ترجمة الشاهنامة تحتل المرتبة الخامسة لأفضل عمل روائي لعام 2006

خسرو علي أكبر من باريس: احتلت الشاهنامة أعظم عمل ملحمي في الأدب الفارسي المرتبة الخامسة من حيث المبيعات في العالم حسب الاحصائية التي نشرتها صحيفة الواشنطن بوست في عددها الصادر في السادس من الشهر الجاري. وقد كسب كتاب quot;اما بعدquot; لمؤلفه آليس مك درموك المركز الأول و حصل كتاب quot;جميع أبناء العمه هاغرquot; لادوارد بي جونز على المركز الثاني، فيما نال quot;حلم حياة سوخانوف quot; لأوغيلا غورشين على الرتبة الثالثة. وتعتبر الترجمة الانجليزية للشاهنامة والتي انجزها مؤخرا ويك ديفيس، هي الأكثر دقة وأمانة في نقل أحد أعظم الانجازات الأدبية باللغة الفارسية.
وجدير بالذكر ان صدور الترجمة العربية للشاهنامة والتي أنجزها المترجم القدير عبد الله عزام في عام 1932، دشنت فصلا جديدا من فصول العلاقة بين الأدب العربي والفارسي خصوصا وأنها قدمت للقارئ العربي واحدا من ألمع نماذج الأدب الملحمي العالمي، وعملا أدبيا تجلت فيها العاطفة الانسانية في تباين أحوالها وتقلباتها. وقد فقدت الشاهنامة اهتمام القراء العرب في السنوات الأخيرة بسبب التشويه الذي تعرضت له من قبل الشوفينيين العرب وتحريف الكثير من مضامينها، مما حال دون صدور طبعة او ترجمة لهذا العمل الأدبي الخالد. اضافة الى عامل الجوار، ثمة دور كبير لعنصر اللغة المشتركة في التفاعل الثقافي بين كل من ايران وافغانستان، إذ لايمكن الحديث عن اللغة الفارسية في طورها الحديث منذ بدايات العصر الاسلامي دون الاقرار باسهام كبار الشعراء والمتصوفة الأفغان، ودور عدد من المدن الأفغانية التي كانت بمثابة مراكز مؤثرة في الثقافة الفارسية تحديدا والثقافة الاسلامية على وجه العموم.

الثقافة الأفغانية

ويحتل الشأن الأفغاني أهمية كبيرة في الثقافة الايرانية سواء على الصعيد الرسمي أو على صعيد المؤسسات الثقافية المستقلة، ففيما قدمت المؤسسة الرسمية الايرانية الدعم للانتلجنسيا الافغانية المقيمة في ايران من حيث اقامة المؤتمرات الفكرية والمهرجانات الثقافية والفنية ودعم حركة الكتاب والنشر، يواصل المثقفون والفنانون الايرانيون المستقلون تسليط الضوء على النقاط الأكثر أهمية في التجربة الأفغانية وعلى كافة الصعد، من منظور انساني لايخضع لأي أجندة سياسية أو ثقافية، وربما كان منظر الساق الصناعية المتدلية من طائرة محطمة حولها المشردون الأفغان الى محل للسكنى في فيلمquot;سفر قندهارquot;للمخرج الايراني محسن مخملباف هو المثال الأسرع حضورا في الذاكرة.
وقد كان لعامل الهجرة الجماعية للآلاف المواطنين الأفغان الى ايران دور كبير في نشوء جيل من الشعراء الشباب الذين تركوا بصمة عميقة في الشعر الفارسي الحديث، وان اهتمت الأوساط الأدبية في ثمانينات القرن الماضي بشعر المقاومة الافغانية (على خلفية الاحتلال السوفياتي لافغانستان )فان الوسط الأدبي الايراني احتفى منذ بدايات القرن الحالي بجيل من الشعراء الأفغان الذين ولدوا وترعرعوا في المهجر الايراني واستطاعوا أن يقدموا نماذج شعرية لا تقل فنية وجمالية عن الشعر الايراني الحديث.
ويمكن اعتبار كتابquot; الضفيرة الدائخةquot; الصادر مؤخرا عن دار نشر quot;نداي سخنquot; بجهود الشاعرة الأفغانية فاطمه سجادي والذي يضم قصائد32 شاعر وشاعرة افغان مقيمين في ايران،واحدا من أهم الكتب التي توثق لمحطة هامة من محطات الشعر الأفغاني المعاصر،من قصائد هذا الاصدار اخترنا القصيدة التالية للشاعرة زهراء محمودي:
في نهاية الصمت
اهرسني بكلماتك العذبة
ثملة أنا
ثملة
ثملة.
وفي خاتمة الحيرة
تجتازني قامتك المائلة
الشارع صامت والشجرة نصب هائل
وعلى الأزبال بعوض دائخ يرقص.

