نسرين عجب من بيروت: quot;اذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر... ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسرquot;. ينطبق هذا البيت من قصيدة quot;ارادة الحياةquot; للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي على الشعب اللبناني الذي تبقى ارداة الحياة عنده أقوى من كل الأزمات المتلاحقة التي عصفت به، خصوصاً منذ اغتيال الشهيد رفيق الحريري سنة 2005.

الاغتيالات، التفجيرات، عدوان اسرائيل في تموز 2006، معارك فتح الاسلام في نهر البارد، محطات هزّت اللبنانيين ولكنها لم تثنهم عن حبهم للحياة، وكان دائماً شعارهم quot;أنا بحب الحياةquot; وquot;بدي عيشquot;.
ولكن 8 أيار 2008 وما تبعه من أيام دموية، كان له أثراً مغايراً عن الأزمات السابقة اذ أعاد الى مخيلة اللبنانيين ذكرى الحرب الأهلية.

كيف عاش الشباب اللبناني هذه الفترة؟

ايلاف قصدت هؤلاء الشباب تسألهم عن شعورهم حيال ما يحصل، فكان الغضب واليأس وخيبة الأمل. ويقول أكرم (27 عاماً): quot;لم أتوقع يوماً أن نعيش الحرب الأهلية مجدداًquot;. وتعيش منى (24 عاماً) حالة من الضياع: quot;ليس عندي شعور لأنني لم أفهم أو أصدّق ما حصلquot;. أما حكمت (27 عاماً) فيعبّر بسخط: quot;ما يحصل كثير على بلد لطالما حلمنا أن يصبح الأفضل في العالم، ولكن السياسية تجره الى جهنمquot;.
الأزمة أثرت ايضاً على الشباب المغترب، ويقول هادي (27 عاماً): quot;كانت الأحداث في لبنان حديث الساعة، وكنت أتابع ما يحصل باهتمام شديد، وأكثف اتصالاتي للاطمئنان على أهلي والاطلاع على التطوراتquot;.

هذه الأحداث انعكست سلباً على نمط حياة الشباب، فاللبناني المعروف بحبه للحياة والسهر بات يعيش حالة من الترقب لما يحصل وعدل بمعظمه، حتى المغتربين، عن فكرة الخروج. ويعلّق سلمان (27 عاماً، مغترب): quot;لم يعد لي مزاجاً في الخروج بل تسمرت أمام التلفاز لمتابعة مجريات الأمور، كما تابعت الاشبتاكات في منطقتي عبر الهاتفquot;. وتؤيده ريما (27 عاماً): quot;أكيد ليس هناك سهرات أو خروج من المنزل في ظل ما يحصلquot;. أما ميرا (26 عاماً) فتجزم: quot;لا أذهب الى أي مكان ولا أنوي ذلك أبداًquot;. من جهة أخرى رفضت هلا (28 عاماً) ومازن (30 عاماً) أن تمنعهما الظروف من الخروج والسهر وإن أقل من العادة.
أما ميلاد (30 عاماً) فيعتبر أن اللبناني اعتاد على الأزمات quot;وأنا مازلت أمارس حياتي بشكل طبيعي وأخرج للسهرquot;، محدداً في الأشرفية، القريبة من منطقة بشارة الخوري التي شهدت تطورات خطيرة.
أحداث أيار 2008، جعلت حتى من التجول على الطرقات خطراً.
وفي غياب الأمان وتعذر خروج الشريحة الكبرى من الشعب اللبناني، حتى الى العمل، تسمّر الللبنانيون أمام التلفاز لمتابعة الأخبار. ولم يختلف الشباب عن باقي شرائح المجتمع، الا أنه اضافة الى التلفاز كان للانترنت حصة الأسد في تمضية الوقت، ففضلاً عن أنها كانت الوسيلة الأسرع لتناقل الأخبار بين الأصدقاء، فتحت فرصة للبنانيين للتعبير عن آرائهم من خلال المشاركة في مجموعات الفايس بوك التي جاء عدد كبير منها متناغماً مع ما يحدث على الأرض.

في المحصلة، أزمة تأتي وأزمة تذهب. هذا هو الحال في لبنان، البلد الصغير الذي تخطت مشاكله حجمه. ولكن يبدو أن شعبه تعود على الأزمات، فما أن تمر حتى تصبح من الماضي وتبقى ارادة اللبنانيين في العيش أقوى. ألم يقل العملاق وديع الصافي quot;لبنان يا قطعة سما عالأرض تاني ما الكquot;؟