يا عيب الشوم!

لقد فعلت جريدة إلصن البريطانية خيرا، عندما نشرت الصورشبه العارية للرئيس القائد حامي حمى البوابة الشرقية، قاتل أطفال ونساء ورجال العراق عربا وأكرادا، بكافة أنواع الأسلحة بما فيها الكيماوية، لأنها أعطت الفرصة للتأكد من حقيقتين لتصبحا مؤكدتين أكثر من حقيقة بزوغ الشمس من المشرق وغروبها في المغرب، وهما:
الأولى: أن هناك مجموعة من الكتاب والصحفيين والأحزاب العربية، كانت و ما زالت تعيش على هوامش المستبدين والديكتاتوريين إما لمصلحة أو لغرام نفسي بالمستبدين والطغاة، وهم سمة من سمات الثقافة العربية، التي أنتجت في العقود الخمسة الماضية مجموعة من الكتب عن أولئك الطغاة، يخجل منها أي كائن حي، وهي كتب لا يمكن أن يقتنع أي قارىء لها أنها كتبت عن قناعة عقلية أو إيدولوجية بذلك الطاغية، ولكن المصلحة الشخصية كانت وراء تلك الأعمال التي لا تشرف أصحابها، وبعد زوال (ولي النعمة) كسقوط صدام حسين في تلك الحفرة التي تليق بماضيه الإجرامي، يتمنى أغلب هؤلاء الكتاب، لو أن كتبهم تلك غابت من ذاكرة القارىء العربي، ولا أعتقد أن واحدا منهم يجرؤ على إنتاج طبعة جديدة منها، بل أن بعضهم كما علمت يقوم بجمع وشراء اية نسخ تبقت منها، لإتلافها كي تغيب من الذاكرة والوجدان العربي. وهي كتب لن يجد أي قارئء عادي أو متخصص الرغبة في قراءتها، لأن مجرد عناوينها على الغلاف، تؤكد الكذب والنفاق والإرتزاق كدافع لكتابتها، وهي تماما كأن يقع في يديك كتاب عنوانه (أبو لهب ودعوته للإسلام)، فمن سيصدق مضمون هكذا كتاب، وضمن نفس السياق من سيقرأ كتابا عنوانه (التنمية الإقتصادية في فكر صدام حسين) أو كتابا عنوانه (صدام حسين مناضلا و مفكرا وإنسانا)..من يتخيل أو يصدق ذلك؟. صدام حسين المجرم والقاتل مرتكب المقابر الجماعية والفردية بحق الشعب العراقي، يصبح عند هذا الكاتب إنسانا!!!. و صدام حسين الجاهل الذي لم ينجح في سنته الثانية الجامعية فهرب من الجامعة لعصابات البعث، يصبح عند هذا الكاتب مفكرا!!!وكأن أعماله الفكرية بالمجلدات!!!. ويكفي لهذه الكتب الوصمة السوداء في تاريخ الثقافة والمثقفين أن تذكر عناوينها، وهي فعلا كما يقول المثل الشائع (الخطاب يقرأ من عنوانه)، وإليكم فقط عناوين هذه الكتب، مع الاعتذار المسبق لأي قارىء عربي، سيصاب منها بإرتفاع الضغط، أو بحالة تقيؤ!
1-صدام حسين القائد المفكر، هاني وهيب. 2- صدام حسين : مناضلا و مفكرا و إنسانا، أمير إسكندر. 3- صدام حسين : الرجل والقضية والمستقبل، فؤاد مطر. 4- بن علي : العقل في مواجهة العاصفة، حميدة نعنع. 5- صدام حسين و جمال عبد الناصر : القائد و إدارة الصراع، أنمار لطيف نصيف جاسم. 6- تخطيط التنمية الإقتصادية في العراق في ضوء فكر الرئيس القائد صدام حسين، حسين عجلان. 7- تغيير الواقع، دراسات في فكر الرئيس القائد صدام حسين، مجموعة من الباحثين.(صباح ياسين، كامل الزبيدي، عبد المهدي المظفر، شفيق السامرائي، فوزي حميد حسن، هادي أحمد مخلف، محمد عطاء الله، ياس خضير البياتي، طالب الزوبعي، هادي حسن عليوي، وليد الحديثي، على حسين الجابري، رسول راضي الحربي، سعد محمد عثمان، خزعل الجاسم، فليح حسن خلف، عدنان مناتي صالح، خضير عباس العنبوري، عباس فاضل محمد).
8- صدام حسين القائد الضرورة (قراءة في التكوين الشخصي والقيادي)، حامد أحمد الورد.
