المهلبية هى طبق حلوى شعبى مصرى عبارة عن حليب ونشا وسكر، ويمكن أن تغطى طبق المهلبية بجوز الهند المبشور وبضع حبات من الزبيب، وساعتها يفقد طبق المهلبية طبقته الشعبية وينتقل إلى طبقة أعلى وهى الطبقة الوسطى فما فوق، والطبقة الوسطى كما يقول علماء الإجتماع هى التى تحقق التوازن والسلام الإجتماعى فى المجتمع، وكلما كبر تعداد الطبقة الوسطى كلما كان المجتمع أكثر إتزانا وإنسجاما، أما بشأن المهلبية فهناك أيضا طاجن المهلبية بالفرن، ثم يضاف عليه القليل من المكسرات المستوردة ثم ملقعة كبيرة من القشطة البلدى المثلجة، وهذا الطبق يضعك بلا جدال فى مصاف مجتمع النصف بالمائة، وأنا أقول:quot;قل مم يتكون طبق مهلبيتك أقول لك من أنت!!quot;

***

والمصريون كعادتهم يحبون السخرية من كل شئ إبتداء من حكامهم وحتى الغفير الصعيدى على بوابة العمارة، ويطلقون لفظ quot;المهلبيةquot; على بعض الأمور المعنوية، فمثلا يقولون: quot;ده مخه مهلبية خالصquot;، يعنى أنه يستحق أن يكون نزيل مستشفى المجانين، وأنا أعتقد أن معظم دول الشرق الأوسط هى quot;دول مهلبيةquot; ولم تدخل بعد فى عداد الدول المحترمة والتى يمكن وصفها ب:quot; الدول المدنيةquot;، فما هو ياترى الفرق بين الدولة المدنية والدولة المهلبية؟
فى الدولة المدنية: يتولى فيها الشعب حكم نفسه بنفسه.
أما الدولة المهلبية: فيتولى فيها الشعب الفرجة على حكامه بنفسه.
فى الدولة المدنية: الحكومة فى خدمة الشعب.
أما فى الدولة المهلبية: فالشعب فى خدمة الحكومة.
فى الدولة المدنية: كرامة المواطن هى من كرامة الدولة.
أما فى الدولة المهلبية: فكرامة الحاكم فوق كل كرامة.
فى الدولة المدنية: يشارك الشعب فى الحياة السياسية.
أما فى الدولة المهلبية: فيشارك الشعب فى إنتقاد الحياة السياسية.
فى الدولة المدنية: هناك فصل ما بين السياسة والدين.
أما فى الدولة المهلبية: هناك فصل ما بين السياسة والناس.
فى الدولة المدنية: الشعب يقوم بمهمة تداول السلطة.
أما فى الدولة المهلبية: عزرائيل يقوم بمهمة تداول السلطة.
فى الدولة المدنية: يصل الناس إلى مناصب الحكام من القاع إلى القمة.
فى الدولة المهلبية: يتم تعيين الناس فى المناصب من القمة إلى القاع.
فى الدولة المدنية: هناك فصل كامل ما بين السلطات.
أما فى الدولة المهلبية: فهناك لم شمل كامل لكل السلطات (وما فيش داعى للبعزقة والفصل)
فى الدولة المدنية: وظيفة الحاكم هى حماية الضعيف من أصحاب النفوذ.
أما فى الدولة المهلبية: فالحاكم هى صاحب النفوذ ومصاحب أصحاب النفوذ.
الدولة المدنية: هى دولة القانون.
أما الدولة المهلبية: فهى دولة القانونquot; فى أجازةquot;.
الدولة المدنية: تنفذ حقيقة شعارquot;الإتحاد والنظام والعملquot; (أول شعار من شعارات ثورة 1952).
أما فى الدولة المهلبية: فترفع شعار (الإتحاد والنظام والعمل) أما الواقع فيقول: الفركشة والفوضى والنوم فى العسل اللذيذ.
فى الدولة المدنية: تأخذ الأقليات حقها وفوقها بوسة.
أما فى الدولة المهلبية: فتأخذ الأقليات على (قفاها) وفوقها أيضا بوسة.
فى الدولة المدنية: تعامل المرأة كإنسان ثم مواطنة ثم أنثى.
