أود أن أشكر موقع إيلاف على إتاحته الفرصة لي لأكتب ما يجول بخاطري عن الوضع المتردي للأمة العربية التي يبدو أنها تحث الخطى في الاتجاه المضاد لثقافة الغرب الكافر وتلهي نفسها بما تسميه "الصحوة" الإسلامية من الناحية العقائدية، و مفهوم "البعث" في الجانب السياسي. وقد يصدق كلاهما أنهما يوهماننا بمفهوم محاولة بعث الأمجاد الغابرة التي عفا عليها الدهر وسفت عليها رمال الصحراء، ولكننا نعلم أنه لا يحيي الأموات غير الله، وما الله بفاعل ذلك قبل يوم القيامة. ومنذ سقوط الخلافة العثمانية وحتى يوم القيامة ظل العرب وسوف يظلون متمسكين بأوهام الموروث. ومن هذه الأوهام وهم عفة المرأة العربية والحفاظ على عورتها. وبما أني كتبت مقالي الأخير بهذا الشأن تعقيباً على مقال السيد شربل بعيني، رأيت أن أعلق على تعقيبات القراء الكرام على مقالي. ولا شك أن تعقيبات القراء مهمة للغاية بالنسبة للكاتب لأنها تعكس إليه وقع ما كتب على نفوس وعقول قرائه. وبهذه المناسبة أود أن أقدم شكري للقراء الذين يعقبون على ما يُنشر في إيلاف، ولموقع إيلاف على إتاحة الفرصة لهم.
وأول ما أبدأ به التعقيب هو الرد المهذب الذي عقّب به السيد شربل بعيني على مقالي: "عزيزي الدكتور كامل ردّك رائع ومنطقي وأكاديمي، ولكنه يلتقي كثيراً مع طرحي، ما عدا إظهار عورة المرأة، التي أعتبرها واحدة كعورة الرجل، عكس ما يقول البعض بأن للمرأة عورات كثيرة كالشعر والزنود والرقبة وما شابه، ولكي نقنع أعداء حرية المرأة في الشرق، بأن من حقها أن تقود سيارتها، وتنقذ حياة زوجها، كما فعلت إحداهن مؤخراً، وجب علينا أن نصعد السلم درجة درجة، لا أن نرمي أنفسنا في المتاهات البعيدة، هذا برأيي، كما علينا أن نقنع هؤلاء بأن المرأة العربية لن تفرط بحريتها، ولن تقوم بأعمال منافية للحشمة، فلماذا لا تعطى حريتها؟ وما الذي يخيفهم فيها ومنها. لقد خفت أن يتخذوا من تصرف الفنانة التشكيلية سبباً إضافياً لحجب المرأة ومنعها من قيادة السيارة وما شابه، فوقفت ضده، مع احترامي الكامل لتلك الفنانة، فإذا كنت قد وفقت، أشكر الله، وإذا لم أوفق، سأحاول مرة ثانية شرط أن يتعرى رجل عربي هذه المرة ويظهر عورته نكاية بالحروب. لقد أتعبتك بالرد علي، فحاول أن لا تتعب من ردود القراء، فأنا وأنت أصبحنا في خندق واحد، وهذا قدرنا يا أخي كامل: نكتب، نُمدح، ونُشتم وبعدها نعود للكتابة. أشكرك مرة أخرى لاهتمامك الرائع والمقنع بمقالاتي. "
وأنا إذ أشكر للسيد بعيني أسلوبه الراقي في الحوار أحب أن أؤكد له أني معه في نفس الخندق، ولكن هذا لا يمنع أن نختلف في بعض الأحيان، كما اختلفنا في عورة المرأة. واختلافي معك أنني مؤمن بأنه ليس للمرأة أي عورة، فهي كلها حُسنٌ و أنوثة وعقلٌ وجُهد وصبرٌ يفوق ما للرجل من صبر. وكل محاولاتنا لتغطية المرأة ما هي إلا ذرٌ للرماد في العيون، فالرجل يرى المرأة بعين عقله ويستطيع أن يجردها من العباءة والفساتين وما تحتها في مخيلته ويرى ما نحاول أن نمنعه أن يرى. وقد سبقنا شاعر عربي إلى هذا عندما قال:
أرى القميص على ليلى فأحسده ** إن القميص على ما ضم محسودُ
فهذغ الشاعر قد جرد ليلى من قميصها في مخيلته ورأى ما تحت القميص ولذلك حسده على ما ضم. والمرأة التي تعرت في واشنطن لم تفعل أكثر مما تفعله الممثلات في الأفلام التي نذهب طوعاً لمشاهدتها ونحن نعرف مسبقاً أن الممثلة سوف تتعرى في الفيلم. ولكن يبدو من مقالك أن الصدمة كانت بالنسبة لك أن المتعرية كانت امرأة عربية. وسواء تعرت المرأة العربية أو تقوقعت داخل عباءة تكتم أنفاسها، فسوف يصر المجتمع العربي الذكوري على منعها من قيادة السيارة ومن الاشتراك في العملية السياسية على أساس أنها ناقصة. وكل ما نستطيع أن نفعله أنا وأنت هو أن نحاول مساعدة النساء المدافعات عن حقوقهن بالكتابة في تأييد مطالبهن.