9- صدام حسين : قائد و تاريخ، صباح سلمان.
10- مع الفكر الإنبعاثي الجديد (صدام حسين)، فاضل إسماعيل العاني.
11- الدور الإقتصادي والإجتماعي للضرائب في فكر السيد الرئيس القائد صدام حسين، طاهر موسى الجنابي.
12- قراءات في فكرالرفيق صدام حسين في الإدارة الاقتصادية أثناء الحرب، عصام رشيدى حويش 13- الأراء و الأفكار الإقتصادية للسيد الرئيس القائد صدام حسين، عبد الوهاب الداهري.
14- مؤشرات التقييم في فكر القائد صدام حسين، سعدون مهدي الساقي.
15- الدولة وهيكلها الإداري في فكر القائد صدام حسين، سلمان راضي حسن.
16- إستراتيجية التخطيط الإقتصادي في فكر الرئيس القائد صدام حسين، عدنان مناتي و أموري هادي صالح.
17- التكنولوجيا والتقدم العلمي في فكر القائد صدام حسين، حسين عجلان.
18- طارق عزيز: رجل و قضية، حميدة نعنع.
وتطول القائمة إلى أضعاف اضعاف ماذكرت من كتب وبحوث ومقالات ودراسات وندوات ومؤتمرات، كلها في فكر وتخطيط ورؤية الرئيس القائد في كافة نواحي الحياة العراقية والعربية والعالمية، بما فيها هندسة وعمران البيوت إذ قبل سقوطه تم إقامة معرض لهندسة وتصميم البيوت والمنازل التي وضعها و صممها القائد، وتسابق المهندسون المعماريون في دراسة التصميم وبيان مزاياه الخارقة التي لم تخطر على بال وفكر أي معماري في العالم منذ بداية سكن الإنسان في البيوت المغلقة، وأعلنت شركة معمارية لبنانية عن أملها في أن يعطيها الرئيس القائد المعماري صدام حسين حق البدء في تنفيذ بيوت للسكن حسب هذا التصميم الخلاق الذي سيدهش المعماريين في الشرق والغرب.
وفي مجال الشعر والشعراء، تكررت نفس الفضيحة الأخلاقية، فقد كتبت أشعار في مديح القائد الضرورة أكثر من أغلب شعر المديح العربي المبتذل أيضا، الذي كان في غالبيته سعي وراء منصب أو حفنة من النقود، بما فيها أشعار أبو الطيب المتنبي في كافور الأخشيدي،الذي وصل به حد الابتذال والمهانة أن يخاطبه قائلا :
مولاي هل في الكأس من بقية فإني أغني منذ حين وتشرب
وعندما لم يستجب لطلباته إنقلب عليه وهجاه بأقذع القصائد الهجائية بما فيها قصيدته ذائعة الصيت التي يقول فيها :
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد
من علّم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض أم آباؤه الصيد

وضمن نفس السياق المتملق المنافق، قصائد إبن هانىء الأندلسي في المعز لدين الله الفاطمي، ويكفي منها هذا النموذج المهين للمبادىء والأخلاق :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبي محمد وكأنما أنصارك الأنصار
من هو المعز لدين الله كي يشبهه بالرسول (ص)، وأيضا يصل إلى حد الكفر العلني الصريح عندما يعطيه صفتين من أسماء الله الحسنى (الواحد و القهار)، ويتحدى الذات الإلهية بأن المعز لدين الله هو من يقرر وليس الله تعالى (ما شئت لا ما شاءت الأقدار)، ورغم ذلك لم نسمع بأية إدانة لهذه القصيدة من شيوخ و فقهاء الدين الذين أدانوا فرج فودة وأفتّوا بقتله، و قتلوه فعلا..وغيره العديد من ضحايا الفتاوي الضالة...وما زالت هذه الأبيات المنافقة الكافرة، تدّرس في كافة مناهج التعليم العربية على أنها من عيون الشعر العربي ، ولم نسمع أيضا من إنتقد أبو الطيب المتنبي على هجائياته العنصرية بحق كافور الأخشيدي، وهذا ليس دفاعا عن كافور، فهو ربما يستحق أكثر مما قاله فيه المتنبي، ولكن إسلوب النقد هو المقصود، فهو يصفه بأنه (عبد مفرد عبيد)، لأن لون بشرته يميل إلى السواد الذي هو من خلق الله تعالى، وهذا ما عنّاه الرسول (ص) في حديثه (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى)، وهذه النظرة العنصرية المتعالية ما زالت متوارثة حتى الآن في العديد من الأقطار العربية، وتسمعها ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين، حيث يقال (عبد) لذوي البشرة السوداء!!!.
