أثبتت الإنتخابات البرلمانية الأخيرة بما لايدع مجالاً للشك أن أكبر قوة سياسية فى مصر هى حزب الأغلبية الصامتة أو حزب الطناش لا أرى.. لا أسمع. لاأتكلم. لا أنتخب!، وهم يمثلون 90 % من الشعب المصرى، وأن كل ماعداها من قوى سياسية تلعب فى نسبة العشرة فى المائة الباقية، والأخطر هو إثباتها أن الإخوان المسلمين هى القوة الثانية فى الشارع السياسى المصرى، والخطر هنا هو أن بديل الحزب الوطنى ألعن منه، ودوبليره أقبح منه، وأصبح لزاماً علينا أن نتبع المأثور العربى الفصيح الذى يقول كالمستجير من الرمضاء بالنار، أو المثل الشعبى العامى ماأنيل من ستى إلا سيدى!، فالحزب الوطنى رائد البلطجة السياسية، والإخوان المسلمين رواد البلطجة الفكرية، والحزب الوطنى صدر إلى الشعب المصرى الفساد بشعاره الكاذب الإستقرار، والإخوان صدروا إليهم الغيبوبة بشعارهم الخادع المراوغ "الإسلام هو الحل"، والكارثة أن المعارضة الحقيقية الواعية التى تستحق دخول البرلمان خرجت صفر اليدين من المعركة الإنتخابية ليستقر على فتات الكراسى الباقية التى سمح بها الحزب الوطنى أعضاء الإخوان المسلمين، إن منير فخرى عبد النور ومنى مكرم عبيد والبدرى فرغلى وأحمد عبد الله رزه وأبو العز الحريرى هم الإمتداد الطبيعى للمرحوم ممتاز نصار والقاضى وحلمى مراد... إلى آخر هذه القائمة من المعارضين الذين يبعثون فى البرلمان الحيوية بمناقشتهم للقضايا الحقيقية المهموم بها الناس من أهل المحروسة، فالسيناريو المتوقع بدخول بعض الإخوانجية هو حشد الحشود وتجييش الجيوش من أجل قضايا هامشية، فمن الممكن أن يحرك مظاهراتهم كتف عارى لممثلة فى أفيش، ومن الطبيعى والمتوقع أن تكون إستجواباتهم عن فيديو كليب فى فضائية أو قصيدة فى مجلة أو تمثال فى ميدان... إلى آخر هذه التفاهات التى هى شغلهم الشاغل وقضاياهم الوطنية الأثيرة، ولمناقشة هذا الأمر والتدليل عليه بالوقائع، ولإثبات أن مايفعله الإخوان المسلمين ومايقدمونه من وعود هو مجرد تكتيك إنتخابى ولايمثل إستراتيجية فكرية راسخة عند الجماعة، فهم على سبيل المثال يدعون فى هذه الإنتخابات تسامحهم مع الأقباط ومع المرأة، وهو تسامح تكتيكى إنتهازى لايستطيع إخفاء الوجه القبيح المختفى تحت قناع البراءة، وسأستخدم وثائق وأدبيات جماعة الإخوان لفضح هذا التكتيك ونزع هذا القناع الزائف، فبالنسبة للأقباط ينطلق الإخوان من مبدأ المسيحى الذمى وليس المسيحى المواطن ولأننى كتبت فى هذا الموضوع تفصيلاً فى العدد الماضى سأعرض رأيين للإخوان نستطيع بدون جهد أن نستشف منهما كيف سيتعامل الإخوان مع الأقباط لو تسلموا مقاليد الحكم، الرأى الأول والذى يلخص فلسفة تعامل الإخوان مع الأقباط يتمثل فى الفتوى التى نشرتها مجلة الدعوة فى عدد ديسمبر 1980 بالنسبة لتنظيم بناء الكنائس وكان صاحبها هو الشيخ عبد الله الخطيب عضو مكتب الإرشاد حتى الآن، الفتوى تقول صراحة " البلاد التى فتحها المسلمون عنوة تهدم فيها الكنائس مثل الإسكندرية، والبلاد التى إستحدثها المسلمون مثل العاشر من رمضان والمدن الجديدة عموماً لايجوز فيها بناء كنائس على الإطلاق"!!، أما الرأى الثانى فهو رأى شهير للمرشد السابق مصطفى مشهور نشرته الأهرام ويكلى فى أبريل 1997وهو فتوى بإستبعاد الأقباط من الجيش بشرط دفع الجزية!!.
والموقف من الأقباط لم يستطع الإخوان أن يداروه ويخفوه بإنتهازية سياسية بأن يرشحوا أقباط مثلاً على قائمتهم، لأنها كانت ستصبح كوميديا سوداء لن يصدقها أحد، أما بالنسبة لموقفهم من المرأة فإستطاعوا إرتداء القناع الواقى وعمل نيولوك إخوانجى وقاموا بترشيح نساء على قائمتهم الإنتخابية، ولكن هل هذا موقف تكتيكى أم إستراتيجى؟ نستطيع بسهولة الإجابة على هذا السؤال بالرجوع لأدبيات الإخوان ومجلاتهم وأقوال المرشد العام حسن البنا التى تلخص نظرتهم الدونية للمرأة التى يتعاملون معها كمفرخة لفقس الأطفال وماكينة للتناسل فقط، لنقرأ ونحكم:

• "يعتبر منح المرأة حق الإنتخاب ثورة على الإسلام وثورة على الإنسانية، وكذلك يعتبر إنتخاب المرأة ثورة على الإنسانية بنوعيها لمناقضته لما يجب أن تكون عليه المرأة بحسب تكوينها ومرتبتها فى الوجود، فإنتخاب المرأة سبة فى النساء ونقص ترمى به الأنوثة " مجلة الإخوان المسلمون 5 يوليو 1947.