وقرأت تعقيباً من كاتب أو كاتبة باسم " آميدي " قالت فيه: " المسألة ليست تعري السيدة السورية في مكان عام,فهدَاشيء يخصها وحدها,المسألة هي لمادَا تتعرى إحتجاجا على حرب العراق,هل أنابها الشعب العراقي لتفعل دَلك وتجلب إنتباه الرأي العام,أدَا كان أغلبية العراقيين راضين عن حرب أسقاط الدكتاتور صدام وهدَا ما تجلى بوضوح في المشاركة الواسعة في الانتخابات ". وطبعاً الشعب العراقي لم ينب السيدة المتجردة في واشنطن لتحتج على الحرب بالإنابة عنه، كما أنه لم ينب المليون شخص الذين خرجوا في مظاهرة في لندن قبل بداية الحرب بأسابيع بسيطة، وكل الملايين الذين تظاهروا في أوربا وأمريكا وآسيا وأستراليا ونيوزيلندة. وهؤلاء المتظاهرون لا يحتاجون تصريحاً من الشعب العراقي ليخرجوا في مظاهرات تعبّر عن آرائهم في الحرب، فهم خرجوا في المظاهرات لأن ضمائرهم لا تقبل الحرب كوسيلة لتسوية الخلافات. وهذه السيدة السورية التي تعرت في واشنطن احتجاجاً على الحرب، فعلت ذلك لأنها استفادت من أجواء الحرية التي كانت محرومة منها في بلدها الأم. ولكني واثق أنها سوف تفعل نفس الشئ لتحتج على الحرب في سوريا إذا ما قامت أمريكا بغزو سورية.
ثم استمرت آميدي فقالت: " ولمادَا لم تحتج على الانتهاكات اليومية لحقوق الانسان العربي التي تمارسها غالبية الانظمة العربية وخاصة في وطنها الام سوريا,ولمادَا لم تحتج على العمليات الارهايبة التي يقوم بها الزرقاوي وزمرته والتي تخلف عشرات الضحايا الابرياء يوميا في العراق ,هناك العديد من الازمات التي يعاني العرب منها ". وأنا لا أزعم أني أعبر عن آراء تلك السيدة المتجردة ولا أعرف ما يدور بخلدها، لكني أعرف أن غيرها قد احتج على ضياع حقوق الإنسان في العالم العربي عن طريق المظاهرات والإضراب عن الطعام وغير ذلك، وما زال البعض يكتب عنها، لكننا نعلم أن ذلك لن يغيّر شيئا لأن أمريكا تسند وتتغاضى عن الحكام العرب الذين يكبتون شعوبهم لأن ذلك من مصلحة أمريكا. وربما كانت السيدة السورية قد فهمت هذا ولذلك لم تحتج على حقوق الإنسان في العالم العربي، لكنها احتجت على الحرب في العراق لأن الشعب الأمريكي نفسه قد بدأ التصعيد في الاحتجاج على حرب العراق وهي تعلم أن الحكومة الأمريكية لا تستطيع أن تتجاهل احتجاج الشعب الأمريكي الذي سوف يسقطها في الانتخابات القادمة إن هي فعلت.
