في هجمة إعلامية نادرة وغير مسبوقة ومن على أرض العاصمة الأردنية (عمان) بالذات، فتح وزير الداخلية العراقي باقر جبر صولاغ والذي أعترف بأنني قد إحترت أيما حيرة في كتابة إسمه ! فهل هو باقر؟ أم بيان؟ أم جبر؟ أم أنه (الزبيدي)!! كما إنني لم أسمع في حياتي ولا قرأت عن إسم (صولاغ) ولا دلالاته ومعانيه اللغوية، أقول فتح (صولاغ) النار على وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل!! وفي حركة سياسية ذات دلالات ومعاني وخلفيات ومشاهد خلفية يقف في ظلالها عمائم (قم وطهران)! ولولا إنني أعرف الأخ (أبو محمد) منذ أيام المعارضة العراقية الدمشقية قبل ربع قرن لتصورت أن تصريحاته تلك قد إنطلقت من أفواه أحد الدبلوماسيين البعثيين البائدين وليس من فم (أبو محمد) بالذات والذي أعرفه كشخص مؤدب وخلوق يتسم بقدر هائل وكبير من الدبلوماسية، ويتقن كأقرانه في الحركة الإسلامية العراقية فنون المجاملات التي تتجاوز أحيانا أرقى مراتب النفاق؟
ولكن يبدو أن الضغوط الأمنية والسياسية والعسكرية في العراق قد فرضت نفسها على نفسية وزيرنا الهمام فصرح بمثل ما صرح به من (تجنيات) و (تعديات) و (عبارات إستهزاء) ليس مخولا أصلا بقولها لأنه بروتوكوليا ليس الجهة التي تحدد طبيعة ومحاور السياسة الخارجية! بل أن طبيعة عمله هي أمنية محضة لا علاقة لها بملفات العلاقات الخارجية للعراق ولكن يبدو أن الصراع السلطوي في العراق قد أنسى مسؤولينا أنفسهم وباتوا في ظل الفوضى السائدة وصراع الشخصيات وبقية الأمراض النفسية المستوطنة عند بعض الصغار الذين تحولوا لوزراء في غفلة من الزمن، مركزا لكل فوضى عارمة؟، فقبل شهور قليلة كاد وزير النقل والمواصلات (الصدري) الطفل المعجزة (سلام المالكي) أن يتسبب بمشكلة مع دولة الكويت حينما تجاوز إختصاصاته وتحدث عن قيام السلطات الكويتية بإطلاق سراح بعض المعتقلين العراقيين بقضايا أمنية!! إلى الدرجة التي توافدت العشائر العراقية على الحدود لإستقبال أبنائها!! ولم يكن الخبر صحيحا بالمطلق ووفقا للشكل الذي أوضحه وكيل الخارجية الكويتية السيد خالد الجار الله! وكانت مهزلة في طريقها للتحول لكارثة لو لم يتدارك الكويتيون الموقف ! لتكون تصريحات وزير النقل إحدى المهازل السلطوية في العراق وحيث تحول بقدرة قادر لوزير للخارجية!! واليوم يكرر (صولاغ) الموقف بصورة أكثر مأساوية؟، فبصرف النظر عن المواقف الآيديولوجية للتيارات السياسية العراقية الحاكمة من النظام السعودي تظل المملكة العربية السعودية قطبا مهما ورئيسيا من النظام الإقليمي العربي والخليجي، ويظل دورها محوريا، والعلاقات الدولية أمر لا علاقة له بالحب والكراهية بل بالمصالح وهو الدرس الإبتدائي الأول في فن التعامل الدبلوماسي، وتصريحات الأمير (سعود الفيصل) والتي أثارت حفيظة وغضب بعض القوى السياسية والدينية في العراق لم تأت بجديد، ولم تختلف إطلاقا عن تصريحات وتحليلات العديد من الناشطين العراقيين والقوى السياسية العراقية ذاتها في كون البلد يتجه نحو إتجاهات خطرة.. وفي هيمنة المخابرات الإيرانية ودعاة (الولي الفقيه) على مقدرات الحياة في العراق؟ وكنت أنا شخصيا أحد من كتب ومنذ زمن في هذا الإتجاه ومنذ زيارتي الأولى والأخيرة للبصرة في أكتوبر 2003 وحينما كتبت وقتها: (إنني ذهبت لمدينتي البصرة فإذا بي أراها وقد تحولت لأهواز أخرى)!!، وتحليلات الأمير سعود كانت تصب في نفس السياق وهو أمر إعتيادي ومعروف لكل العراقيين ولا جديد تحت الشمس بالمرة! وكان من الطبيعي أن ينشب خلاف بين أنصار النموذج الإيراني في العراق ومن أبرزهم حزب وزير الداخلية (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) والذي هو مؤسسة إيرانية قلبا وقالبا وتسمية وشكلا وموضوعا!! فهل ينكر وزير الداخلية التوجه الإيراني الواضح لحزبه العتيد؟... لقد تحدث صولاع وصال وجال وتعدى على إختصاص أهل الدبلوماسية وأورد عبارات مسيئة بحق الجار السعودي الكبير والذي يصر البعض على إستحضار مفردات الصراع الطائفي والمذهبي في الإساءة إليه في ظل وضع وظروف تاريخية وسياسية مختلفة بالمرة... فالسعوديون لا يمكن أن يفكرون مثلا بتصدير النموذج (الوهابي) في بناء الدولة والمجتمع للعراق ولكن الإيرانيين يفعلون ذلك ومع سبق الإصرار والترصد؟؟؟، ثم أن هؤلاء (البدو الذين يركبون الجمال)!! في إشارة تحقير (صولاغية) للسعودية، قد إستطاعوا أن يبنوا قاعدة إقتصادية وتطورية ستردم هوة التخلف ووفق مراحل متدرجة؟ ولكن السؤال المهم هو ماذا فعل الذين يحكمون العراق اليوم وقد حولوا شعبه لقطيع من اللطامين وفرق التطبير وضرب السلاسل وبقية الطقوس الصفوية؟ وأين الصورة الحضارية للعراق في وطن لم يعد فيه للحياة البشرية أي قيمة؟، النظام السعودي اليوم يحارب التطرف والإرهاب كما يفعل الشعب العراقي تماما، والأمير السعودي يتحرك اليوم ووفق مبادرة عربية نأمل أن تتوسع لتحمي العراق من طيش وتطرف بعض أبنائه؟ وهو تصرف محمود ورائع وإن جاء متأخرا، فالعراق بفضل سياسات (الجعفري وإئتلافه) يسير من حفرة لهاوية، والفشل قد عم العراق بأسره مهددا بتحويله لبؤرة إرهابية دائمة، والشعب العراقي بات يهرب من وطنه بالجملة والمفرد فيما يبرع الوزراء بالتسلط الأهوج وإطلاق التصريحات المريضة... لقد سمعت (صولاغ) وهو يقول:
بأنه قد كلف الشرطة بالبحث عن المليون إيراني الذين تحدث عنهم الأمير سعود فلم يجدوا أحدا!!!؟
وهي عبارة تهكمية يكون الرد عليها واضحا وصريحا ومني بالذات:
(إن أول الإيرانيين هو حزبكم (المجلس الأعلى) وأنتم بالذات في تصريحاتكم وتغطيتكم للحقائق)!!
أقول هذا القول وأتحمل مسؤوليته الكاملة دون وجل ولا تردد...

