علي آل غراش من الدمام- سعيد الحسنية من الرياض: تتشابه مفردات الاحتفال بيوم الفالنتين أو عيد الحب في مختلف البلدان، لكن في المملكة العربية السعودية هناك طابع خاص عند التعامل مع هذه المناسبة، فما أن يقترب يوم الرابع عشر من فبراير من كل عام، حتى يستعد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (المطوعون ) للبحث عن كل شاب أعلن حبه من خلال وردة حمراء أو دبدوب صغير كهدية لمحبوبته، فمن جهتها حذرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- الشرطة الدينية في السعودية - أصحاب المحلات التجارية والفنادق والمطاعم والمقاهي من إبراز أي مظهر منمظاهر الاحتفال بـعيد الحب quot;الفالنتينquot; يوم 14 فبراير القادم، مهددة بمصادرة كل المواد التي تعبر عن المناسبة ومحاسبة الباعة، كذلك منعت ارتداء الملابس ذات اللون الأحمر أو بيع كل ما لونه احمر في الأسواق، أو الإشارة لهذه المناسبة بأي وسيلة. وصرح المدير العام المساعد لفرع الرئاسة العامة للهيئة بمنطقة الرياض أن أعضاء الهيئة سيقومون بجولات ميدانية وقائية في الأماكن التي تكثر فيها المخالفات والميادين التي يجتمع فيها الشباب، وذلك للمحافظة على العقيدة.
بين الرفض والقبول
وقد اختلفت توجهات الشارع السعودي بين مؤيد ومعارض للمناسبة، فالبعض يرى أن عيد الحب مناسبة جيدة للتذكير بقيمة ومعاني الحب والمودة والرحمة بين أفراد العائلة أو بين الزوج وزوجته، أو بين الأخوة في حدود الشرع والعادات والتقاليد، خصوصا وأن هذه المناسبة لا تتعلق بشعب أو قومية أو ديانة محددة بل هي مناسبة لجميع شعوب العالم كالاحتفال بيوم الأم أو المعلم وغيرها فهي تدخل من باب المباح الجائز إذا تم الاحتفاء بها بدون ارتكاب محرمات.
إلا أن هناك شريحة ترفض المناسبة جملة وتفصيلا حيث تراها مخالفة للشرع الإسلامي لعدم وجود أعياد غير الفطر والأضحى، ويرون في quot;عيد الحبquot; عادة غربية دخيلة على المجتمع السعودي الإسلامي،وأنها جزء منعملية الغزو الثقافي للمجتمعات الإسلامية والخليجية خاصة عبر جذب الشباب لهذه الأفكار الهدامة.
عيد الحب مرفوض!
ولا تمنع هذه الإجراءات من وجود سجال بين المؤيدين والمعارضين، إلا أن كلا الفريقين يتفق على أهمية الحب في حياة الإنسان، فلاح الحربي (مدرس) يفتخر بأنه محافظ تقليدي ويقول: quot;هذه العادات تدل على تفكك هويتنا الثقافية وانحرافنا وتقليدنا الأعمى للغرب، مما جعل أعيادنا الدينية لا تحظى بهذه المظاهر من البهرجة والفتنةquot;. ويضيف: quot;نحن بحاجة للحب لكن لماذا لا يتجلى هذا الحب الكبير والجارف عندما يتعلق الأمر بديننا وبأمتنا التي تواجه أعسر المراحل؟
ومن جهته يرفض إبراهيم الغامدي ( 22 عاما) الذي يعمل مندوب تسويق الاحتفال بعيد الحب قائلا: quot;من المفترض أن نعيش الحب طوال الوقت وأن يكون معناه أكبر من ارتداء الأحمر أو تبادل الهدايا .. الإنسان الذي يحب حبا حقيقيا يجب ألا يعبر عن حبه بالمظاهر أو في يوم معين من أيام السنةquot;. كذلك الأمر بالنسبة لمنى ( 21 عاما ) التي تعمل مزينة فتقول: quot;ممكن أن اتصل بزملاء وأصدقاء لي يوم الحب للاطمئنان عليهم وتبادل الحديث معهم لكني لا أوافق على مظاهر تصاحب هذا العيد خارجة على تقاليدناquot; .أما هدى (24 عاما) أكتفت بالقول: quot;حرام ولا مبرر له وانه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة إلى النارquot;.
ومن بين أرجاء المملكة تعد المنطقة الشرقية من أكثر المناطق قربا لأجواء هذه المناسبة كونها من أكثر المناطق انفتاحا في السعودية، حيث يجد الشباب السعودي متنفسا هناك، ظهرتمناسبة عيد الحب حاضرة في أذهان الشباب من الجنسين، وتحدث عدد منهم عن المناسبة بارتياح كبير، وعبروا عن فرحتهم بتبادل معاني الحب والتسامح والمودة ولو كان فقط بالكلام بعيدا عن الهداياالحمراء، ومنهم من حرص على ركب سيارة ذات لون احمر أو ارتداء زي يحمل لون الحب القرمزي الأحمر. وتمر المناسبة هذا العام في السعودية خلال فترة الإجازة المدرسية لتغلق باب الجدل السنوي، حيث شهد العام الماضي تحول المدارس إلى منابر إعلامية قام خلالها بعض المعلمين بتهديد الطلبة ومعاقبتهم عند ارتداء أي لباس لونه أحمر من جاكيت أو قبعة أو استخدام أقلام أو كراسات أو حقائب ذات تحتوي على لون احمر، كذلك الفتيات اللاتي كن أكثر تفاعلا وإقبالا على إحياء المناسبة في أجواء بعيدة عن الاحتفالية ولو على مستوى العائلة.