ويبدو أن آميدي قد ناقضت نفسها حينما قالت في بداية تعقيبها: " " المسألة ليست تعري السيدة السورية في مكان عام,فهدَاشيء يخصها وحدها. " ثم قالت في نهاية التعقيب: " كان بامكان هدَه السيدة أن تحتج عليها بأية وسيلة,أما أن تجعل من جسدها وسيلة للاحتجاج على تحرير العراق , فيبدو أنها انخدعت بالدعاية الاعلامية والمظاهرات التي قام بها السدَج من الغربيين والتي سيرت معظمها منظمات وأحزاب ووسائل اعلام يسارية لها أجندتها السياسية المغايرة لحكوماتها " وبما أني أعيش في الغرب، وقد شهدت بعض هذه المظاهرات، فإني استطيع أن أؤكد ل " آميدي " أن الغربيين الذين خرجوا في المظاهرات لم يكونوا ساذجين. وما دام تعري المرأة السورية في مكان عام يخصها لوحدها، فليس من حق آميدي محاولة توضيح لماذا تعرت.
والقارئ مسعود البني قال: " يا دكتور.. ما قلته في مقالك هذا قاله شربل بعيني في مقالاته أيضاً، فهو يقول أن ثدي المرأة ليس عورة، وأنت تثبت ذلك بطريقة أكاديمية (وحتى القرآن لم يقل إنها (أي حواء) خصفت الصفق على ثدييها). هو قال أنه ضد إظهار عورة المرأة، وأنت ثبّت كلامه بطريقة أكاديمية أيضاً عندما قلت: ( ونزيده علماً بأن حواء التي سبقت مريم العذراء، عندما أكلت من التفاح وبانت لهما سوأتاهما طفقا يخصفان عليها من ورق الأشجار، وما زالت كل صور آدم وحواء تظهرهما بورقة تين تغطي منطقة العضو التناسلي فقط).. هذا كلامك يا دكتور، فإذا كانت ستنا حواء وسيدنا آدم قد رفضا أن يظهرا عورتيهما لبعضهما البعض، وما من أحد غيرهما، فأين الحرام فيما طالب به شربل بعيني، الذي كان أرحم منك بلفظة عورة من سوأة. لقد أفتيت ما أفتى به شربل، وبدلاً من أن تدحض أقواله ببراهين تبّتها له أكاديمياً، فهل أنت معه أم ضده. هذا ما أريد أن أتثبت منه."
وأظن أن مقالي كان واضحاً في أني لا أرى عيباً فيما فعلت السيدة السورية ولا أرى أن العضو التناسلي للمرأة عورة بعد أن شرحت معنى العورة في اللغة. وأنا والسيد بعيني يجمعنا خندق واحد كما قال هو غير أني ضده في الاحتجاج على تعري السيدة العربية لأني لا أعتقد أن السيدة العربية تختلف من ناحية تكوينية عن المرأة الغربية التي أصبح تعريها لا يثير زوابعاً عاطفية كالتي نراها في العالم العربي . وكون آدم وحواء خصفا أوراق التين على سوأتيهما لا يعني أن الأعضاء التناسلية عورة في ثقافة القرن الحادي والعشرين كما كانت وقت خلق آدم وحواء ( وهي على كلٍ قصة تاريخية أكثر منها حقيقة ). ثم أن الكاتب وصف قولي " سوأتاهما " بالغلظة وقال إن شربل بعيني كان أرحم مني عندما قال " عورة ". وربما غاب عن القارئ أن " سوأتاهما " وردت في القرآن بدل " عورتاهما ".
