدات بالقتل كما صدر امر في احد اقاليم غرب تركيا باحراق كتبه. الا ان هذا الامر لم ينفذ بضغوط من الحكومة التركية الحريصة على عدم تشويه صورتها امام العالم قبل بدء مفاوضاتها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. وتم التخلي عن الملاحقات القضائية بحق باموك في نهاية المطاف في مطلع العام 2006.

وجاء في بيان لجنة نوبل ايضا quot;صار باموك معروفا بسبب موهبته الابداعية الادبية والقدرة على التعاطي مع موضوع الهويات وازدواجية الوجوهquot;. وتابع البيان ان باموك quot;معروف في بلاده ككاتب معارض، رغم انه يعتبر نفسه روائيا مجردا من اي نوايا سياسيةquot;. وفي تركيا هنأ وكيل وزارة الثقافة مصطفى ايسينا، الكاتب رغم الجدل الذي تثير كتاباته في البلاد.
وقال أورهان باموك لصحيفة سفينسكا داجبلات السويدية يوم الخميس quot;ان الفوز بالجائزة شرف له.. سعدت كثيرا وشرفت بنيل الجائزة. أنا في غاية السعادةquot; واضاف quot;سأحاول التعافي من هذه الصدمة.quot; كما قال ردا على سؤال عما اذا كان سيحضر حفل تسليم الجوائز في ديسمبر كانون الاول quot;سأحضر الى ستوكهولم بالتأكيد. سيكون أمرا مثيراquot;.

وقال باموك الذي يعتبر نفسه كاتبا يتطرق الى المواضيع السياسية quot;انني ادعم ترشيح تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي (...) لكن لا يمكنني القول لخصوم تركيا lt;ليس من شأنكم ما اذا كانوا يحاكمونني ام لاgt;. وفجأة اجد نفسي عالقا في الوسط، انه عبءquot;. وباموك طويل القامة وعصبي ويتكلم بسرعة وبقوة... وذات مرةسالته مجلة quot;باريس ريفيوquot;عن رأيه في اجراءمقابلات، فأجاب: quot;أشعر احيانا بنرفزة... لأني أعطي أجوبة غبية على أسئلة عديمة الجدوى. وقد حدث لي هذا في التركية والانجليزية معا. أتكلم التركية على نحو رديء واتلفظ بعبارات غبية. وقد هوجمت في تركيا بسبب مقابلاتي اكثر مما بسبب كتبي. السجاليون وكتاب الأعمدة الصحافية، عندنا، لايقرؤون الرواياتquot;..
وباموك علاوة على أنهاول كاتب في العالم الاسلامي الذي دان علنا الفتوى التي صدرت عام 1989 بحق الكاتب سلمان رشدي كما ساند زميله التركي ياسر كمال حين استدعي للمثول امام القضاء عام 1995.فهوكذلكاول كاتب تركي يفوز بجائزة نوبل. وهكذا اصبح في آن اكبر مفخرة أدبية لتركيا ومصدر احراج لها.وتتمحورمؤلفاته حول الجهودالعلمانية لتركيا من اجل الانضمام الىالاتحاد الاوروبي والتجاذب الذي يرافقهذه الخطوة المفتعلة نحو الغرب والذييكون مؤلما في غالبالاحيانبالنسبة للمجتمع والافراد علىحدسواء.

ولد باموك في 7 حزيران/يونيو 1952 لدى عائلة ميسورة تتكلم اللغة الفرنسية في اسطنبول. واوقف الكاتب دراسته في الهندسة المعمارية حين كان في الثالثة والعشرين من العمر لكي ينصرف الى الادب. وهو مطلق وله ابنة.ويطل منزلهفي العاصمة التركية علىجسر فوق البوسفور يربطاوروبا بآسيا وهو يستلهم مواضيع رواياته من المجتمع التركي وصراع الهويات الذي يدورفيه بين الشرق والغرب.وسبق أن نال عدة جوائز ادبية في الخارج بينها جائزة السلام لدور النشر الالمانية في تشرين الاول/اكتوبر 2005. وبعد سبعة اعوام نشر اول رواية له quot;جودت بك وابناؤهquot; التيصدرتعام 1982 لاحوالعائلة تركية تابعتطورهاعبر اجيال ثلاثة. وتصاعدت حدة الانتقادات ضده بعد رفضه في العام 1998 قبول لقب quot;فنان دولةquot; بعدما اصبح انذاك الكاتب الاول في تركيا مع تسجيله مبيعات قياسية.

