كنت مع صديق لي في دبي نزور معرض لوحات زيتية هندسية الاشكال.
هو في الحقيقة مقهى صغير بداخله بعض هذه اللوحات.
فجأة تسمر صديقي امام لوحة انزعج من رؤيتها.
نظرت في اللوحة، فعرفت ما فيها، لكني لم اعرف سبب انزعاجه.
كانت اللوحة تحمل اشكالا هندسية على هيئة نجمة سداسية. أي نجمة داوود.
الوانها جميلة. رسمها متناسق. ابعادها غاية في الاتقان.
قلت ذلك لصديقي، فغضب.. وسأل: كيف نسمح لنجمة اليهود ان تدخل بيوتنا؟
أجبته:
أولا يا صديقي العزيز، لست انا من رسم النجمة.
ثانيا، اعجابي بلوحة عليها نجمة داوود لا يعني حبي لليهود.
ثالثا، ان النجمة لداوود. ولو لم اكن مخطئا فداوود عليه السلام نبي نحبه ويحبنا.
رابعا، ان اللوحة جميلة بالفعل.
لم يبد صديقي ارتياحا لدفاعي الرباعي هذا. اصر على خطا وجود النجمة، وعلى خطر الصليب، وعلى علمانيتي.. ولا اعرف ما العلاقة بين هذه وتلك. قال لي اننا نحن العرب نحب اليهود اكثر مما نحب بعضنا. أو اننا نخاف منهم ونواليهم من اجل مصالح شخصية فقط!!
موقف صديقي اثار حيرتي. فهو رجل قد تعلم في الخارج. وفي الخارج هناك فرق بين ان تحب رمزا ما، وان تربطه بحب شعب ما.
فحبي لشكل النسر الاميركي لا يعكس حبي للسياسة الاميركية.
انا في الحقيقة لا احب شكل معظم الأعلام العربية التي ترفرف بنصف طاقتها فوق دوائرنا الحكومية. لكني احب كل الدول العربية.
ثم هناك نقطة اهم من كل ذلك..
اننا يجب ان نفرق بين اليهود واسرائيل.
نحن نكره اسرائيل نفسها، لكن ذلك لا يعني ان نكره اليهود انفسهم.
عداوتنا سياسية، ولا ينبغي ان تصبح شخصية.
لا يمكن ان اسير في شارع في اميركا او في السعودية، فأرى يهوديا أبصق في وجهه لأنه يهودي. أو حتى أتأفف من قبعته او ثياب كهنوته.
تصرف كهذا لن يكون دينيا او وطنيا، بل همجيا.
وما لا يعرفه معظمنا، ان اكثر اعداء اسرائيل هم جمعيات يهودية لا جمعيات اسلامية.
اخطر اعداء الدولة العبرية هم يهود بارزون يحاربون سياسة بلدهم في كل مناسبة. هؤلاء شخصيات فاعلة اكثر من شخصياتنا العربية التي لا تجيد سوى الصراخ وراء المايكروفونات.
نعم، نحن نكره اسرائيل. لكن ذلك لا يعني ان نكره اليهود.
نعم، نحن نكره سياسة اميركا. لكننا لا نكره الاميركيين.
تبقى هناك نقطة اخيرة..
لماذا نحن نخاف من الرمز؟
لماذا نخاف من نجمة داوود؟
.. ولماذا نخاف صليب المسيح؟
وأقول نحن.. لأنه لم يسبق ان رأيت يهوديا، او مسيحيا، يخاف من هلال المسلمين..
وان كنت لا اعرف حقا ما يعنيه الهلال.. ولا قيمته..
لكنه بالنسبة لي مجرد رمز آخر، لا اكثر..
لن يقودنا حبه الى الجنة، ولن يقود انكاره الى النار.