وللشعراء أيضا جولاتهم في النفاق

أما في مديح القائد الطاغية، فقد إبتذل العديد من الشعراء العراقيين والعرب أنفسهم بشكل مهين، لا أعتقد أن الثقافات الأخرى، عرفت هذا الحد من الذل والنفاق والرخص الذي تأباه النفس البشرية الحرة، وهي أشعار لو تم جمعها لملأت مجلدات، و تكفي منها أبيات كنماذج :
قال شفيق الكمالي في مديح القائد الضرورة :
تبارك وجهك الوضاء فينا كوجه الله ينضح بالجلال
عليهم قد دخلنا ديزفال هزمنا الفرس ضربا بالنعال
من يتخيل هذا الفحش الذي يصور فيه وجه الجلاد القاتل بوجه الله تعالى، و لشفيق الكمالي نفسه القصيدة المشهورة التي غنتها (مائدة نزهة)، والتي يقول فيها عن حزب صدام حسين :
هو القدر الواحد الأوحد هو البعث والبعث لا ينضب
هو المبتدى ما له منتهى سماء من الشرق لا تغرب
هو الزورق المنتقى للفرات وتحتار أيهما أعذب
وربما كان عقابا إلهيا لشفيق الكمالي أن يتم قتله بأوامر من الطاغية ، فقد تم إعتقاله لعدة شهور، وأخرجوه من السجن ليموت فجأة، وأصبح مؤكدا أنه تم تسميمه في السجن قبل إخراجه منه ، وربما عرف شفيق الكمالي وهو يعاني زفرات الموت، خطيئة وإثم أن يشبه وجه قاتل مجرم بوجه الله تعالى!!!!.
أما صالح مهدي عماش، فعن أشعاره حدّث دون حرج، وهو القائل :
بعث تشيده الجماجم والدم تنهدم الدنيا ولا ينهدم
وصدر البيت هو أصدق ما قيل في حزب البعث بشقيه السوري والعراقي، فهو لم يقم إلا على جماجم ودماء الذين قتلوا من البعثيين على يد رفاقهم أنفسهم، فتاريخ الحزب كله قتل وإنقلابات وإعدامات بالمفرد والجملة لإعضائه، وبعشرات الآلآف من الشعبين العراقي والسوري!.
و لسامي مهدي قصيدة بعنوان (أمير القلوب)، يقول فيها عن الطاغية :
يا ضرام المعارك
يا شارة النصر..يا حكمة الغابرين
و يا لعنة الطالعين
أمة أنت في رجل
رجل أنت تسكن القلوب!!!
وقد رأينا فعل أحذية أصحاب هذه القلوب وهي تنهال على تمثال و صور الطاغية، صبيحة التاسع من نيسان لعام 2003!!!.
وشاعر آخر إسمه علي الياسري، كتب يقول :
إنا أعطيناك الكوثر والشانىء شانئك الأبتر
وكما هو واضح إقتباسه للآيتين الكريمتين الأولى والثالثة من سورة الكوثر، وهو يضع الطاغية في مصاف الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه من المعروف أن هذه السورة بآياتها الثلاث نزلت في الرسول (ص).
وشاعر إسمه عبد الكريم يونس الكيلاني، نشر قصيدة بعنوان (ألق في ألق)، في العدد الثاني لعام 2000 من مجلة الطليعة الأدبية، قال فيها :
هب لي دما حرا يصاغ أساورا واجعل لناصية الشموس منائرا
صدام يا ألقا يلوح في السما للسائرين على خطاك معابرا
إشراقة النصر المؤزر في دمي تجري لأحيا في علاك مآزرا
أما الشاعر رعد موسى، فقد نشر في نفس العدد من مجلة الطليعة الأدبية، يقول :
الروح يكتب والدم والقلب ينطق والفم
صدام أنت المرتجى هيهات غيرك يحكم
هيهات غيرك يفتدى هيهات أمرك يسأم
الله والدين الذي أوصى اليك وآدم
أن نفتديك محبة كي تستريح ونألم
لولاك لن يتبقى لنا شيء كريم يسلم
وليت هذ ا الشاعر يخبرنا في أية آيات القرآن الكريم، أوصانا الله تعالى بالقائد الطاغية، وليت سيدنا آدم ينطق ليخبرنا متى وكيف أوصى بالمجرم صدام، فربما عرف هذا الشاعر من الدين وعن آدم أكثر مما عرفنا وكافة شيوخ وفقهاء الدين!!!.
