علاينة عارف من باريس: عن quot;دار النهارquot; صدر للشاعرة اللبنانية جمانة حداد كتابها الجديد، لكن هذه المرة ليس مغامرة أنثوية مع القول الشعري، وإنما استعراض ثقافي من الوزن الثقيل لفكر الآخر عبر حوارات شاملة وموسعة مع كتاب عالميين أمثال امبرتو ايكو وجوزيه ساراماغو وايف بونفوا وبول اوستر وباولو كويلو وبيتر هاندكه وماريو فارغاس يوسا والفريده يلينيك وريتا دوف وغيرهم، وما عنوانه: quot;صحبة لصوص النارquot; (250 صفحة)، سوى غمزة للقارئ بأنه أمام quot;حوار معرفي ينطلق من العلاقة الثقافية الندية بين السائل والمجيبquot;.

فالحوار فيهذا الكتاب، مع بول أوستر مثلا،ليس تلخيصالأحد كتبه أو تعريفا به كما جرت العادة في حوارات الصحف الثقافية العربية مع كتاب كبار... كلا! الحوار هنا إضاءات لانجازه الأدبي برمته... الحوار في هذا الكتاب محاولة قنص شيء مجهول، شيء مختف يرتكز عليه العمل كله. إنه quot;ثروةquot;لصالح القارئ.ولجعل حوار مع آخر ثريا، بل ارثا يضاف إلى لائحة أعماله،عليك،كما اوضحت جمانة حدادفي مقدمتها:quot;أن تعرف من دون تشاوف، أن تفاجىء من دون تباهٍ، ان تشاكس من دون ادعاء، أن تستفز من دون حذلقة، أن (تحشر) من دون تذاكٍ، أن تُرغم من دون وقاحة، أن تعرّي من دون ابتذال. أتح لهم أن يبنوا لك الشخصية التي ابتدعوها واخترعوها عن انفسهم، ثم انسفها بتهذيب. إنها لعبة كرّ وفرّ، وتلمّس طريقٍ محفوفة بالمتاهات والهاويات والأشواك في العتمة الدامسة.quot;
ربما quot;ادعاؤهاquot; هذا يصدمك، ربما تعتبر جمانة حداد مجرد quot;أنثىquot; تبحث عن شهرة لاعلاقة لها بالثقافة، بل ربما تضمر حزازة منها لأنها جميلة والشاعرات السابقات برهن على أنه من الصعوبة أن تكون امرأة جميلة جدا وشاعرة كبيرة في آن... بل ربما تغار من منصبها الذي يغري عددا كبيرا من الوصوليينليمدحونها حتى تنشر لهم في quot;النهارquot; نتاجهم البائس (وهذه مآساة كل مسؤول عن صفحة ثقافية).. بل ربما لك ألف سبب لرمي هذا الكتاب في أقرب مزبلة.... لأن هناك أسئلة جوهرية تبقى بلا أجوبة مهما أوتيت ليليث من قدرة على الكر والفر.
لكن تمهل وتأمل: إنه فعلا كتاب ثقافي بامتياز... يتيح لك النزول درجة درجة في سراديب الذين حاورتهم، فتسرق نار موهبتهم الفكرية، علك تضيء عالمك العربي المعتم وتنشر الدفء في خيمتك الاسمنتية.