أما الآنسة أو السيدة سميرة فقد قالت: " على عادتك يادكتور ما أن ترى مقالاً لمع وسطع حتى ترد عليه، وكأنك تقول لنا: انتبهوا أنا هنا، لا شاكر النابلسي ولا شربل بعيني بإمكانهما أن يسديان لكم النصح كما أسديه أنا. نحن نحب كتاباتك يا دكتور، ولكن لغيرك الحق بإبداء رأيه دون أن تطل برأسك وتصرخ: أنا كامل النجار ". وأظن الآنسة سميرة قد أخطأت فهم ما يدفع كتاب إيلاف إلى الكتابة. فالشخص الذي يكتب في إيلاف لا يهدف إلى إسداء النصح للقراء، وفيهم من هو أكبر منه سناً وأكثر منه علماً وتجربةً، وإنما يكتب لإبداء رأيه في موضوع معين ويأمل أن يثير هذا الموضوع الرغبة في القراء للتفاعل مع الكاتب وتصحيحه إن أخطأ أو إضافة بعض ما قد فات عليه أو الاعتراض على كل أو بعض ما أتى به. وعندما يرد شخصٌ ما على مقال فهذا يعني أن المقال قد ترك أثراً في نفس الشخص دفعه للتعقيب على المقال، وهذا مما يجعل الموضوع أكثر فائدة للقراء. فإبداء الرأي دون معارضته بالرأي الآخر ضرب من ضياع الوقت. ومنذ أن بدأت الكتابة في موقع إيلاف لم أعقب إلا على ثلاث مقالات فقط: أولها كان مقالاً للدكتور صالح بن سبعان، ثم د. النابلسي وهذا المقال الأخير للسيد بعيني، ولا أظن هذا سبباً كافياً للآنسة سميرة لتقول إنها عادتي أن أعقب على كل مقال لمع وسطع. وهي بذلك تظلم بقية المقالات والكتاب الذين لم أعلق عليهم لأن عدم تعليقي عليهم يعني أن مقالاتهم لم تلمع وتسطع، كما تقول سميرة والقارئة كارمن القصيمية قالت: " شربل ذكر من الذكور. السيد الفاضل الدكتور كامل النجار ،، أحيي فيك غيرتك على بني البشر وأؤكد لك أن الكاتب الذي قمت بالرد عليه ذكر من الذكور العربية الذي يعيش مجمل حياته داخل دائرة الحياة الجنسية ومورها فرج المرأة ولأن هذا العضر يخصه فمنح لنفسه حق الأخذ والعطاء "إن وجد الثاني" ومنح نفسه الوصاية والرقابة فكان الله في عونه وعون من هم على شاكلته لأن من راقب الناس مات هماً."
ولا أدري إذا كانت كارمن القصيمية من أهل القصيم أم لا، فإن كانت من القصيم فإني جد سعيد بذلك إذ أني زرت القصيم قبل سنوات ورأيت معاملة الرجال للمرأة القصيمية، وكيف أنهم لم يكونوا يسمحون لها حتى بالتنفس، دع عنك الكتابة في الصحف . وأنا أوافقها بأن مقال السيد شربل بعيني يعطي القارئ انطباعاً، ربما يكون خاطئاً، بأن السيد بعيني ما هو إلا ذكر عربي تدور حياته حول عضو المرأة الجنسي. ولا أظن أن أحداً يغالط في أن المجتمعات الذكورية الإسلامية والعربية هوسها الرئيسي هو المرأة وأعضاؤها التناسلية و حيضها وطهارتها.
والقارئة مريم قالت: " أعجبني كثيراً رد شربل بعيني على الدكتور كامل النجار، فلقد أثبت هذا الكاتب الأسترالي اللبناني أنه يؤمن بالحوار، لا بل يقدسه، دون أن يلتفت إلى مديح أو نقد، المهم أنه كتب، ومن حق غيره أن يكتب أيضاً. رد شربل الناضج المتواضع يجب أن يعطينا درساً في كيفية صياغة الردود، دون تهور أو تزمت أو انفعال ". وأنا لا يسعني إلا أن أوافقها وأن أشد على يد السيد شربل بعيني من على البعد. ولو كانت أستراليا أقرب إليّ مما هي عليه الآن لشددت على يده فعلياً. وفي كل نقاش لا بد من اختلاف الآراء ولكن المهم هو إبداء الرأي دون تشنج أو دون أن نتهم الآخر بالجهل والسذاجة.
