مجتمع لبناني جمع المتناقضات ..فانقسم
مثليو الجنس :جولات رابحة في معركة الميول

موقع حلم الذي يعنى بشؤون مثليي الجنس
نسرين عزالدين من بيروت : لا ينفك تيدي يصر على حقه بأن يكون كما هو ..شاب بملامح اقرب الى الفتاة، بعد إجراء عدد من عمليات التجميل على ما يبدو، وبمكياجه البارز ومهنته كراقص إستعراضي . قد تحتار من امرك بداية الامر وقد تنتابك مشاعر متناقضة حول درجة تقبلك لتيدي الراقص الاستعراضي. وفي نهاية المطاف قد تتقبله على ما هو عليه وتتابع حديثه التلفزيوني وقد تنفر منه وتنتقل الى محطة اخرى .
تيدي ليس الراقص الاستعراضي الوحيد في لبنان وليس الاشهر أيضا .فهناك العديد من الشبان الذي يمتهنون الرقص الاستعراضي او رقص التعري وجميعهم quot;الاشهرquot; . فصفة رجل راقص كفيلة بجعله الاشهر مع الاخرين طبعا .. فجميعهم سواسية quot;بالشهرةquot;.وشهرة مثليي الجنس في المجتمعات العربية تتخذ معان عدة كالرفض والاستغراب والنفور والخوف والكره .

لكن الوضع في لبنان يختلف الى حد ما عن باقي المجتمعات العربية، فمثليي الجنس في لبنان وعلى الرغم من كون ميولهم جنحة يعاقب عليها القانون الا ان درجة اندماجمهم في المجتمع مقبولة مقارنة ببقية المجتمعات.

فجيمع الاماكن مفتوحة امامهم _وان كانوا يجتمعون في اماكنهم ونواديهم الخاصة _قد يتعرضون لبعض المضايقات وقد لا يتعرضون ، الامر منوط بالشخص الذي قد يتقبل وجودهم او يتجاهله او يستفزه .وهذه المشاعر ليست حكرا على لبنان او المجتمعات العربية فحسب بل منتشرة في كل أنحاء العالم .

رهاب مثليي الجنس ليس ميزة عربية بل عالمية .وعليه يقوم مثليي الجنس في السابع عشر من أيار باحياء اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية ، وعلى الرغم من ان تاريخ احياء هذا اليوم يعود الى العام 1990 حين قامت منظمة الصحة العالمية بالغاء المثلية الجنسية من لائحة الامراض العقلية الا انه لم يتم احياء هذا اليوم سابقا بل كانت انطلاقته في العام 2005 _اي بعد 15 عاما من صدور القرار.


إذا ومقارنة بالوضع العالمي هذه المرة فان وضع مثليي الجنس طبيعي جدا في لبنان حتى ان البعض يعتبر ان وضعهم اكثر من مقبول وان ذلك يعود الى quot;العقلية quot; اللبنانية التي تتمسك بفكرة quot;ضرورة تقبلهم كي لا نكون شرقيين جدا quot; فتمّ تقبلهم quot; أكثر من اللزوم.ومما لا شك فيه فان سرية اللواط والسحاقquot; شهدت إنفتاحًا كبيرًا خلال السنوات الماضية على المجتمع وان كانت ميولهم جنحة فان البعض يراه quot;عقبة شكليةquot; لا اكثر وان مثليي الجنس اللذين القي القبض عليهم فاما لاخلالهم بالاداب العامة او لتجاوزهم قانون ما .ولعل ابسط مثال على ذلك الراقص المثليي المعروف بيويو والذي يؤدي وصلاته الراقصة ويجهر بميوله وما زال حرا طليقا ..وغيره كثر.
وتروي بعض مواقع مثليي الجنس محاولات رجال الشرطة الدخول الى مواقعهم ومعرفة هويات واسماء العامليين في المواقع ، وقد تم القاء القبض على احد المسؤولين عن مواقع مثليي الجنس عام 2000 وانما بتهمة بث افلام quot;إباحيةquot;.


