فهد سعود من الرياض: لماذا يغادر شاب لا يزال في مقتبل العمر منزل عائلته ليعش وحيدًا؟ الأسباب كثيرة، ومتفاوتة، وتختلف من شاب لآخر، فبعضهم يخرج عن جلباب العائلة بحثًا عن حرية مزعومة، وآخر يهرب من ضجيج العائلة، والجزء الأكبر منهم يخرج هربًا من القيود التي تفرضها العائلة على أبنائها.

الحديث هنا عن ظاهرة إنتشرت مؤخرًا في السعودية، حيث أصبح الشباب يفضلون استئجار مسكن ليعيشوا بمعزل عن أهاليهم، ولهم في ذلك مآرب كثيرة. كما سنقرأ في التقرير التالي التي رصدت من خلاله إيلاف آراء مجموعة من الشباب، الذين انتقلوا للعيش بمفردهم، على الرغم منأن منازل أهاليهم لا تبعد عنهم سوى عدة كيلو مترات.

يقول محمد العلي إنه قرر أن يغادر منزل العائلة بعد أن بدأ دراسته الجامعية، والسبب في ذلك كما يحدثنا محمد، هو أن الدراسة في الجامعة تحتاج إلى الهدوء والتفرغ، وفي منزل عائلته يكثر الضجيج من الأطفال، كما أن طلبات الأهل لا تنتهي، لذلك فضل العيش بعيدًا عن أجواء العائلة حتى يستطيع التركيز أكثر على الدراسة.

ويؤكد محمد أنه وجد اعتراض من الأهل في البداية، ولكنه أقنعهم بأن ذلك في مصلحته وهنا لم يجد الأهل بدًا من الموافقة رضوخًا عن طلبه. ويضيف محمد أنه يقوم بزيارة أهله بشكل دائم.

أما خالد الحازمي فيقول إنه يسكن منذ ثلاث سنوات بعيدًا عن أهله، ولكن دون علمهمquot; لأنهم لو علموا لما وافقوا على ذلكquot;. ويضيف: أخبرهم بأنني اقضي ساعات طويلة في العمل quot;. وعن سبب سكنه بمفرده يقول خالد: السكن بعيدًا عن الأهل يعطيني مزيدًا من الحرية ويبعدني عن قيود الأهل كما أنني بطبعي أعشق الوحدة لذلك اجلس في مسكني الخاص ومعي جهازي وحياتي الخاصة.

أما سالم فيقول إنه قرر مع مجموعة من زملائه أن يستأجروا مسكنًا خاصًا بهم، ليمارسوا فيه هواياتهم كلعب البلايستشين، ومشاهدة مباريات كرة القدم. يقول سالم أنهم بالعادة يتناوبون على السهر عند أحدهم، ولكنهم بدؤوا يلاحظون انزعاج الأهل من كثرة السهر، لذلك قرروا الخروج والسكن في مسكن خاص بهم حتى لا يواجهوا مثل هذه الاحراجات. ويرى سالم أن هذه أنسب طريقة لتجاوز مثل هذه المواقف.

أما بندر الخالد فيقول أن سبب خروجه من المنزل وسكنه بمفرده يعود لكثرة الخلافات العائلية مع أهله، خصوصًا والده الذي لا يكاد يمر يوم حتى يوبخه وينتقد دائمًا كثرة تواجده في المنزل، ولذلك قرر الخروج والسكن بعيدًا عن هذا الإزعاج المتواصل كما يقول.

ولا يرى بندر في هذه العادة منظرًا حضاريًا، فهو ينتقد الشباب الذين يسكنون بمفردهم لمجرد البهرجة، quot; إذا لم يكن الشاب مضطرًا لذلك، فلا أرى داعي لخروجه من منزل عائلته من الأساسquot;.

علم الاجتماع : البحث عن الذات وتقليد الغرب

ويرى استاذ علم الاجتماع عبد الرحمن الخالد أن من أسباب خروج الشاب للسكن بمفرده هو البحث عن ذاته التي يرى أنها مفقودة في المنزل في ظل تسلط الأب أو الأخ والعائلة عمومًا.

كما يرى الأستاذ عبد الرحمن أن من أسباب هذه الظاهرة هو تقليد الغرب في حياتهم، حيث أن شباب الغرب يفضلون السكن بمفردهم ليقيموا الحفلات والسهرات دون أن يواجهوا أي ضغوطات من أهاليهم.

واعتبر الأستاذ عبد الرحمن أن هذه الظاهرة خطرة على الشباب، لأنها تسبب في انشغالهم باللهو واللعب والابتعاد عن ممارسة الطاعات، كما أنها تساهم في أن يعيش الشاب بلا مسؤولية حين يبتعد عن أهله وتصبح حياته عشوائية.

كما طالب الأستاذ عبد الرحمن الشباب بالبحث عما يشغلهم، ويفيدهم في حياتهم، وان يستغلوا أوقاتهم بشيء نافع، كتمنية مهاراتهم، ومزاولة الرياضة على الأقل، بدلاً من قضاء كل هذه الأوقات في اللهو واللعب، وغيرها من أمور التسلية، وقال إن الشباب طاقة رهيبة ولا بد من استغلالها جيدًا، وبشكل يخدم المجتمع ويخدم الشاب وعائلته.