والقارئ محمد سليس من كندا قال: " أنا أحد المعجبين ببعض ما لديك و بما تكتب يا د. كامل النجار. و لذلك أتمنى أن لا تكون قد تعمدت الإساءة للسيد شربل بعيني عندما أسميته بشربل بكيني بدلاً من بعيني في مقالك. (وما دام السيد بكيني يعرف أن أمتنا العربية متخلفة وتتحجج بتخلفها للحفاظ على أخلاق أجيالها القادمة، لماذا يساعد الأمة العربية للتمسك بتخلفها بادعائه أن أغلى ما نملك هو عورة المرأة العربية.) فأنا لدي اعتقاد من أنها مسألة خطأ لا أكثر و أتمنى أن تكون كذالك. فما عهدت منك سوى الفكر الجيد و الأخلاق الحسنة. هذا و أدعوا جميع الكتاب و المعلقين للتحلي بالأخلاق الرائعة كما عهدناهم دائماً و أتمنى دوام التوفيق لهم و ذلك للرقي للمستوى الثقافي المنشود و إضفاء روح الحوار النير و المفيد للجميع."
وأنا أؤكد للسيد سليس وللأخ شربل بعيني أنها فعلاً خطأ كتابي لم أنتبه له إلا بعد أن ذكره السيد سليس رغم أني قد قرأت المقال مرتين قبل أن أرسله للنشر. وأتمني أن يقبلا اعتذاري، فليس من طبعي الإساءة للغير، ولم استعمل لغةً نابية في كتاباتي إلا مرة واحدة في موقع " كتابات " عندما تحاورت مع زميل كال لي الذم والاتهام بالجهل والتسطح، وقد ندمت على اللغة النابية التي دُفعت إليها دفعاً.
أما القارئة ناهد زيد العمر فلم تلتزم أدب الحوار إذ قالت: " متى ستظهر عورتك يادكتور
قرأت رد السيد بعيني على مقالك، واستوقفني قوله أنه سيوفق بالكتابة أكثر أن احتج رجل على الحروب وأظهر عورته. الكرة في ملعبك يا دكتور. متى ستظهر عورتك طالما أنك تشجع ذلك، وتحاول أن تضيء شمعة في ليل احتجاجنا بعورة امرأة من بلادي. خاف ألله يا دكتور.. خاف ألله. لقد أصبت بالخرف حقاً "
لا بد أن تكون الآنسة أو السيدة ناهد من الشواذ، فقد تعودنا أن نسمع ونقرأ كلاماً في غاية التهذيب من الجنس اللطيف، خاصةً في العالم العربي. وما كل من كتب عن فكرةٍ مؤيداً يقوم بالضرورة بإنجاز ما كتب عنه. فسواء تعريت أنا أو لم أتعر فإن ذلك لن يؤثر في موضوع النقاش، ألا هو عورة المرأة. ولو تعريت فجسمي لا يختلف عن أجسام الرجال العديدين الذين رأيتهم عراة أما في غرفة العمليات أو على بلاجات جزيرة " ميكنوس " باليونان حيث يتمشى الناس عراة كما ولدتهم أماتهم. والجزيرة مفتوحة لكل من أراد زيارتها.
القارئ بدر قال: " لمن نحتكم في إرساء قواعد الآداب العامة التي نفترض ألا تتجاوزها حرية المرأة الشرقية؟الجواب نحتكم كما يفعل كل العالم الى راي الاغلبية والاغلبية وكما اظهرت كل الانتخابات النزيهة التي اجريت اختارت الاسلام ولاعلاقة لنا بما تختاره استراليا او هولندا فهذا شانهم وحدهم وهم احرار فيه ام انه قد كتبت علينا التبعية والامعية. "
وربما يكون السيد بدر من الذين يعيشون على التمني، وإلا كيف نفسر قوله " والاغلبية وكما اظهرت كل الانتخابات النزيهة التي اجريت اختارت الاسلام " فأين أجريت كل هذه الانتخابات النزيهة في العالم العربي واختارت الإسلام ؟ فإذا فعلاً كانت الانتخابات نزيهة واختار الشعب أن يُحكم بالإسلام، فذاك شأنهم، وكما تكونوا يولى عليكم. ولكن الأهم هو أن هذه السيدة التي تعرت فعلت ذلك في أمريكا، والقارئ قال: " ولاعلاقة لنا بما تختاره استراليا او هولندا فهذا شانهم وحدهم وهم احرار فيه ". فقد اختار الشعب الأمريكي الحرية والسماح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم بأي طريقة رؤوا، ومن يخالف القانون تتعامل معه الشرطة بالقانون، والسيدة المذكورة، وإن كانت من أصل عربي، فهي أمريكية تعيش في أمريكا وتصنع ما يحلو لها.
