فالح الحمـراني من موسكو: حصدت روايةquot; 2017quot; للقصاصة والناقدة الروسية اولغا سلافنيكوفا جائزة بوكير الروسية كافضل رواية بالروسية لعام 2006. وكانت جائزة بوكير الروسية قد تاسست عام 1991 على غرار الجائزة الانجليزية من اجل تشجيع كتاب الرواية الذين انقطع غالبيتهم عن الكتابة عند منطعف التغيرات التي شهدها الاتحاد السوفياتي حينها. وشجعت الجائزة بالذات الباحثين عن مضامين واشكال واساليب جديدة للرواية الروسية التي جمدت في عهد الاتحاد السوفياتي وظلت تدور في قوالب جاهزة .وفاز بالجائزة في مختلف الاعوام ادباء روس مرموقين ومعرفين للقارئ الاجنبي مثل بولات اكودجافا وميخائيل شيشكين ولودميلا اوليتسكايا وغيورغي فلاديميف وغيرهم.ويحصل الفائز على جائزة تقديرية بمبلغ 20 الف دولار اما الخمسة الاخرين المتنافسين بالف دورلا.
وتندرج quot; 2017 quot;التي اختيرت باجماع المحكمين من بين افضل ست روايات بالروسية لهذا العام، ضمن الموجة الباحثة عن اساليب جديدة للعمل الروائي الروسي، اللاهث وراء مضامين واساليب حديثة، لاحداث تجديد وثورة في تقاليد الرواية الروسية، مع الحفاظ على اصولها في الوقت نفسه.وربما من هذه الزاوية يمكن الحديث عن الموجة الثالثة لما بعد بعد الحداثة.انها اقرب الى الواقعية الملحمية والشفافة التي تعتمد على الاسطورة والخيال.
وتبدا احداث الرواية كما يدل عنوانها في صيف عام 2017. ويعيد العنوان للذاكرة عنوان رواية جورج اوريل الشهيرة 1984 الصادرة عام 1948. كما انه ينطوي على اهمية كبيرة بالنسبة لفهم مضمون الرواية ودلالتها ففي هذا العام سيستقبل الروس ذكرى مرور 100 عام على ثورة اكتوبر البشلفية.وتقول القاصة ان عنوان روايتها يعيد من دون شك للاذهان عنوان رواية اوريل بيد ان الفترة بين صدورها والزمن الذي تجري فيه الاحداث كانت طويلة جدا. ولدي اقل بكثير . فخلال هطه الفترة لن تطرأ على العالم تغيرات كبيرة. فهو يظل حيوي ودافئ كما نراه اليوم.
وتدور احداث الرواية في منطقة الاورال الروسية التي تطلق عليها الكاتبة تسمية قديمة اسطورية quot; ريفيسكquot;، يلتقي رجل وامراة في محطة القطار اثناء وداع بعثة من شخصين. ولم يعرف الرجل والمراة قبل ذلك احدهما الاخر بيد انهما يشعران بالتقارب الروحي لذا قررا ان يختلق كل منهما لنفسه اسما مستعارا وان لايعرف الاحد عن الاخر شيئا لاعنوانه ولاتلفونه، وفي نهاية كل لقاء يضربان موعدا اخر في مكان عرضي جديد.واذا لم يتم اللقاء فان العلاقة بينهما ستنتهي للابد.والرجل وهو بطل الرواية نقاش على الحجر. وكان قد ودع في محطة السكك الحديدية صديقه ومعلمه البرفيسور المغامر الذي عثر في ادغال سيبيريا quot;التيغا quot; على حقل ليس له مثيل لحجر الكردون البلوري.واذا عادت البعثة بغنيمة فان كافة المشاركين في العملية سيصبحوا من اصحاب الملايين. وللعاشقة الغامضة زوجا لاحضور له في الواقع لايقل غموض، وهناك عين رقيب لم يتغير تتجسس على كل لقاء. وفي غضون ذلك تجري في المدينة وفي التايغا حيث تواصل بعثة البروفسور مهتمها احداثا غريبة تضفي طابعا اسطوريا وتمنح اجواء الرواية مناخا سحريا ، وكان هناك تلمحيا بان سلوك الانسان استفز الارواح الساكنة في الجبال والتايغا.
ويعود الزمن الوراء في تلك الاجواء حيث تستعيد سيرة حياة الشخصية الاولى في الرواية الذي امضى طفولته في اسيا واختطفت لبه شفافية الاحجار البلورية الاخذه وحيث اكتشف ان العالم يتكون من جانبين اصيل ومستنسخ وتعلم القيام باعمال مريعة ويجري التاكيد خلال الرواية التي اتسمت بلغتها الرصينة، على ان بمقدور الانسان ان يعيش حياة مزدوجة الاولى حيث يعمل ويختلط بالجماعة، والثانية لنفسه كذات مبدعة وحرة.
ومن ثم يمتهن اللصوصية بشبابه، و يتقن مهنة النقش على الحجر لياتي بالجمال للعالم.انه شخصية يمتع بموهبة فريدة من نوعها: الشعور بالحجر الثمين. فعيناه قدرتان على ان ترى في قطعة الحجر الطبيعية تحفة فتية.
ويتهشم في ختام الرواية الحب الهش بغتة حين تفرق تظاهرة احتفالية بمناسبة مرور 100 عام على ثورة اكتوبر البلشفية العاشقين. ويظهر ان كل شئ قابل للتحول وليكتسب طابعا اكثر ابتذلا بما في ذلك الثورات التي تعلن اهدافا سامية وتتحول الى طاحونة موت والحب الذي ينتهي بسهولة ومن غير مبالاة.واخيرا تصل بنا سلافنيكوفا الى نتيجة مفادها ان الانسان ليس وحيد في هذا الكون وانه مسؤول على خطاياه ليس فقط امام البشر من امثاله وانما امام قوى عليا.