من يقرأ عنوان مقالي هذا، سيتساءل: من هو الشيخ تاج الدين الهلالي ليخضع له الخاطفون ويسلموه المخطوف الأسترالي دوغلاس وود على طبق من ذهب؟ إنه، وبدون أدنى شك، وجه الجالية الإسلامية في أستراليا، حوله تدور الوسائل الإعلامية، وعليه تسلط أضواءها، ومنه تأخذ الكلمة الفصل. ولو كانت لغته الإنكليزية مطواعة لصنع العجب العجاب، خاصة وأنه تخطى ألغام التكفير، والتضليل، والرجعية، وإلغاء العقل والتفكير، ليصل إلى الإعتدال، ومشاركة الآخرين، كي لا أقول المسيحيين، مناسباتهم الدينية، وأفراحهم وأتراحهم.
قد يقول البعض أنني كتبت ما كتبت بسبب صداقتي بالشيخ الهلالي، أو بسبب إعجاب الشيخ بأدبي، إذ أنه شارك بتكريمي، وطرّز لي قصائد المديح التي بها أفخر. ولكنني، والحق أقول، إن ما يهمني، أولاً وأخيراً، ليس مديح الهلالي، بل تنقية سمعة الجالية الإسلامية في أستراليا، بعد أن وصلت إلى الحضيض بسبب تصريحات بعض مشايخها اللا مسؤولة.
من منا ينسى هجوم المسؤولين السياسيين ووسائل الإعلام، منذ أسبوعين، على الشيخ الذي قال أمام ألف شخص من أتباعه: إن اللوم، كل اللوم، يقع على المرأة التي تظهر مفاتنها، في حال تعرضها للإغتصاب، وليس على مغتصبها.. فتصوروا.
لقد تناسى هذا الشيخ أنه يعيش في أستراليا، وأن أستراليا دولة ديموقراطية علمانية، يحق لكل امرأة فيها اختيار ملبسها، وتسريحة شعرها، وعلو كعب سكربينتها، دون أن تخاف من أحد، ودون أن تتعرض لمكروه. وكأنه يشجع، من حيث لا يدري، المغتصبين المرضى على اغتصاب النساء السافرات، لا لشيء، سوى لأنهن سافرات، بينما المحجبات، لأنهن محجبات، فهن في مأمن، ولن تلتفت إليهن أعين المغتصبين. ومن له أذنان سامعتان فليسمع!.
مسؤول أسترالي قال لهذا الشيخ الشاب: لماذا لا تحزم حقائبك وترحل، هذه البلاد بلادنا، ونحن نريدها هكذا، فلا أنت ولا غيرك سيقدر على تغييرها.
وشيخ آخر، سجلوا خطبته دون أن يعلم، لعن حظه وحظ أتباعه، لأن أطفاله يذهبون إلى المدارس الأسترالية، ويتلقون العلم على أيدي أساتذة مسيحيين ويهود ومسلمين منفتحين، انتبهوا إلى كلمتيْ (مسلمين منفتحين)، وهذا، بنظره، عار وشنار، سوف يغضب الله تعالى. سامحنا يا ألله، فلقد أصبح عدد المتكلمين باسمك، أكثر من المصلين لك.
أما الشيخ الذي قال لأتباعه: لا تدخلوا الأجانب إلى بيوتكم، فلقد استنتجوا من كلامه أنه يدعو إلى شرنقة المسلمين، وعزلهم عن مجتمهم الجديد، واعتبار الأستراليين (أجانب) في وطنهم، وهذا طعن بظهر الوطن الذي احتضنهم، وفتح أحضانه لاستقبالهم.
مشايخ يتكلمون، وإعلام يسجّل ويبهدل، وجاليتنا الإسلامية المغلوب على أمرها تدفع الثمن، ولقد آن الأوان كي نرد اعتبارها، ونثبت للعالم أجمع أننا أبناء السلام والتعايش والتفاعل والانفتاح، ولن نرضى مطلقاً أن يخطف أحد مواطنينا دون أن نحرّك ساكناً. وها هو الشيخ الهلالي، يحمل مرضه وهمومه، قبل أن يحمل حقيبة سفره، ويتجه إلى المجهول، إلى بلد عزيز يتلاعب بأمنه ألف شيطان رجيم، من أجل أن يجلب معه أخاه دوغلاس وود، على حد تعبيره.
جاليتنا الإسلامية بحاجة إلى دعم، فليأت هذا الدعم من مسلمين يتمنون الشهادة حباً بلقاء المصطفى. هذا إذا كانوا حقاً يتمنون لقاءه، وهل أجمل من أن يعود الشيخ الهلالي وبمعيته الأسترالي دوغلاس وود، لتقرع أجراس الكنائس، وتتباهى مآذن الجوامع الأسترالية بارتفاعها، وبانتمائها لهذا الدين الحنيف، ولهذه البلاد الأمثولة: أستراليا.
سلموا دوغلاس وود للهلالي، لنسلم نحنا.. وإلاّ، تكونون، أيها الخاطفون في العراق، قد عقدتم اتفاقاً جهنمياً مع أعدائنا هنا، لاضطهادنا، وللهزء بنا، ولتحجيم جاليتنا الإسلامية، ولشرشحتها أكثر فأكثر.

[email protected]