أما نزار قباني، فأيضا لم تفته زفة النفاق الرخيص هذه، فهو الذي قال بعد مشاركته في إحدى (مرابد) الطاغية الشعرية : (لقد جئت إلى بغداد مكسورا، فإذا بصدام يلصق أجزائي، وجئت كافرا بممارسات العرب وإذا بصدام يرد إلي إيماني ويشدّ أعصابي...وهكذا أعود من بغداد وأنا ممتلىء بالشمس والعافية...فشكرا لصدام حسين الذي قطّر في عينيّ اللون الأخضر)...تخيلوا هذا النفاق والكذب!!!. الطاغية يعادل العرب جميعا عند نزار قباني، فالعرب الثلاثمائة مليون، ممارساتهم جعلت نزار قباني كافرا بالعرب والعروبة، و صدام فقط بممارساته أعاد له إيمانه!!. ليت نزار قبل أن يموت، أخبرنا أية ممارسات بالتحديد أعادت له الإيمان :
-هل هي قتل صدام للعشرات من قيادته القطرية والقومية؟
-أم شنّه حربا ظالمة لثمانية سنوات ضد الجارة إيران، أحرقت الأخضر واليابس، وقتلت ما لا يقل عن ثلاثة ملايين في البلدين.
-أم قتله مالا يقل عن مائة وثمانين من علماء وشيوخ الإسلام العراقيين، العديد منهم من المعروفين في كافة الأقطار الإسلامية.
-أم قتله ما لايقل عن مليونين من العراقيين العرب و الأكراد، وقصف المدن العربية والكردية بكافة أنواع الأسلحة بما فيها الكيماوية، كما حدث في مدينة حلبجة الكردية عام 1988، حيث قتل خمسة آلاف في ساعات معدودة ,
-أم إحتلاله لدولة الكويت وتخريبه وإحراقه لمئات من آبار نفطها، عندما أجبرته قوات التحالف الدولي، ومعها القوات المصرية والمغربية والبعثية السورية، على الهروب خاسئا مندحرا، بعد أن سجّل سفالة بعثية لا مثيل لها، تمثلت في إحتلال دولة عربية وقتل المئات من أهلها وأسراها المفقودين حتى الآن.
لقد مات نزار قباني، دون أن يجيبنا على هذه الأسئلة، ولكن يجب التمعن في جملته الأخيرة (شكرا لصدام الذي قطّر في عيني اللون الأخضر!!)، وهنا نتذكر قول العرب (المعنى في بطن الشاعر)،
فأي لون أخضر يقصده نزار؟، هل للون علاقة بالكتاب الأخضر للقذافي، أم نتذكر أن لون الدولار أيضا أخضر، وأسألوا أهل العلم و قوائم كوبونات النفط، ففيها الخبر اليقين، وهنا لا نقصد نزار، ولكن الأسماء التي وردت في تلك القوائم، وكان تقطير اللون الأخضر في جيوبها وليس في عيونها!!!.
ويطول الإستشهاد من شعر مديح القائد الطاغية، إذا أوردنا فقط نماذج لشعراء آخرين غالبيتهم من العراقيين مثل : عبد الرازق عبد الواحد و سامي مهدي و ساجدة الموسوي وحميد سعيد...وغيرهم كثيرون، ويكفي التذكير بالألقاب التي كانت تطلق على بعض هؤلاء الشعراء، حيث راجت توصيفات : شاعر القادسية، شاعر أم المعارك، شاعر القوة الجوية، شاعر الحرس الجمهوري، شاعر الطليعة العربية، شاعر ليلى البعثية ، شاعر الحزب.

ولم يكتف الكتاب والشعراء بذلك، فهناك كتيبة أخرى تفرغت لكتابة بحوث وكتب ودراسات، تم نشرها بإسم القائد المفكر، ومن فهرس مصادر ومراجع كتاب حسين عجلان المشار إليه سابقا، أحصيت أربعة وثلاثين كتابا منشورا بإسم القائد المفكر الضرورة، وكلها صادرة عن دار الحرية للطباعة بين عامي 1976 و 1984، وكما هو معروف فقد دخل عالم الكتابة الروائية في سنواته الأخيرة، ونتذكر الضجة التي أثيرت حول رائعته! (زبيبة والملك)، والإتهامات التي وجهت لأكثر من كاتب، بأنه هو الذي كتبها للطاغية..


