معرض جوال يثير الإعجاب والإستياء معاً

صالح حسن فارس من أمستردام: تحت عنوان quot;أجسادquot; افتتح على إحدى قاعات بيورس فان بيرلاخه Beurs van Berlage في العاصمة الهولندية أمستردام مؤخراً معرض فني جديد، للفترة من مطلع شهر ديسمبرالجاري ولغاية منتصف فبراير القادم 2007. يضم المعرض 22 جسداً بشرياً، و260 عضواً من أعضاء الجسد البشري. بعد أن تنقل معرض الاجساد الجوالة من لندن إلى نيويورك يحل ضيفا للمرة الأولى في أمستردام. المعرض له هدفان، واحد تعليمي لمن لديه الفضول في الرغبة لمعرفة المزيد من أسرار تحنيط الجسد، والهدف الثاني هو الإثارة، وهو ما يذكـّر بالإثارة التي تقدمها أفلام الرعب. ملصقات المعرض التي لصقت على واجهة الاعلانات في الشوارع جعلتها تستقطب المارة، يقفون ويتطلعون إليها، البعض يتساءل بدهشة والاخر بأستياء .
الأجساد البشرية المحنطة في هذا المعرض قادمة من الصين. أجساد مجهولة تعرضت للموت في عمليات غامضة على أرصفة الشوارع أو في أماكن اخرى. في الصين تُجمع جثث الموتى المحهولين وتحفظ لمدة ثلاثين يوما في مكان خاص بأنتظار ذويها، وإذا لم يطالب بهم أحد فيتم تسليمها من قبل السلطة إلى الجهات العلمية المتخصصة لتشريح وتحنيط الجثث.
تتم المحافظة على الجثث بأسلوب يسمى (plastination) . وفق هذه الطريقة تـُزال السوائل والشحوم من الاجساد، ويوضع بديلا عنها مواد كيمائية تشبه المطاط. حيث تكون جاهزة للعرض والشحن.
هناك شركتان أو جمعيتان متخصصتان لاقامة هذه المعارض الجوالة لاجساد الموتى هما: الجمعية الالمانية للطبيب والعالم الالمانيquot;Van hagens quot; الذي أقام أول معرض من هذا النوع بعنوان quot;عوالم الجسدquot; عام 1996 وقد أحدث هذا المعرض في وقته أعتراضات وأحتجاجات كثيرة الا انه أستقطب مليوني زائر. الجمعية الثانية هي Premier exhibition وهي الجمعية المسئولة عن تنظيم المعرض الجوال الذي نحن بصدده.
حين تدخل قاعة المعرض يقع نظرك مباشرة على أجساد بشرية محنطة بأشكال ووضعيات فنية مختلفة كأنها تتحرك وتتكلم معك، الأعمال منجزة بتقنية عالية غاية في الروعة والدهشة، وبامكان الزائر أن يرى الاجسام وأعضاءها الداخلية.
أثار معرض الاجساد البشرية في أمستردام مزيجاً من الاستياء والأعجاب لدى الزائرين، وقد تناولته الصحافة الهولندية بلهجة ساخرة كونه أثار جدلاً لدى بعض الزوار وخلق صدمة قوية لدى البعض ممن يؤمن بالحياة بعد الموت. يلقي هذا المعرض الضوء على سلسلة تاريخية للجسد الميت للأنسان وليس جسد الحيوان. حسب القانون الهولندي هناك ثلاث خيارات يمكن أن تحدث للجسد البشري بعد الموت: الدفن، الحرق، أو التبرع بالجثة إلى الجمعيات العلمية المتخصصة. لكن هذه الأجساد البشرية القادمة من الصين لا تخضع للقانون الهولندي، مما جعل عرضها ممكناً من الناحية القانونية
عـُرضت الأجساد بهيئات متنوعة مما أضفى عليها شيئاً من الحيوية رغم موتها. هناك جسد في هيئة الطيران، وآخر يضرب كرة قدم وآخر يمسك بمضرب تنس، وجسدٌ يقرأ كتاباً ووضعيات أخرى مختلفة.
التناقض بين النجاح الذي حققه هذا المعرض الجوال من حيث عدد الزائرين رغم الثمن المرتفع لتذكرة الدخول، والاعتراضات الأخلاقية التي أبداها كثيرون، مفارقة تعكس تناقضات النفس البشرية في رؤيتها لموضوع حساس كهذا.