-1-

منذ عامين ونصف العام ومنذ فجر التاسع من نيسان 2003، ونحن نقول في كل مقال عن أحوال العراق، إن العراق يتقدم إلى الأمام، وأن الارهاب سينتهي قريباً، وكنا في ذلك "محامين للشيطان" كما وُصفنا، وعملاء للمخابرات الغربية .. الخ.
واليوم، وبعد أن تبين الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود، ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد مع اقتراب الانتخابات التشريعية في 15 ديسمبر القادم، أصبحت نهاية الارهاب قريبة دون شك. وحتى الفضائيات والصحف والمعلقين الذين كانوا إلى جانب الارهاب في مصر والأردن خاصة، وضعوا عصا الطاعة للحقيقة وللواقعية السياسية ولمنطق المستقبل؟

-2-
اليوم، الارهابيون يتصلون برئيس الجمهورية جلال الطالباني يطلبون منه الحوار والتفاوض ووضع السلاح جانباً، وأمامهم بالطبع الانتخابات التشريعية في 15 ديسمبر القادم. وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود، ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.
حارث الضاري الذي كان من ضواري غابة الارهاب العراقي، يتصل بعمرو موسى مستنجداً، ويطلب وساطة الجامعة العربية لايقاف الحملة العسكرية التي كانت وزارة الدفاع العراقية تنوي شنها على آخر معاقل الارهاب، وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.

-3-
كل الفرقاء العراقيين – وهم قلة قليلة - الذين وقفوا إلى جانب الارهاب تأييداً واسناداً وتعاطفاً يعلنون التوبة اليوم على شاشة الفضائيات، لكي يلحقوا بالقطار السياسي العراقي الذي سينطلق بعد 15 ديسمبر القادم، وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.
الارهابيون الذين أعلنوا في يناير الماضي، وقبل الانتخابات التشريعية، بأنهم أعداء الديمقراطية ونابذوها ولاعنوها، وقاتلو دعاتها ورافعي شعاراتها، أصبحوا اليوم يتسابقون على رفع شعارات الديمقراطية والصلاة في معابدها وأقداسها، كما جرى في مؤتمر الوفاق بالقاهرة، ويرجون من الشعب العراقي العفو والمغفرة، وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود، ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.

-4-
من الذي انتصر في معركة العراق الضارية؟
انتصر الشرفاء، والليبراليون، وطلاب الحرية والديمقراطية في العراق، وخارج العراق. وأولئك الذين راهنوا على أن لا عودة للديكتاتورية إلى العراق، وأن العراق يسير إلى الأمام رغم الدماء والدمار، ولا يخطو خطوة إلى الخلف. وأن الارهاب الفظيع والدامي الذي أصاب العراق طيلة عامين ماضيين ما هو إلا الضريبة المستحقة والثمن الغالي للحرية للحرية.

فللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجة يُدقُ

وهؤلاء الشرفاء والليبراليون، لم ينتصروا اليوم فقط. لقد انتصروا انتصارات ساحقة عندما خاضوا الانتخابات التشريعية في يناير الماضي، وتحدوا الارهاب، وأثبتوا للعالم بأنهم طلاب الحرية والديمقراطية وأن الحرية والديمقراطية تليق بالعراق.
وهؤلاء الشرفاء والليبراليون، لم ينتصروا اليوم فقط. لقد انتصروا عندما صوّتوا لصالح الدستور العراقي الديمقراطي الجديد، وتوجهوا إلى صناديق الاستفتاء تحت نيران الارهاب، وتحت تهديد جماعة علماء السُنَّة وغيرها من الجماعات التي كانت ترمي هذا الدستور بأنه دستور من وضع الكفار، وهو للكفار.
وهؤلاء الشرفاء والليبراليون، لم ينتصروا اليوم فقط. لقد انتصروا عندما توجهت شخصيات العراق ونخبه السياسية إلى القاهرة لعقد مؤتمر الوفاق التمهيدي الذي وإن كان فيه شيء من الانتصار للارهابيين كما قال بعض الأخوة، إلا أن فيه الكثير من مواد الانتصار لصالح العراق الجديد. وعلينا دائماً أن نكون متفائلين، ونرى نصف الكأس المليء، وليس نصف الكأس الفارغ فقط.

-5-
لقد انتصر العراق بعد عامين ونصف، في معركتين رئيسيتين وكبيرتين.
الأولى، منظورة وهي معركة الحرية والديمقراطية والبناء السياسي الجديد، وهي التي شوّه وجهها الإعلام العربي الموتور والمتشنج والقبلي.
والثانية، معركة البناء الداخلي. بناء الجيش الجديد وقوى الأمن الجديدة. بناء البنية التحتية العراقية التي قصّر الإعلام العربي والإعلام العراقي كذلك في ابراز وجهها المضيء، ولكنا سنتعرف عليها بعد أن تصبح الطريق إلى بغداد سالكة وآمنة قريباً.

-6-
القطار العراقي السياسي الحداثي سائر إلى محطته الأخيرة، بعد مشوار طويل. وهو سيقف في محطة واحدة في 15 ديسمبر القادم. وهي محطة الانتخابات التشريعية القادمة. فمن ركبه ضمن مستقبله ومستقبل أبنائه وأحفاده. ومن فاته هذا القطار، سوف يعيش داخل العراق وخارج العراق مشرداً ومعزولاًً ولا وطن له. أما الارهابيون الذين شقوا عصا الطاعة، طاعة الشعب العراقي، بدأوا بوضع هذه العصا، لا للديكتاتورية كما كانوا يفعلون في الماضي أيام "الزعيم والبطل والمنقذ"، ولكن للحق وللحقيقة، ولإعلاء شأن العراق ومستقبله فقط. وحيث لا زعيم في العراق الآن غير الشعب العراقي. وحيث لا بطل في العراق الآن غير الشعب العراقي. والذين شقوا عصا الطاعة وعصوا واستكبروا لديهم فرصة واحدة ووحيدة فقط، وهي انتخابات 15 ديسمبر فقط.
فإما ركبوا قطار المستقبل، وإما تركهم المستقبل، ليعيشوا في عتمات الماضي الموهوم وحسراته.

[email protected]