أنصار الفالنتاين
المحتفلون يرفضون مجرد الجدال حول العيد الذي دخل حديثا ضمن أعياد المنطقة رغم أنه لا يزال يقتصر على فئات معينة، ويقول عبد الرحمن الدويش:quot;إن الاحتفال بعيد الحب أصبح أمرا لا يحتمل النقاش.. انه مناسبة عالمية يحتفل بها كل العشاق، لكن لم احتفل بها إلا بعد أن بدأت أعيش الحب الحقيقيquot;. مضيفا: quot;أنا أعتبر أن عيد الحب هو أفضل الأعياد على الإطلاق مهما قيل بأنه ليس من تقاليدنا ومن الظلم أن لا يقام عيد لهquot;.
أما محمد العنيزي ( طالب جامعي ) ينتقد موقف المعارضين لهذا العيد، وتكرار خطابات التحريم بشكل ممل ورتيب كل عام، ومصادرة كل ما له علاقة باللون الأحمر باعتباره اللون المتهم بالتعبير عن يوم الحب، ويقول : عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار أن الأحوال تتغير، وما كان صالحا بالأمس لا يصلح لليوم، فالشباب يحتاجون التنفيس عن أنفسهم وإخراج مكبوتاتهم ، مضيفا : quot; يا ليت قائمة الممنوعات والمحاذير دون مخالفة الشرع والتقاليد تنتهي quot; .
أما عبدالله الشنيفي فيشير إلى أنبعض المطوعين ينقصهم أساليب التوعية التي تتلاءم مع العصر، ويقول: quot;معظمهميميل إلى رفض الأمور بدون مناقشه، ويتعاملون مع الشباب دون حوار ونقاش، ودون الأخذ في الاعتبار الحاجات والضغوط التي يعاني منها الشبابquot;. يوافقه الرأي نايف العتيبي الذي يتساءل: quot;لماذا يتهمون كل من يحتفل بعيد الحب أنه نصراني، فمن حق كل إنسان منا أن يحتفل بعيد الحب من أجل الفرح والحب والسلامquot;، مضيفا: quot;أما مسالة أن الاحتفال حرام، فهذا أمر بين العبد وربه ولا يحق لأي أحد مصادرة الورود والهداياquot;. من جهتها تعترف نوف (طالبة ثانوية) أنها تحتفل بهذا اليوم مع أصدقائها وأسرتها ويتبادلون الهدايا، دون إخلال بالشرع والتقاليد، وتؤكد على أن هذه المصادرة لا تحول دون أن يحصل الشباب على ما يبتغون من هدايا، وأن كل ما في الأمر يحصلون عليه قبل عيد الحب بأيام quot;.
باعة الهدايا والورود يشتكون
ورغم تلك الأجواء إلا أن محلات بيع الهدايا والورود والحلويات ومحلات الملابس قد استعدت لمناسبة عيد الحب بتوفير كل ما يتناسب مع المناسبة بما لونه احمر، إلا أن الهيئة قامت بحملة توعوية وتحذيرية, وصلت للملاحقة والمنع بعرض أو بيع أي من هذه المواد، وقد عبر عدد من أصحاب المحلات التجارية خصوصا محلات بيع الهدايا عن استيائهم الشديد من موقف الهيئة من حظر بيع الهدايا الخاصة بالمناسبة ذات اللون الأحمرإذ إن المنع يكلفهم خسائر كبيرة وضياع موسم مهم نتيجة الإقبال الكبير من الذكور والإناث من جميع الشرائح.
محمد الزارع (صاحب محل للهدايا) يقول : quot; إن تبادل الهدايا في هذه المناسبة يسهم في إضفاء الرومانسية، وتزيل نوعاً ما من الروتين والفتور الزوجي، خاصة بعد مرور فترة طويلة عليهquot;، وعن نسبة مبيعات الهدايا في عيد الحب قال : quot; إن المبيعات تنخفض في عيد الحب لمراقبة محلات الهدايا،لكن تلك الخسارة يمكن تعويضها قبل العيد وبعده quot;.
الممنوع مرغوب
وكان العام الماضي قد شهد صداما بين الشباب ورجال الهيئة أشهرها عندما قامت هيئة المنطقة الشرقية بالقبض على مجموعة من الشباب يحتفلون بعيد الحب مرتدين أزياء ذات لون احمر ويحملون ورودا حمراء اللون. ويتوقع المراقبون أن يقع اصطدام بين الشباب ورجال الهيئة هذا العام، في ظل نظرة بعض الشباب إلى هذه المناسبة من منطق أن quot;الممنوع مرغوبquot;.
من المعلوم أن هناك فتوى خاصة بتحريم الاحتفال بيوم الفالنتين، حيث أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى جاء فيها أن عيد الحب : من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول .

يسعد صفحة الشباب تقبل مساهماتكم، واقتراحاتكم على بريد:[email protected]