وقارئ يرمز إلى نفسه ب " إيلافي " قال: " في الوقت الذي يسافر الغرب الكافر الي القمر ما زال عالمنا العربي والاسلامي يتكلم عن عوره المرأه وهل من حقها ان تقود سياره في السعوديه قمه التخلف او لا بالمناسبه الملابس مصنوعه في الغرب الكافر والسيارات مصنوعه اما في اليابان الكافره او الغرب الكافر دعونا من الاختراعات لان هناك مواضيع اهم منها وهو عوره المرأه لان عوره المرأه هي سر تقدمنا الدائم الي الخلف حقا نحن امه ضحكت من جهلها الامم " وكما قلت في مقالي السابق إذا كان أغلى ما نملك هو عورة المرأة فمن حقنا أن نعرضها عندما يعرض العالم المتقدم أغلى ما يملك من علم وتكنولوجيا.
والقارئة ريما من السعودية قالت: " أحترم كامل ولكني مع شربل. أنا مع الأخت مريم بان السيد شربل بعيني كان في قمة التواضع والأدب في رده على الدكتور كامل النجار بالرغم من أن الأخير استخدم لغة التهكم في مقاله. السيد بعيني أراد أن يقول بأن الغاية لا تبرر الوسيلة هذا إذا كانت غاية الفنانة التشكيلية بالفعل تحرير فلسطين والعراق وليست الشهرة. كما أن التحرر لا يعني خلع الملابس. بإمكاننا أن نكون متحررين متطورين نعبر عن أرائنا ولكن بملابسنا. وأظن يا دكتور كامل بأن هناك آداب عامة يعرفها ويتفق عليها الجميع. مثلا لا تستطيع أنت أو زوجتك الذهاب إلى العمل أو حتى إلى المطعم عاريا أو بالملابس الداخلية فقط. ألا يعتبر ذلك من الآداب العامة حتى في أمريكا وأوروبا وأستراليا؟؟ ثم هناك معلومة سيدي الفاضل أتمنى أن تأخذها بعين الاعتبار, وهي أن الإسلام لا يقف أبدا في وجه التحرر والتطور بل يواكبهما. وبإمكان الرجل والمرأة أن يكونا متحررين حتى وإن كانا مسلمين. أخيرا.. بالرغم من اني لا أتفق معك يادكتور كامل في كثير من الأمور إلا اني أحترمك."
وأشكر ريما على احترامها لي، وأنا بدوري أحترم القراء ومن الواجب أن يكون الاحترام متبادلاً رغم الخلاف في الآراء. فأنا أختلف مع ريما في أن الغاية لا تبرر الوسيلة. هذا المنظور الأخلاقي منظور جميل من الناحية النظرية الأخلاقية، لكنه لا يُتّبع في السياسة، فكما قال " ميكافلي : " الغاية تبر الوسيلة." وهذا ما يحدث في كل البلاد وفي كل المذاهب. حتى الإسلام قد مارس هذه المقولة وجعل انتشار الإسلام هو الهدف وبرر الوسائل المختلفة من الغزوات ودفع الجزية وقوانين أهل الذمة وحصار غير المسلمين وسبيهم لإرغامهم على اعتناق الإسلام. فإذاً الغاية بررت الوسيلة هنا. وفي كل البلاد العربية والإسلامية يبرر الحكام الوسائل القمعية من أجل الغاية: بقاؤهم في الحكم. وبما أن السيدة السورية الأمريكية كانت تتعامل مع موضوع سياسي، ألا هو حرب العراق، كان من حقها، كما يفعل السياسيون، تبرير الوسيلة بهدف الوصول إلى غايتها. وأنا أختلف مع الآنسة ريما في أن الإسلام لا يقف في وجه التحرر. فالإسلام لم يحرر النساء ولم يحرر العبيد ولم يحرر الأفكار إذ سلط سيف الردة على كل من يخالفه. ومن حق الآنسة ريما أن تختلف معي في الرأي، واختلاف الرأي لا يجب أن يفسد الود، كما قال الشاعر العربي:
ما ضر إن أنا شيعيٌ وليلاي علوية * * فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