أما فى الدولة المهلبية: فتعامل المرأة على أنها إنثى ثم إنثى ثم إنثى.
فى الدولة المدنية: العلاقة بين الجنسين يجب أن تكون فى النور.
أما فى الدولة المهلبية: العلاقة بين الجنسين يجب أن تتم فى الظلام.
فى الدولة المدنية: الشرف يعنى الصدق والأمانة والحفاظ على العهود والوعود.
أما فى الدولة المهلبية: فالشرف فى كثير من الأحيان لا يتعدى سمك غشاء البكارة.
فى الدولة المدنية: يحب مواطنوها العيش فى بلادهم بفخر وكرامة.
أما فى الدولة المهلبية: فنصف شبابها يرغبون فى الهجرة بفخر وكرامة إلى أى دولة مدنية.
الدولة المدنية: تحترم علمائها ومفكريها.
أما الدول المهلبية: فتقوم بتطفيش علمائها ومفكريها للهجرة إلى الدول المدنية.
فى الدولة المدنية: يتعلم أطفالها وطلابها كيف يفكرون.
أما فى الدولة المهلبية: فيتعلم أطفالها وطلابها كيف يحفظون ويصمون.
فى الدولة المدنية: يتعلم أطفالها وطلابها تاريخ وإحترام الحضارات الأخرى.
أما فى الدولة المهلبية: فيتعلم أطفالها وطلابها تاريخهم مزيفا يجعلهم يؤمنون بأنهم quot;أجدع ناسquot;.
فى الدولة المدنية: يعمل الناس ثمانية ساعات فى اليوم.
أما فى الدولة المهلبية: فيعمل الناس ثمانية ساعات فى الأسبوع.
الدولة المدنية: تقدم منتجات وإختراعات وتكنولوجيا تفيد الإنسانية.
أما الدولة المهلبية: فلا تقدم للإنسانية سوى المهلبية والتكنولوبيا!!
الدولة المدنية: تغسل غسيلها القذر أولا بأول وتنشره على العالم.
أما الدولة المهلبية: فلا تخشى شيئا من إخفاء غسيلها القذر.
الدولة المدنية: تواجه مشاكلها بصراحة وشفافية وحسم.
أما الدولة المهلبية: فتعتمد على أن quot;طولة البال تبلغ الأملquot;.
الدولة المدنية: تصرف جزءا محترما من ميزانيتها على التعليم والصحة.
أما الدولة المهلبية: فتصرف جزءا كبيرا من ميزانيتها على الدروس الخصوصية والشعوذة.
الدولة المدنية: تؤمن بأن الفن والموسيقى والأدب والشعر تشكل روح المواطن وفؤاده.
أما الدولة المهلبية: فتؤمن بأن الأكل والجنس هما أفضل وسيلة للبقاء.
فى الدولة المدنية: العقل زينة (بمعنى أنه فوق كل شئ)
أما فى الدولة المهلبية: أيضا العقل (زينة) ولكنه مجرد (زينة)
فى الدولة المدنية: أنا أفكر إذن أنا موجود
أما فى الدولة المهلبية: أنا أكره إذن أنا موجود.
فى الدولة المدنية: العلم لا يكيل بالمال
أما فى الدولة المهلبية: فإن العلم لا يكيل بالبذنجان (مع الإعتذار لصديقى على سالم مؤلف مسرحية مدرسة المشاغبين)
فى الدولة المدنية: المتهم برئ حتى تثبت إدانته.
أما فى الدولة المهلبية: فالمتهم مدان حتى لو ثبتت براءته.
فى الدولة المدنية: ينظر الناس للمستقبل بأمل وبرغبة فى التقدم، وينظرون إلى الماضى لمجرد أخذ دروس مستفادة.
فى الدولة المهلبية: (لأنها مهزومة) فلا يستطيع الناس إلا النظر للماضى، لعلهم يجدون طاقة نور ويتذوقون طعم النجاح الغير موجود فى حاضرهم وفى مستقبلهم، وكما نقول فى مصر:quot;الخواجة لما يفلس يدور فى دفاتره القديمةquot;
.......والقائمة طويلة تحتاج إلى مجلدات، وأنا لدى ما هو أهم من ذلك فهناك طاجن المهلبية بالمكسرات فى إنتظارى بالفرن، إتفضلوا معانا!!
[email protected]