"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" (الحجرات 6).
أولاً ليكن في علم القراء أن الرسائل البورنوجرافية الفاجرة التي كانت تتلقاها الجامعية التونسية رجاء بن سلامة يومياً ومنذ شهور عقاباً لها على نقدها لراشد الغنوشي قد توقف فجأة بمجرد تنديد د. محمد عبد المطلب الهوني بهذه الجريمة اللاأخلاقية البشعة في مقاله "محنة العفيف الأخضر ومسئولية الإعلام" المنشور في إيلاف بتاريخ 18/5/2005 وبمجرد نشر تعقيبي على هذا المقال في 24/5/2005 مطالباً البوليس الأخلاقي البريطاني الذي يعرف ولا شك الموقع الذي كان يقصف يومياً الجامعية التونسية بوابل من رسائله الجنسية الفاحشة ... المهم إن فاعل الجريمة أحس بالخطر فأوقف رسائله ... وإذا عادت العقرب فالنعل حاضر.
والآن لنرى كيف حاكت "النهضة" والإسلاميين السودانيين مؤامرتهما البشعة للتعريف على أوسع نطاق بكتاب "المجهول في حياة الرسول" بهدف إجرامي هو نسبته للعفيف الأخضر تحريضاً على اغتياله.
نشرت جريدة "الشرق الأوسط" بتاريخ 2/5/2005 رسالة من مراسلها في الخرطوم اسماعيل آدم بعنوان "مظاهرة احتجاجية ضد صحيفة "الوفاق" السودانية بعد نشرها كتاب "المجهول في حياة الرسول" جاء فيه باختصار ، منذ 1/5/2005 ومجموعة من الطلاب تنتمي إلى "جماعة أنصار السنة المحمدية" تقود تظاهرة ضد "الوفاق" لنشرها الفصل الأول من كتاب "المجهول في حياة الرسول" الذي يشكك في نسب الرسول صلى الله عليه وسلم. واتهم المتظاهرون مالك الوفاق محمد طه محمد أحمد المحسوب على النظام الحاكم في السودان بالردة (الحد الحد لمن ارتد).
وفي 6/5/2005 موقع "النهضة" الإلكتروني برئاسة راشد الغنوشي،خبراً- فتوى زعم فيه أن مؤلف كتاب "المجهول في حياة الرسول" هو العفيف الأخضر ما غيره، وهكذا حرض فقية الإرهاب جنود الإرهاب على اغتيال العفيف الأخضر على فراش مرضه .
سؤ النية فاضح فالكتاب لا يمثل في شيء فكر العفيف الأخضر. هدف الكتاب هو "إخراج المسلمين من ظلمات الشيطان إلى نور المسيح" كما قال القس زكريا بطرس في فضائية "الحياة" يوم 20/5/2005. علماً بأن الكتاب المذكور ومجموعة أخرى من الكتب المناهضة للإسلام ولرسوله عليه الصلاة والسلام موجودة على موقع فضائية "الحياة" التي يديرها القس المذكور. الأطروحة المركزية في كتاب "المجهول في حياة الرسول" هي لا نبي خارج ذرية اسحاق" ص 94. فهل هذه الأطروحة تمثل فكر العفيف الأخضر الديني أم فكر مبشر؟ " يقول القس المجهول مؤلف الكتاب:" وكان لمحمد شيطان يقال له الأبيض وقرين من الجن وكانا يخبرانه بكل شيء يحدث من أمور الناس" ص 18،فهل هذا يمكن أن يصدر عن العفيف الأخضر؟ "يقول البعض كانت الحروب [الإسلامية] ضرورية لنشر الإسلام ... نقول قبل الإسلام بستة قرون نشر حواري المسيح في كل أرجاء العالم بقوة الكلمة وبدون استخدام سيف غير سيف الكلمة وقوة الروح القدس الذي أيدهم بالمعجزات" ص 94، فهل هذا هو فكر العفيف الأخضر الديني؟ يقول الكتاب بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كاهن وعراف" ويتلقي وحيه "من الشيطان" بينما "أنبياء الله الحقيقيين" أنبياء الكتاب المقدس كانوا يتلقون وحيهم من جبريل" ص 36. فهل هذا يا رئيس "النهضة" فكر العفيف الأخضر العقلاني وعضو اتحاد العقلانيين بفرنسا؟ يقول المبشر مؤلف الكتاب "نبوة محمد كاذبة ونبوة أنبياء إسرائيل صادقة" ص 85،فهل يمكن أن يصدر هذا عن العفيف؟ يقول القس إياه "ورقه ابن نوفل اسقف مكة النصراني الذي ثبت محمد بعدما جزع من الشيطان الذي كان يتراءي له" ص24. فهل هذا هو فكر العفيف الأخضر؟ يقول القس مؤلف الكتاب "نعم لم يحدث ذلك [استراق الجن للسمع] مع انبياء الله الحقيقيين. لكنها ثقافة الكهانة والعرافة وضرب الودع وخرافات الجن وتوابع العرافين التي كانت تغص بها جزيرة العرب فصيرها محمد وحى يقرأ به المسلمون صبح مساء" ص 38. فهل هذا يا صاحب الفتاوى الكاذبة، فتوى اغتيال الرئيس المؤمن محمد أنور السادات وفتوىاغتيال جميع الحكام المسلمين في كتاب "الحريات العامة في الدولة الإسلامية" وفتوى اغتيال العفيف الأخضر التي تنتظر التنفيذ، هو فكر العفيف الأخضر الديني الذي يلخصه مطلبه بتدريس "العقلانية الدينية التي لا تقبل من الدين إلا ما كان متفقاً مع العقل"؟ فهل يقبل العقل أن يكون رسول الله صلي الله عليه وسلم "كاهناً وعرافاً" يتلقي الوحي من الشيطان بينما يكون موسى نبياً يتلقي الوحي من جبريل؟ فلا فرق بين موسى ومحمد،ولا فرق بين اليهودية والمسيحية والإسلام فهي جميعاً ديانات سماوية توحيدية كل واحد منها يشكل طريقاً إلى الوصول بالمؤمنين به إلى الخلاص الروحي كما قال المرحوم جان بول الثاني. وأنا هنا اتفق مع خصمي الشيخ يوسف القرضاوي في الترحم عليه ضد راشد الغنوشي الذي اعتبر زيارته لتونس "غزواً صليبياً"!.
حقاً جريمة موقع "النهضة" ورئيسها في إلصاق هذا الكتاب التبشيري والخالي كلياً من الروح العلمية واضحة وضوح الشمس. لكن جريمته الأخرى التي لا تقل وضوحاً هي تحالفه مع صاحب صحيفة "الوفاق" الإسلامية السودانية لنشر الفصل الأول من الكتاب الذي يدعي فيه مؤلفه القس المجهول ... بأن "محمد لقيط" بدون تقديم أي شبه حجة تاريخية. وهي تهمة كاذبة لم يجرأ حتى مشركوا قريش ولا أكثر المستشرقين حقداً على نبينا بالتفوه بها. هذا الكتاب الذي ربما لم يتجاوز قراؤه منذ نشره بضع مئات أصبح الآن متداولاً بين عشرات آلاف القراء بفضل راشد الغنوشي ومحمد طه محمد أحمد اللذين يتحملان أمام الأمة الإسلامية وأمام الله وأمام رسول الله يوم القيامة إثم قراءة هذا الكتاب القادر على تشكيك عشرات آلاف المسلمين في دينهم لأنه مكتوب بطريقة غسل الأمخاخ التي يجيدها المبشرون المتعصبون لدينهم تعصباً أعمي.
بل إن أول ضحايا هذا الكتاب هم جمهور الإسلاميين المعروفين بسذاجتهم والذي سيصدقون كل الأحاديث الضعيفة والمتناقضة والفاسدة والمفسدة لإيمان الناشئة التي اعتمد عليها القس المجهول ... مؤلف كتاب "المجهول في حياة الرسول" . لقد اتخذ الإسلاميان الموتوران التونسي والسوداني إلاههما هواهما فروجا لكتاب هو بمثابة السهام المسمومة للنيل من رسولنا صلي الله عليه وسلم اعتماداً على خرافات مسند أحمد ابن حنبل والبخارى ومسلم وغيرهم من رواة الأحاديث الكاذبة التي وضعها أعداء الإسلام قديماً ليستفيد منها أعداء الإسلام حديثاً. أي إسلام عند من يضحي بالإسلام ورسوله من أجل اغتيال العفيف الأخضر بفتوى كاذبه.الغاية، اغتيال العفيف الأخضر، تبرر الوسيلة، ذهاب الإسلام ونبي الإسلام في ألف داهية؟!. اغتيال العفيف الأخضر على فراش مرضه أسهل من شربة ماء. وبعد اغتياله سينسب القس صاحب الأربعة عشر كتاباً ضد الإسلام بينها أربعة كتب ضد نبينا إلى العفيف الأخضر لكي تنافس في مبيعاتها البخاري ومسلم. إنها والله لجريمة بشعة ضد الإنسانية وضد الإسلام وضد نبي الإسلام وضد المريض البرئ العفيف الأخضر يقدم عليها المتأسلمون التونسيون والسودانيون، تلامذة الترابي، دون أن يرف لهم جفن !.