القارئ عبد الله البسام كتب تعقيبه رداً على كارمن، فقال: " لا أجد مبرراً للهجوم على الرجال عموماً، فكثير من النساء يهتممن بما تذكرين. و لا تكفي تجربتك الشخصية في التعامل مع الرجال في التعميم بأنهم جميعا شاكلة واحدة. الثابت إسلامياًأن معظم جسد المرأة عورة، كما أن عورتها بين النساء ما بين السرة و الركبة. أما آراء شربل و د. كامل فهي لمجتمع غير مجتمعنا. أما ما تفعله بعض المسلمات من التحلل من فروض الدين خارج الوطن، فهو تحلل و انهزام نفسي و نفاق. ألست معي أم أنت من ليبراليات باريس نجد؟ "
وأريد هنا أن أزيد على تعقيب السيد عبد الله البسام بأن أقول إن الفقهاء في الإسلام لا يسمحون للمرأة بكشف جسمها أمام امرأة أخرى حتى وإن كانت مسلمة، يقول ابن الجوزي: " لا يحل لها أن ترى عورة امرأة، وأن لا ترى امرأة عورتها " ( أحكام النساء لابن الجوزي، ص 126). ويقول كذلك: " فلتعلم المرأة أنها إذا بلغت سبع سنين لم يجز لأمها ولا لأختها ولا لابنتها أن تنظر إلى عورتها " ( ص 127).
وكتب عبد الله البسام تعقيباً آخراً على كارمن فقال: " رداً على التحامل النسائي على الرجال.طبعاً لا أنكر وجود هضم كبير للحقوق الأساسية للمرأة في منطقتكم نتيجة للعادات و ليس للإسلام. و بالتالي أضع موقفك في زاوية رد الفعل. فالإسلام لم يأمر بالسواد من الرأس لأخمص القدمين و لم يمنع قيادة الدابة على المرأة و لم يضع القيود الاجتماعية الأخرى التي تعرفينها و التي تدفع بالمرأة للاكتئاب و الانزواء و الشعور بالإحباط و الدونية. نحن في حاجة إلى مزيد من التمكين للمرأة لكي تقوم بدورها في البيت أولاً ثم في المجتمع ثانياً. تحيايي " فهو هنا يؤكد ما ذهبنا إليه من أن المرأة المسلمة مسلوبة الحقوق والإرادة، لكنه يعزي ذلك للعادات وليس للإسلام، وقد نسى أن الإسلام جبّ كل العادات التي سبقت ظهوره.
أما القارئ محمد فقد كتب بالإنكليزية ما معناه : يجب أن أبدا التعري بنساء عائلتي وبناتي حتى يرى النتيجة. وردي على السيد محمد أن أولادي وبناتي أشخاص لهم إراداتهم الخاصة بهم يتصرفون بما يروونه مناسباً لهم ولا يستشيروني فيما يفعلون، ولهم مطلق الحرية بعد أن ربيتهم بما أراه التربية الصحيحة. وأنا لا أتحكم فيهم ولا أستطيع أن أطلب من أحدهم أن يتعرى أو لا يتعرى. فأنا لم أعد ولي أمرهم، فكلٌ ولي أمر نفسه. ولكن لو اختاروا أن يتعروا فلن اعترض على ذلك.
و" مدمن إيلاف " كتب تعقباً حيرني بعض الشئ ولم أفهم القصد منه، فقال: " الحساسية المزمنة القبطية هي مرض يصيب بعض اخوتنا المسلمين المصريين او ما نسميهم اخوة الوطن - فرضا- او رفاق السلاح منذ عام 1919 مرورا بحرب السويس وا ليمن و67 وحرب 73 وايضا حرب الخليج هي حساسية لكل ما هو قبطي - اي قبطي يكتب كلمة تخرج علية افواة كلها حامض تبث السم والرفض والكراهية السوداء بلا سبب ولو كتب ما كتبة يهودي لقبلوة عن طيب خاطر لكن هي الوحدة الوطنية علي الطريقة المصرية الاخوانية ومن المعروف ان الاخوان يسيطرون علي الشارع المصري والغريب يطالبون الاقباط بالاطمئنان لهم لانهم -قال اية - معتدلون وما هو حال المتطرفون اذن --مرض اسمة الحساسية من القبطية - وربنا الشافي العافي ." ولذلك لا استطيع التعقيب عليه.