الإكتشاف والإعلان

مسيرة مثليي الجنس في بيروت عام 2005

لبعض مثليي الجنس مظهر خاص يفضح ميولهم، وللبعض الآخر مظهر عادي لا يوحي بأي توجهات جنسية غير عادية . quot;لطالما كنت ناعم الملامح والتصرفاتquot; يلوح عصام بيده في الهواء quot; حين كنت طفلا وصفت بالمدلل وحين كبرت تحولت إلى المريبquot; . لا يحاول عصام التعمق في الأسباب التي جعلته مختلفا عن غيره كطفل و منجذب إلى بني جنسه كرجل quot; لا أهتم حقا ، أنا هكذا ومن لا يريد أن يتقبلني لا أريد أن أتقبله في المقابل فليدعني وشأني quot; . وإن كان عصام قد تمكن من الإفصاح عن ميوله لأصدقائه إلا أن أهله ما زالوا quot; يشكّون في الامر .. وإنما لا يعلمون بشكل مؤكد quot; . وهكذا فالخوف من إكتشافهم يتربص له في كل مكان . quot; لا أحب التحدث عن تجربتي الأولى ، فلنقل أنني علمت منذ البداية انني مختلف والآن أنا أحب الرجال وكفىquot; . من جهتها ما تزال سعاد السحاقية تحتفظ بسرها لنفسها ولمجتمعها الخاص من السحاقيات quot;عندي مجموعتين من الأصدقاء ، الأولى العادية و الثانية من السحاقيات مثلي .quot; مجموعتان تسعى بشتى الطرق إلى منع أي لقاءات مشتركة بينهما خوفا من إنكشاف سرها .

صدفة بحتة كانت وراء إكتشاف سعاد لميولها quot; كنت أعجب بالفتيات و بمظهرهن وإعتقدت حينها أنه أمر طبيعي لأنه وكما يقال الحلو حلو وعلى راس السطح . إلى أن التقيت بصديقتي الحالية quot;. لكن على سعاد في مرحلة ما ، وفقا لتوقعات أهلها ، الإقتران بأحدهم وتكوين أسرة quot;لا أفكر بذلك حاليا ، أفضل أن أستمر بسعادتي بلا منغصات لما قد أو قد لا يحدث في المستقبل quot; .

تختلف التحليلات والنظريات حول الاسباب التي قد تجعل من احدهم مثليي الجنس ، فالبعض يردها الى تركيبة هرمونية تحول دون ان يكون ذلك الشخص طبيعي الميول ، والبعض يتحدث عن انحراف في الميول نتيجة كبت او قلة اختلاط مع الجنس الاخر وهو تنفيس مؤقت لا يمنع الشخص من العودة الى طبيعته كما هي حال السجون وبعض المجتمعات التي يصعب على الذكور الاختلاط بالاناث.وتبقى القلة القليلة التي تمارس اللواط اوالسحاق لمجرد التجربة..وهي فئة قليلة بشكل عام .وعلى اختلاف النطريات تبقى القصة الاكثر شيوعا والتي تلقي باللوم على حادثة أو تجربة معينة .فتتكرر قصة quot; إغتصبت خلال طفولتيquot; من ناحية الشبان بشكل كبير، رواية قد تكون صحيحة في بعض الحالات لكن تشابه القصص بطريقة غريبة ، يجعل من الرواية برمتها موضع شك .

مجلة برا المتخصصة
فجو راقص التعري لا يفصح الكثير عن ميوله وان كان يلمح اليها لكنه لا يتردد في سرد رواية اغتصابه من قبل عامل بناء خلال طفولته .وعلى صعيد اخر تختلف درجة الالتزام بالميول المثليية ، فهناك من يلتزم كليا ويرفض اي اتصال جسدي مع الجنس الاخر وهناك من يمزج بين الجنسيين وهو ما يعرف بالازدواجية الجنسية bisexuality .
يرفض داني تصنيف او تشبيه كل مثليي الجنس براقص او شاب متبرج ، فالميول لا علاقة لها بالشكل او المهنة ..وداني من الاشخاص الذين لا يفضحهم شكلهم او تصرفاتهم او نبرة صوتهم ، هو من حيث الشكل طبيعي مئة في المئة ومن حيث الميول ينتقل بين النساء والرجال.


أماكن تواجدهم

لمثليي الجنس في لبنان نواديهم الخاصة واماكن لقاء خاصة وان كانوا يتواجدون في كل مكان ..لكنهم يفضلون اماكنهم الامنة التي يمكنهم الاجهار والتعبير عن حبهم لشريكهم او شريكتهم بشكل علني. كما يمكن بكل بساطة زيارة مواقعهم على الانترنيت او موقع جمعية حلم التي تعنى بشؤون مثليي الجنس .او حتى يمكنك الحصول على مجلة خاصة لمثليي الجنس تصدر عن الجمعية نفسها .

وبشكل عام فان هذه المواقع هي بمثابة الدليل لكل مثليي الجنس .وان كانت تزود quot;الزائرquot; باماكن اللقاء فانها ايضا تعطي نصائح حول كيفية التهرب من quot;دورية دركquot; او quot;كبسة شرطة الادابquot; .ازدواجية في المعلومات لا تغني ولا تسمن عن جوع كون الشرطة على علم مسبق بكل هذه الاماكن والمواقع خصوصا وان محلة برا المتخصصة في شؤون المثليين متداولة وهو امر من المؤكد انه يتم بعلم من السلطات المعنية .