****

الغرافيك الايراني رضا عابديني وجائزة الأمير كلاوس

تسلم الفنان التشكيلي الايراني مساء يوم أمس الثلاثاء في مدينة امستردام جائزة الأمير كلاوس،تقديرا لجهوده في ايجاد معادلات وصيغ ناجحة في المزاوجة بين الفن الايراني التقليدي والفن الحديث. وقد رأى بعض النقاد الايرانيين أن أحد الأسباب التي دفعت الفنان الايراني لأستلهام الفنون الحديثة ومزاوجتها مع الفن الكلاسيكي الايراني، يكمن في

رضا عابديني
الموقع الجغرافي والاستراتيجي لايران، حيث تماسها وتفاعلها الدائم عبر آلاف الأعوام مع الحضارات المجاورة وفي مقمتها حضارة مابين النهرين، لذا كان الفن الايراني شبيها على الدوام بالعشبة المتوافقة مع مسير النسيم واتجاه العاصفة ,ويعتقد عابديني أن أكبر انجاز حققه الفن الايراني في القرنين الماضيين وفي العصر القاجاري تحديدا هو استلهام الفنون الاخرى ودمجها في بوتقة الفن الايراني، الأمر الذي حال دون الانبهار التام والغاء الخصوصية الايرانية. وبعبارة اخرى يقدم الفن التشكيلي الايراني في القرنين الماضيين أعمالا باهرة استطاعت التوفيق بين التقليد الفني الايراني والتاثيرات الفنية الأوربية، مع الأخذ بعين الاعتبار اهتمامها الكبير بالجسد الانساني واعادة تدوينه فنيا.
ومن هذا المدخل يمكن تقديم قراءة موجزة لاعمال عابديني، اذ يندر أن تخلو من حضور الجسد والحروف، فتجربته افادت من رافدين مختلفين، يتمثّل الأول بتجربة الجيل السابق من مصممي الغرافيك الايرانيين الذين تمردوا على أصول الخط التقليدي بكسر رتابة الحرف وخلق صيغ تركيبية جديدة واعتماد العنصرين الاستعاري والتصويري،ونذكر منهم الفنان التشكيلي مرتضى مميز والمصمم محمد مثقالي، أما الرافد الثاني فيتمثل بكبار المصممين الروس أمثال الكساندر رودجينكو (1891-1956) وليزار ليسيتزکي(1890-1941).
في الملصقات التي برع عابديني في تصميمها غالبا مانشاهد الأجساد وقد اكتست بثياب عصرية،جالسة أو واقفة في رقعة من الالوان الهادئة، أما الوجوه فقد تعرضت الى خدوش وجروح، في اشارة للعراقيل التي تترض الكائن لانساني في الكشف عن وجهه الحقيقي سالما غير مشوه بضربات مقرونة بالألم.أما الأيادي فهي توحي بجهدها المستمر لمواصلة تأثيث العمل الفني المتواجدة فيه وذلك عبر دفق من الكلمات. كائنات عابديني كائنات حقيقية آثرت خلود الكلمة على حضور الأشياء الزائلة،كلمات تتخلص من حملها التاريخي وتكتسب مدلولها من علاقتها بجسد يحاول ان يكون صلدا وقويا في نزاله الدائم مع هواجسه وتطلعاته.

[email protected]