كلود كاستيران:اكاديمية نوبل تواصل سياسة الانفتاح على العالم

وروايته السادسة quot;اسمي احمرquot; فتحت امامه ابواب الشهرة عالميا. وتتحدث الرواية عن المواجهة بين الشرق والغرب في ظل الامبراطورية العثمانية في نهاية القربن السادس عشر. وquot;الكتاب الاسودquot; هي الرواية الاكثر رواجا له في تركيا ويصف فيها رجلا يبحث بلا هوادة عن امرأة طوال اسبوع في اسطنبول المكسوة بالثلج والوحول. اما روايته quot;ثلجquot; (2002) فتتطرق الى هوية المجتمع التركي وطبيعة التعصب الديني. واصدر اورهان مؤلفات اخرى مثل quot;منزل الصمتquot; (1983) وquot;القصر الابيضquot; (1985) وquot;الحياة الجديدةquot; (1994) وquot;اسطنبولquot; (2003).

مرشحو نوبل كل عام

ولعلم القراء أن كل عام يتواجد عدد من المرشحين لنيل جائزة نوبل، بل هناك حتى ما بات يسمى بالمرشحين الدائمين كالكاتب السوري أدونيس والسويدي توماس ترانسترومر. وكان منبينالمرشحين لهذا العام الكاتب الداعية البولوني ريزارد كوبوسنسكي. أما من الولايات المتحدة الأمريكية فقد رشح توماس بينجون وفيليب روث. ومع تحديد الأكاديمية لموعد منح جائزة الأدب أعلنت أيضاً إنضمام الكاتب السويدي ييسبر سفينبرو وكريستينا لوغن كأعضاء في لجنة التحكيم ليحلا محل أوستن زيوستراند ولارس غيلنستن اللذين توفيا في هذا العام.
وذكرت أنباء قريبة من الأكاديمية بأن الكاتبة كيرستين آكمان والاختصاصي في الثقافة كنوت آنلوند أوقفا تماماً تعاملهم مع الأكاديمية بسبب التعارضات العميقة في المواقف استمرت سنوات عديدة، ولكنهما لا يزالان يحتفظان بموقعيهما في لجنة التحكيم وبصوتيهما أيضاً.
ويبدو من خلال الأسماء المرشحة لنيل الجائزة، ما عدا التركي اورخان باموك الذي فاز بها، بأن أوربا وأمريكا كانتا تحضيان في هذا العام بخصوصية دون غيرها من القارات. ويتبادر إلى الذهن تساؤل مشروع: أين هو موقع الأدب العربي الذي لم يحض إلاً مرة واحدة بالجائزة عبر نجيب محفوظ، ويبدو بأنه الأديب العربي الوحيد الذي امتلك توازناً ناضجاً في أعماله الروائية، وعكس بها بانوراما سوسيولوجية لحياة مجتمع مديني في تحولاته الإجتماعية والأخلاقية. ومع أن ترجمات أعمال محفوظ إلى اللغات الأخرى لم تكن في الغالب نصية بل اعتمدت عموماً الى التحرير والصياغة إلاً أنها مثلت مرحلة هامة لتأسيس أدب كلاسيكي عربي. أما في تقييم الأدب العربي من منظور عالمي فما زال هذا الأدب لا يمثل الحد الأدنى من شروط الإبداع سواء في الرواية او في الشعر.

في ما يلي اسماء الفائزين في السنوات الـ15 الماضية بجائزة نوبل للاداب

- 2006: اورهان باموك (تركيا)
- 2005: هارولد بينتر (بريطانيا)
- 2004: الفريدي يلينيك (النمسا)
- 2003: جون ماكسويل كوتزي (جنوب افريقيا)
- 2002: ايمري كرتيس (المجر)
- 2001: في.اس. نايبول (بريطانيا)
- 2000: غاو كسينجيان (فرنسا)
- 1999: غونتر غراس (المانيا)
- 1998: جوزيه ساراماغو (البرتغال)
- 1997: داريو فو (ايطاليا)
- 1996: فيسلافا جيمبورسكا (بولندا)
- 1995: شيموس هيني (ايرلندا)
- 1994: كينزابورو اوي (اليابان)
- 1993: توني موريسون (الولايات المتحدة)
- 1992: ديريك والكوت (سانتا لوتشيا).