الثانية : الحقيقة الثانية التي كشفتها الصور شبه العارية للقائد الضرورة، هي الولع العربي بإختلاق قضايا قومية من أمور شكلية تافهة لا معنى ولا دلالات لها ، فقد ثارت ثائرة العديد من الكتاب والصحفيين العرب على الصورتين اللتين نشرتا للقائد الضرورة، وجعلوا منها نكبة جديدة تعادل نكبة فلسطين، وربما أكبر، وكل ما في الأمر صورة للقائد الضرورة وهو بلباسه الداخلي، وهل في هذا عيب أو إهانة؟؟. وهل هي تختلف عن الصور التي كانت تنشر له في زمن تسلطه وهو بالمايوة، يسبح في نهر دجلة، وآ نذاك تبارى بعض المرتزقة للتعليق على الصورة المعجزة، مبينين القدرات الخارقة للقائد في السباحة وهو يقطع عدة كيلومترات من السباحة في دقائق معدودة، دون كلل أو ملل، ولم يبقى إلا أن يسجلوا إسمه في قائمة أبطال السباحة العرب...لماذا ذلك المايوة كان مفخرة عربية، وهذا اللباس الداخلي في الصورة الجديدة نكبة للأمة والشرف العربي؟؟. أما الصورة الثانية فهي للقائد الضرورة وهو يغسل ملابسه بيديه، فما العيب في ذلك؟. ألم يقولوا عنه في عناوين بعض كتبهم عنه أنه (إنسان)، وهل صورة الإنسان وهو يغسل ملابسه بيديه فيها عيب ونكبة للعرب والعروبة؟؟؟. إن موجة اللطم والبكاء الذي أقرب للنحيب من جراء نشر هاتين الصورتين، تحتاج فعلا لدراسات نفسية...إن ما كتب عن النكبة الجديدة المتمثلة في نشر صور (كلسون) الرئيس الضرورة، يؤكد أننا شعوب متخصصة في خلق قضايا قومية وهمية على حساب القضايا الأساسية، و يكفي نموذج واحد من حفلات اللطم تلك التي أقامها بعض الكتاب العرب، لنرى نوع إهتماماتنا العربية :
-الدكتور فايز أبو شمالة، كتب يقول : (أنت الأسير ياصدام..سروالك الكرامة التي تخلت عن الجبناء، وعيونك المدى رغم العتمة، وصدرك الحرية رغم القيد، وفكرك الزمان الذي جللك بالتجربة...أنت اليوم صاحب يوسف في السجن، ورفيق مانديلا ن وصديق ناظم حكمت، وحبيب سعيد العتبة، وسمير القنطار، و كريم يونس، وقاهرة السعدي، وعبدالله البرغوتي، أنت اليوم دون مرتبة الشهداء بقليل ن وفي مصاف الشرفاء الذين باعوا الحياة الدنيا واشتروا الاخرة والكرامة).
وضمن هذا التهويل البلاغي لكارثة صور الملابس الداخلية للرئيس الضرورة، دارت عشرات التعليقات والتحليلات التي إذا جمعت لملأت مجلدا من مئات الصفحات، يمكن توثيقه ونشره حفاظا على أصوات الكرامة العربية المهدورة تحت عنوان (سروالك الكرامة العربية)، وهذا ماحدى بالكاتب والصحفي الفلسطيني المعروف خيري منصور، أن يكتب مقالة عن حفلات اللطم على الشرف العربي المهان في (كلسون الرئيس) ، بعنوان (ستربتيز سياسي)، يوم الخامس والعشرين من مايو الماضي في جريدة (الخليج) وأعادت إيلاف نشرها في (جريدة الجرائد)، مقارنا بين الهبة العظمى على إهانة الرئيس بملابسه الداخلية والسكوت المخزي طوال عقود على قضايا مصيرية، و تساءل قائلا : (ماالذي كانت تفعله المؤسسات القومية الغيورة خلال تلك الأعوام؟ وهل كان الضمير القومي في عطلة طويلة؟).

إن هذه الهبة العظيمة ثأرا ممن تجرأوا على نشر صورة سروال الرئيس (سروالك الكرامة العربية)، تدلل على إستحالة قيام وجدان عربي مشترك، فعندما يصبح (سروال) قاتل الشعب العراقي رمزا للكرامة العربية عند البعض، كيف سيلتقي هذا البعض مع ملايين الشعب العراقي.. وما زال البعض يتغنى بأمة عربية واحدة!!!.

كاتب المقال، أكاديمي فلسطيني مقيم في أوسلو
[email protected]