وهناك قارئ من إيلاف أخطأ فهم الموضوع فقال: " هل أصبح العري آخر مشاكلنا. لم يكن ينقصنا في هذا الوقت سوى أن نضيف قضية التعري الى قضايانا الساخنة ونحاول أن نحشرها فيها، لكن يحق للكاتب ما لا يحق لغيره فهو في نهاية المطاف يبحث عن مادة أو موضوع ليقول انا هنا وشعاره "انا اكتب اذاً انا موجود"، لكن أن يحلل على هواه -والحكي ببلاش - ويفرض رأيه على الناس فهذا ليس من حقه، حيث تنتهي حرية الفرد عند حرية الاخرين اذ ان منظر الدكتور وهو عار من ورقة التوت سيسىء للمنظر العام، كما ان السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ان الحضارة والتقدم ودرجات الدكتوراه تقاس بمدى درجة التعري أو التستر والانغلاق؟ أم انها فكر وعلم ورقي وحسن تعامل ومكارم الاخلاق وذوق وأدب وما الى هنالك من حسن الخصال، فدعوا مشكلة الثياب للمصممين واشتغلوا بما يصلح العقول لتخففوا عنكم كيل الشتائم والسباب من كلا الطرفين. ملاحظات: - اورد لنا الدكتور العديد من الامثلة عن حالات العري لكنه في نفس الوقت اثبت انها حالات خاصة وليست حالة عامة فحتى في اشد المجتمعات المتحررة يقتصر العري على اماكن محددة ويعاقب من يخالف هذه التعليمات - اذا كان الدكتور من انصار التعري ويظن بانها ستحل كافة مشاكلنا وتخلصنا من آفات مجتمعاتنا فليكن القدوة والمثل الاعلى وليعرض علينا سوأته وسوأة من يحب لعل البعض يقوم بالواجب وينفس كبته ويحل عقدته الجنسية..."
فيا حبذا لو التزم القارئ أدب الحوار وهو كان قد قال لنا إن الحضارة والتقدم لا تقاس بالدرجات وإنما بالأخلاق والذوق والأدب، فنرجو أن يلتزم بما يقول. وليس هناك من قال إن العرى آخر مشاكلنا، فنحن لم نحل مشكلة واحدة من مشاكلنا المتراكمة، فكيف يكون العرى آخرها ؟ ولكن هذا لا يمنع أن نناقشه كواحدة من مشاكلنا. وأنا لم أحاول فرض رأيي على أحد إنما قدمت للقارئ ما أعتقد به وللقارئ مطلق الحرية في قبوله أو رفضه. وكتاب إيلاف لا يكتبون ليثبتوا أنهم موجودون، إنما يكتبون، كما أعتقد، إسهاماً منهم في محاولة تشخيص داء التخلف والرجعية الذي نعاني منه. ونصحنا قارئ إيلاف أن نشغل أنفسنا بما يصلح العقول، لكنه لم يذكر لنا ما هو ؟ أتراه قصد " علماً نافعاً " على الطريقة الفقهية التي تصف كل علم يخرج عن دراسة الشريعة والقرآن بأنه " العلم غير النافع " الذي يجب أن نستعيذ بالله منه ؟ أما طلبه أن يرى سوأتي وسوأة من أحب فمن باب الصفاقة.
وهناك مجموعة من القراء الأعزاء، منهم مسلم في بلاد الله الضيقة، وخالد، وعاشق بكتابات النجار، كلهم شكروني على كتاباتي ولا أملك إلا أن أرد لهم الشكر والامتنان. والجدير بالملاحظة في هذه الردود أن جزءاً كبيراً منها أتى من النساء، وهذه ظاهرة حميدة تبشر بتحسنٍ في صحة المريض العربي.