القس صاحب الكتاب بارع بل وعبقري في المكر بالإسلام ونبيه وفي غسل الأمخاخ ولكنه أيضاً سيء النية فعندما يذكر حكاية ورقة ابن نوفل التي اختلقها الرواد ونبؤته المزعومة بنبوة محمد صلي الله عليه وسلم فإنه يزورها ويحذف ما نسبه الرواد إلى ورقة عندما قال لخديجة "إن هذا هو الناموس الذي نزل على موسى"، حذف القس مؤلف الكتاب هذه الجملة لأنه لا يوافق ما قيل على لسان ورقة ابن نوفل – هذا إن كان ورقه ابن نوفل شخصية تاريخية – من كون الناموس الذي نزل على موسى هو الناموس الذي نزل على محمد. ولو كانت فيه ذرة من النزاهة الفكرية لذكر ما نسب لورقة دون تزوير.
لا يسعني أخيراً إلا أن أحذر الشباب المسلم وخاصة شباب "النهضة" من قراءة هذا الكتاب المسموم الذي أهداه لهم شيخ "النهضة" بتواطؤ إجرامي مع "الوفاق" الإسلامية السودانية. بهدف واحد وحيد هو الوصول إلى اغتيال العفيف الأخضر على فراش مرضه، الذي يحلم به شيخ "النهضة" الذي يخطط "لشنقه مع الزنديقه الأخرى رجاء بن سلامة في ساحة الباساج بتونس العاصمة"!.
وأوجه نداء إلى علماء الإسلام بأن يطهروا البخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل .. إلخ من هذه الأحاديث الكاذبة والمؤذية للإسلام ورسوله والتي اعتمد عليها القس مؤلف الكتاب والتي تطعن الإسلام ورسوله وأم المؤمنين عائشة في الصميم. الكتب الأربعة ضد الإسلام ورسوله التي هي : المجهول في حياة الرسول، ومحمد تحت المجهر، وخرافة أمية محمد، وأخلاق نبي الإسلام، وهي كلها من تأليف مبشر مسيحي واحد اعتمد على هذه الأحاديث الهائفة لطعن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الصميم. "وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم" فالمؤلف – المبشر ناب عنا نحن الكسالي عقلياً والمشلولين بعبادة الأسلاف كما يسميها أستاذنا العفيف الأخضر فجمع لنا الأحاديث الكاذبة المعادية للإسلام ورسوله والتي علينا أن نطهر منها كتب التراث ... وأن نعتمد في تعليمنا الديني على العقلانية الدينية. لقد مهد المفكرون المسلمون الكبار أمثال المستشار العشماوي وجمال البنا والعفيف الأخضر لمثل هذا الإصلاح الضروري.
أتوجه لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي بأن يؤلف لجنة من المفكرين المسلمين المستنيرين، لتنظيف كتب الحديث والتفسير من جميع الأحاديث التي اعتمد عليها المبشر مؤلف كتاب "المجهول في حياة الرسول" وغيرها من الكتب المعادية للإسلام التي تتجاوز الأربعة عشر كتباباً يمثل كل منها سهماً مسموماً مصوباً إلى قلب القارئ المسلم غير المتمكن من فهم دينه فهماً عقلانياً يحصنه ضد هذه الأحاديث الكاذبة وضد من يستخدمونها من المبشرين لغسل أمخاخنا .
يا شيخ الأزهر انك تتحمل أمام أمتنا وأمام الله مسؤولية جسيمة ، أدعو الله إلى أن يوفقك لتقوم بها على أحسن وجه، لأنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم. والله من وراء القصد.

[email protected]