• "إباحة عضوية البرلمان مطلقاً يتنافى مع خطر الخلوة والإختلاط بالأجانب على النساء، ويتنافى كذلك مع تحريم النظر، ويؤدى إلى كثير من المفاسد... المرأة لاتكون وزيرة ولاعضواً فى البرلمان بحال، فإن من مقتضى إسناد هذه الأعمال إليها الخلوة مع غير ذى المحرم، بل ربما إقتضى ذلك الخلوة مع غير المسلم" حسن البنا فى العدد 19 من مجلة النذير.

• "مايريده دعاة التفرنج وأصحاب الهوى من حقوق الإنتخاب والإشتغال بالمحاماة مردود عليهم بأن الرجال وهم أكمل عقلاً من النساء لم يحسنوا أداء هذا الحق، فكيف بالنساء وهن ناقصات عقل ودين " حسن البنا فى حديث الثلاثاء ص 370.

• حين طلب عميد كلية التجارة حمدى بك تعيين أربع طالبات فى وظائف الدولة، إستنكرت مجلتهم النذير وإستعملت الإيحاءات الجنسية فى ردها فقالت فى العدد 20 بتاريخ 15 جمادى الأولى 1358 ص 23 " إن كل واحدة من هؤلاء المتخرجات إذا لم تعثر على الجليل فهى فى وظيفتها لن تعدم الخليل "!!.

• يعقب حسن البنا على طلب الآنسة نعيمة الأيوبى للعمل كمحامية وفاطمه فهمى للتقدم لمدرسة الهندسة بقوله " للمرأة وظيفة فى الحياة وهى المنزل، وليس من النافع أن تشارك الرجال فيما يقومون به من الأعمال " مجلة أفخوان المسلمون العدد 8 ص 19

• "ليست المرأة فى حاجة إلى التبحر فى اللغات المختلفة، وليست فى حاجة إلى الدراسات الفنية الخاصة، فستعلم عن قريب أن المرأة للمنزل أولاً وأخيراً، وليست المرأة فى حاجة إلى التبحر فى دراسة الحقوق والقوانين" حسن البنا كتاب المرأة المسلمة - دار الكتب السلفية.

• يعقب حسن البنا على مشروع دخول البنات جامعة الأزهر بقوله "لايجيز الدين للمرأة ان تكون بين طلبة الأزهر، بل لابد من الفصل بين المتعلمات والمتعلمين فصلاً لايمكن كلا الصنفين من الإتصال بالآخر، حتى ولا فى حدائق المعاهد وأفنيتها".

• يؤكد حسن البنا على أن النقاب هو الأساس فى الإسلام وهاجم شيخ الأزهر الذى أباح كشف الوجه والكفين فقال "كشف وجه المرأة ويديها حرام إلا إذا أمنت الفتنة" حديث الثلاثاء 369.

• يشجع حسن البنا تعدد الزوجات ويقول أنه يقضى على الفقر!!ويستشهد فى حديث الثلاثاء ص 375 بالحديث القائل "جاء رجل إلى النبى صلعم يشكو الفقر فقال له تزوج فتزوج، ثم جاء إليه ثانية يشكو الفقر فقال له تزوج فتزوج، ثم جاء إليه ثالثة يشكو إليه الفقر فقال له تزوج فتزوج، ثم جاء إليه رابعة يشكو الفقر فقال له تزوج فتزوج الرابعة وكانت تحسن الغزل، فعلمت ثلاث النسوة صنع الغزل والنسيج فإنفرجت بذلك ضائقة الرجل وصار من الأغنياء لأنه أصبح مدير مصنع تعمل فيه زوجاته" حسب تعليق البنا، وفى مجلة الإخوان المسلمون العدد 13 لسنة1944 يقدم مبرراً مدهشاً وعجيباً فيقول "إن خيراً للمرأة وأقرب إلى العدالة الإجتماعية والإنصاف فى المجتمع أن تستمتع كل زوجة بربع رجل أو ثلثه أونصفه من أن تستمتع زوجة واحدة برجل كامل وإلى جانبها واحدة أو إثنتان أو ثلاث لايجدن شيئاً!!.

عندما وجد حسن البنا أن المرأة ستبدأ فى الحصول على بعض المكاسب الإجتماعية، تحدث إلى مجلة النذير العدد 19 بتاريخ 8 جمادى الأولى 1358 هجرية غاضباً وقال "إسمع يامحرر النذير، أحب أن ألفت نظرك ونظر قرائك إلى هذه الأحاديث النبوية الكريمة والنصائح المحمدية الغالية فإن فيها تبصرة وذكرى :1- ماتركت بعدى فتنة هى أضر على الرجال من النساء، 2- الخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، وحب الدنيا رأس كل خطيئة، 3- إتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت من النساء ،4- المرأة عورة، فإذا خرجت إستشرفها الشيطان، وإنهالا تكون أقرب إلى الله منها فى قعر بيتها".

**أعتقد أننا بعد قراءة هذا المانيفستو الإخوانى لابد أن نصرخ كما صرخ طارق بنزياد لجنوده "الحزب الوطنى من أمامكم ، والإخوان من وراءكم"، ولنا الله فقد
كتب علينا أن نختار بين نار الحزب الوطنى وجحيم الإخوان.