نسرين عجب من بيروت: quot;إن الشعب أولانا ثقته لتحقيق طموحاته، وليس لإرباكه بخلافاتنا السياسية الضيقة...quot;، بهذه الكلمات توجّه الرئيس ميشال سليمان إلى النواب في خطاب القسم الذي ألقاه قبيل إنتخابه في 25 أيار 2008. التاريخ الذي يُحفر في ذاكرة اللبنانيين للمرة الثانية، فبعد أن تسطّر بتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي في العام 2000، يحّل على اللبنانيين السنة برئيس جديد للجمهورية بعد 6 أشهر من الفراغ الرئاسي.
استعاد الشارع اللبناني حيوته، وتنفس اللبنانيون الصعداء بعد أن كادوا يفقدون الأمل ببلدهم، خصوصًا بعد الأحداث الدموية التي اشتعلت شرارتها في 8 أيار 2008، وحصدت عشرات الأرواح، وعاد الشباب إلى حيويتهم وإلى حياتهم الصاخبة والملئية بالمغامرات واللعب.
كيف انعكس انتخاب الرئيس على اللبنانيين؟

كان انتخاب الرئيس كالحلم بالنسبة إلى اللبنانيين ونقلهم من أجواء اليأس الى أجواء التفاؤل. quot;أخيرًا انتخبوا رئيسًاquot;، تقول لينا (25 عامًا) بابتسامة عريضة. ويشرح مازن (25 عامًا): quot;هذا الانتخاب هو أول خطوة باتجاه خروج لبنان من الأزمات التي تلاحقه منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريريquot;.

هذا التفاؤل عمّ معظم المناطق اذ بدا الارتياح واضحًا على الوجوه التي عادت إليها الابتسامة بعد فترة من التجهم. وتقول سيرين (26 عامًا): quot;مبروك للبنان رئيسه، ومبروك لنا عودة وسط المدينة الى حيويته بعد ازالة خيم الاعتصام التي لازمته منذ سنة ونصف تقريبًاquot;. ويعلّق شادي (31 عامًا): quot;عادت الحياة الى quot;الداون تاونquot; معناه الأمل بالعودة الى عملي الذي فقدته بسبب الأوضاعquot;.

وكان لخطاب القسم انعكاس ايجابي في أوساط الشباب الذين طرح الرئيس سليمان قضاياهم، فقال:
quot;... وإن المسؤولية تحتم علينا، تشجيع الطاقات الشابة، للانخراط في مؤسسات القطاع العام، فنمنع ترهله، ويتيح لنا الوصول إلى إدارة أكثر كفاءةً وشبابًا. مع اعتمادنا على حسن الاختيار، وتعزيز لهيئات الرقابة، فيكافأ المستحق، ويصوّب المقصّر، ويعزل الفاسد...

... إن تبديد هواجس الشابات والشبان، يكون ببناء وطن يفتخرون بالانتماء إليه، لينهض بقدراتهم، وخبراتهم، ومشاركتهم في إيجاد الحلول. ولندعهم هم، الذين قاوموا الاحتلال والإرهاب، وانتفضوا من أجل الاستقلال، يرشدونا حيث أخفقنا، فهم المستقبل، ولهم الغد، وهم من اثخنتهم الجراح فصقلتهم، وكان منهم قرابين معوقون، ينبغي تأمين حقوقهم ورعايتهم وفقا للقوانين...
...إن جناح لبنان الثاني، يلتفت إلينا اليوم، يحدوه الأمل في أن يرى وطنه الأم، وقد تعملق من جديد، من هنا، علينا الاعتراف بحقوق المغتربين، والمضي قدماً في الإجراءات الآيلة إلى تعزيز التصاقهم، وتداخلهم بالوطن، والاستعانة بقدراتهم وتوظيفها، حتى لا يبقوا في غربة عن الوطن. إنهم الأحق بالجنسية اللبنانية من الذين حصلوا عليها من دون وجه حق...quot;

وبذلك حاكى الرئيس هواجس الشباب اللبناني الذي فقد الأمل ببلده وهاجر بمعظمه. وتعتبر فاتن (26 عامًا) أنه آن أوان عودة المغتربين الى ربوع الوطن. ويقول باسم (30 عامًا) بمضض: quot;أتعبتني الغربة، فيا ليت أوضاع لبنان تتحسن لنعودquot;. وهذا ما يتمناه سمير (50 عامًا) المغترب منذ أكثر من 20 عامًا، والذي يتمنى عودة الاستقرار الى لبنان ليعود إليه نهائيًا.

الرئيس ألمح ايضًا الى ضرورة انخراط الشباب في القطاع العام، فاتحًا الباب أمام توظيفه. ويعلّق تامر (26 عامًا): quot;منذ تخرجي وأنا أبحث عن عمل وحتى الآن لم أجد، فعسى أن يكون خطاب الرئيس باب أملquot;.
من جهة أخرى، تطرق الرئيس الى حسن اختيار الموظفين، مما يبعث الأمل في نفوس أصحاب الكفاءات. وتقول ليال (26 عامًا): quot;اعتدنا على المحسوبيات التي تحكم التوظيف في معظم قطاعات العمل، ورجانا أن تصبح الكفاءة هي المعيار الأساسي للتوظيف، كي يأخذ كل كفوء حقهquot;.

شكّل انتخاب العماد سليمان رئيسًا للجمهورية منعطفًا في حياة اللبنانيين الذين يعلقون عليه الآمال كمنقذ، الا أن بعضهم ينتابهم القلق، كنبيل (34 عامًا) الذي يقول: quot;نخشى أن نتفاءل كثيرًا ونصاب بعدها بخيبة الأمل، فلبنان بلد المفاجآتquot;. الا أن غادة (26 عامًا) تقرأ ذلك بطريقة ايجابية: quot;صحيح أنه بلد المفاجآت ولكنه وطن لشعب لا يستسلم، وارادته بالحياة أقوى من كل الأزماتquot;.