من المسلم به ان جنحة اللواط والسحاق التي حدد القانون اللبناني عقوبتها بالسجن لعام غير مطبقة بصرامة .البعض قد يصف الامر بغض النظر او التساهل والبعض الاخر يعتبره اقل ما يمكن للدولة ان تفعله بانتظار شطبها كليا من القانون.

العاديون والمختلفون

ملصق إعلاني يدعو لتجمع مثليي الجنس في 17 أيار
الاختلاف في وجهات النظر في المسألة القانونية حول مثليي الجنس ينسحب على كل ما يتعلق بهم .البعض يتجاهلهم والبعض لا يحب التواجد في الاماكن التي يتواجدون فيها ..فئة تصطادهم من اجل افتعال عراك معهم وفئة تتقبلهم وتحبهم بما هم عليه .quot;لا اطيقهم ..لا بل اكرههم. يستفزني شكلهم وتستفزني طريقة سيرهم وتباهيهم غير المحدود بشذوذهم quot; يقول سامر غاضبا quot;لا مانع عندي من ضرب احدهم حتى يستقيم quot; يعقب ضاحكا.
من جهتها تعتبر منى ان المجتمع يحافظ على مشاعرهم اكثر مما ينغيquot; هم شواذ ، يمارسون الشذوذ الجنسي لواط وحتى مخنثين ..لكن حين يناقش اي برنامج تلفزيوني المسألة فانه لا يستعمل سوى كلمة مثليي الجنس .لما لا يؤمنون له شقة وشريك ..ويوفروا علينا مسخرةquot;.
وان كانت منى تتخذ موقفا حاسما من مثليي الجنس الا انه غالبا ما يكون هؤلاء من افضل الاصدقاء للفتيات . رولى وشادي من quot;اعز الاصدقاءquot; يمضيان معظم اوقاتهم سويا ويمارسان كافة النشطات معا quot; هو صديقتي لنا نفس الاهتمامات نتبضع سويا ونشاهد الافلام ونذهب الى مزين الشعر معا.احبه كثيرا وارتاح لوجوده .فهو كما قلت صديقتي بدون quot;خبرياتquot; البنات.الفتيات يغرن من بعضهم البعض ويضمرن الشر خفية وان كن من اقرب المقربات وهذا غير موجود عند شاديquot;.
اما علاقة مثليي الجنس من الذكور مع غيرهم من الذكور quot;العاديينquot; فمرتبكة ..فئة تنفر منهم وفئة تتجاهلهم وفئة قليلة تتقبلهم وتبقى فئة اخرى لا تعرف حقا موقفها تجاههم quot; لا اعرف quot; ويصمت علاء قليلا ..quot; احيانا اتجاهلهم واحيانا اكرههم واحيانا لا اكثرت لهم لكنني اعلم انني لن اصادق احدهم لكنني لن افتعل عراكا مع احدهم لمجرد انه مثليي ..اللهم الا اذا حاول استمالتيquot; يضحك ويتابعquot; حينها سأريه اي استمالة هي quot;.

وبين كل هذه الارتباكات تبقى حال مثليي الجنس في لبنان حال نظرائهم في العالم ..فحتى المجتمعات الاكثر انفتاحا وتقدما ما زالت تنقسم حين يتعلق الامر بالاختلاف في الميول الجنسية.وتبقى معضلة تقبلهم رهن بالاخر ..اما معضلة quot;جنحتهم quot;القانونية فهي رهن بالدولة التي تعامل مثليي الجنس كمواطن يعمل ويفكر ويدفع الضرائب مذنب وفقا للقانون وحر في معظم الاحيان في القيام يتجمعات وجمعيات ومواقع على الانترنيت وتوزيع مجلة خاصة بهم .

أحدهم اختار طوعا او اكراها ميوله المختلفة عن مجتمعه ..بعضهم افصح عنه وبعضم كتمه ..لكنهم في نهاية المطاف ما زالوا يقفون عند حدود حريتهم الخاصة .وبين حريتهم وحرية quot;الفئة الاخرىquot; تبرز المعضلة وسواء تقبلهم البعض او رفضهم فهم جزء من كل المجتمعات يعملون وينتجون ويشاركون في بناء الاوطان ..ويبقى اختلافهم هو الحد الفاصل بين حريتهم وحرية الاخرين.