للذكرى والتاريخ:

أتذكر المرة الأولى التي رأيت فيها السيد بيان أو باقر (صولاغ) وكانت في أوائل عام 1984 في بيت (الشهيد أبو بلال) الدمشقي في حي الأمين والذي كان يديره أحد رجال الدين ومندوب السيد الحكيم في سوريه وهو السيد عامر الحلو..! وكان (وزير داخلية المستقبل) جالسا القرفصاء على الأرض وخجولا ويبدو على محياه من أنه يتعامل بقضايا وأمور سرية وكان يسمى وقتها بـــ (أبو محمد)!!.. بعد ذلك عرفت بأن مهمته أمنية محضة تتلخص في التنسيق مع المخابرات السورية لإدخال (المجاهدين) للعراق وقتها، بالإضافة لتزوير الجوازات، ثم ليكون بعد ذلك مدير مكتب المجلس الأعلى في سوريه ولبنان وليطوف بعد غزو الكويت على دول الخليج العربي ومنها السعودية ثم ليخرجوا بعد ذلك محملين بما جادت به أيادي الكرماء من تبرعات (مليونية)!!!، كان ذلك التاريخ قبل الزمن الرديء الذي حول العراق لمستوطنة فارسية ولمستنقع طائفي يصول به القوم ويجولون، وليتحول أهل الأمن لفقهاء في الدبلوماسية الدولية.... أقول هذا القول دون أن أوضح الفروق التاريخية بين الأمير وإبن الملك وحفيد الملك سعود بن فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن تركي الفيصل آل سعود... وبين أناس لم يحددوا طبيعة أسمائهم حتى اليوم؟؟

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

dawoodalbasri@hotmail.com