مجنون من يعتقد أن الإرهاب يقتصر على التفجيرات والإغتيالات والخطف والتهديد وما شابه، ومجنون أكثر من يعتقد أن الإرهاب يقتصر أيضاً على العرب، كي لا أقول على المسلمين. فها هو الإرهاب المفرنج يرعب السفارة الأندونيسية في كانبرا مرة جديدة، بعد أن وصلها مظروف ظريف بَوْدر وريقاته بمسحوق أبيض لا خطر فيه على الإطلاق، على حد تعبير وزير خارجية أستراليا ألكسندر داونر.
وبهذا، تكون السفارة الأندونيسية في أستراليا قد تلقت أربعة مظاريف خالية، والحمد لله، من الأذى، عكس ما حصل مع الشركة العالمية التي تحلّي أفواهنا، وتملأ بطوننا بألذ أنواع الشوكولا، كألواح (السنيكز) و(مارز) وغيرها، فلقد تلقت تهديداً جديداً بتسميم منتوجاتها، وبتعريض المستهلكين للموت.
أندي وستونوب، الرئيس الإقليمي لشركة (ماستر فود)، أطلع الشرطة على مضمون التهديد، الذي يعتبر الخامس من نوعه، كما أمر بسحب الملايين من ألواح (المارز) و(السنيكز) من على رفوف المحلات.
وكانت جهة (إرهابية) مزعجة قد ادعت بإحدى رسائلها أنها سممت سبعة ألواح من منتوجات الشركة، وزعتها على المحلات التجارية في مدينة سيدني، بغية الإضرار بالشركة والمستهلكين في آن واحد.
والجدير بالذكر أن شركة (ماستر فود) قد سحبت من الأسواق، قبل أسابيع، أكثر من ثلاثة ملايين لوح من الشوكولا، ومنيت بخسائر مادية ومعنوية جسيمة، كيف لا، وقد خلت رفوف 25 ألف محل تجاري من شوكولاتها الشهية.
وبينما كانت الشرطة الأسترالية تلاحق صاحب المظروف المبودر، والشوكولا المسممة، طلع علينا أكاديمي أسترالي بفتوى مضحكة، كانت أستراليا قد رمتها في سلة مهملاتها منذ سنوات طويلة، يوم ألغت قانون (أستراليا البيضاء)، وفتحت أبوابها لكل مخلوقات الله، فإذا بأخينا الجامعي (المثقف) أندريو فرايزر يطالب بإحياء ذلك القانون الميت، ويدعي بأن هجرة الأفارقة السود تضاعف من نسبة الجريمة، كما طالب أستراليا بالإنسحاب من المعاهدات الدولية المختصة بهجرة اللاجئين، خوفاً من أن تتحوّل إلى دولة من دول العالم الثالث، كما اعتبر أن الأجناس البشرية مختلفة كلياً عن بعضها البعض، ولا يمكن أن تكون واحدة، لا بألوانها، ولا بعقلياتها، ولا بقابليتها للتعايش، ولذلك وجب على أستراليا أن تحمي حدودها.
المشكلة بدأت عندما رأى الأكاديمي فرايزر صورة طفل سوداني منشورة في إحدى الصحف الأسترالية، فأرسل مقالاً إلى تلك الصحيفة، أخبرها فيه أن تعاظم عدد المهاجرين السود سيكون السبب في تعاظم الجريمة والعنف والمشاكل الإجتماعية في مجتمعنا، كم أن أستراليا تندفع إلى الإنتحار الذاتي بتشجيع من فئاتها الدينية والسياسية والإقتصادية.
ولكي لا يكون الشعب الأسود مغبوناً من أخينا فرايزر، شمل معه الشعب الأصفر أيضاً، بعد أن أخبر أحد أعضاء بلدية (ولاهارا) برسالة إلكترونية، أن الهجرة الصينية تهدد مصالح الأستراليين التجارية، إذ أن الصيني لا يشتري بضائعه إلا من تاجز من أبناء جنسه، كونه لا يتقن الإنكليزية، ويظل متمسكاً بلغته وعاداته إلى أن يستدعيه خالقه.
العالم يتخبط بأزماته المتلاحقة، ونحنا في أستراليا نتخبط بالبودرة والشوكالا واللونين الأسود والأصفر، ونسأل الله تعالى أن يبعد عن مخلوقاته الشرور الإرهابية والشوكالاتية والأكاديمية، حتى تتعايش وتتآخى.. وتأكل شوكالا غير مسممة.

[email protected]