قالت الأخبار أن عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية طلب من الحكومة العراقية تفسيراً عاجلاً حول ما جاء في مسودة الدستور العراقي الجديد من أن "الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية". وأعتبر إن مسودة الدستور تطعن في عروبة العراق!..
واليوم قد أوتي السيد موسى سؤله بالأغلبية البرلمانية العراقية المُنتخبة، حيث وافقت على رفع مسودة الدستور للاستفتاء عن رأي صريح للشعب، كما لم يحدث على الخارطة العربية من قبل. وها قد حصحص الحق للمفتكر، ساعة لا يجد من الإنصاف إن يقال بدلاً من الفقرة الواردة الذكر؛ أن الكرد في العراق جزء من الأمة العربية!، أو إن التركمان والآشوريين في العراق جزء من الأمة العربية!.. ناهيك عن إجحاف وخطأ تاريخي كبير يرد في تلكم الفقرة حيث يتوهم النص وجود "أمة عربية" ليس لها من وجود فعلي، ولا خرائط صميمية في التسمية، سوى ما ألحّ عليه بعض القوميين العرب في ربط مصير مجموعة من الأوطان بمشتركات فشلت طيلة عقود في تكوين دولتهم الموعودة. وحتى نكون أكثر هدوءاً في نقاش هذا التفصيل لنتذكّر؛ أن كلّ الحكومات التي مرّت وعلى اختلاف مشاربها وانتماءاتها الأيديولوجية لم تغير تسمية العراق عن "المملكة العراقية" أو الجمهورية العراقية"، بمعنى إنها لم تضف للتسمية كلمة العربية، كما يرد في اسم جمهورية مصر العربية، أو الجمهورية العربية السورية، والى آخرة من التسميات... فلم نجد من يقول ذات يوم الجمهورية العربية العراقية، وليس في هذا من سرّ خفي فالعراق كان ولا يزال مختلفاً في تركيبته السكانية عن أي بلد عربي آخر، وإن كان متشابهاً مع بعض البلدان بما عُوملت به الأقليات من إجحاف وتجاوز، باسم العروبة وأهدافها في "الوحدة والأمة الخالدة"وشعارات أحرقت البلاد وأنهكت العباد طيلة عقود، لم تستوعب خلالها الآخر الشريك في الأرض، ولم تقف الأحزاب والتجمعات المواظبة على هذا النشيد وقفة محاسبة وضمير لتنصف الذات العربية قبل غيرها من غلواء الانتماء الفارغة شعاراته، أو لتضع في معلوم الاعتراف ما أحدثته تلك الأحزاب القومية من هدم في سياقات وضع العرب كأمة، بل لازلنا نرى من يريد قراراً قومياً(عربياً) خارجياً للعراق في زمن الديمقراطية المرجوّة لبلد وضع في دستوره الجديد فقرة تقول إن "الشعب مصدر القانون والسلطات"، ووفق مصلحة "مصدر السلطات" هذا على أرضه أجد من الواجب إن يكون هناك اقتراع واستفتاء يخص علاقة العراق بالعرب، أبعد من أن يوضع على عجالة في المادة السابعة من قانون إدارة الدولة العراقية الصادر في آذار 2004 نصا يقول؛ "العراق جزء لا يتجزأ من الأمة العربية"، والتي لاقت اعتراضات واسعة رأت لجنة صياغة الدستور حلاً لها بما وضعته من نص؛ "الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية"حيث اعترض عليه السيد عمرو موسى بالكثير من عدم الارتياح والقلق لأن العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية. متسائلاً: هل يطعن هذا النص في الانتماء العراقي"الشامل" لهذه المنطقة والعالم العربي؟. سؤال لا يمكن أن يجيب عليه نص دستوري يشاء له السيد الأمين العام للجامعة العربية مشيئة قومية ملحّة الانتماء، حتى أُجـِيبَ السؤال بصيغة ديموقراطية هذا اليوم، والأحرى بالسيد عمرو موسى الإشادة بها كمثال عربي غير مسبوق قالت فيه الأغلبية كلمتها، وأظن إن هذا الاعتراض، ومن أيّده، سيواجه جوابا مريراً في الاستفتاء، يفصح عن هم، وتجربة، ومعاناة، كنا في العراق ضحايا الوهم العربي فيها، ولم نحصد من ثمار شعاراتها غير ما نحن فيه من هول وفجائع، تدفعنا إلى القلق الحقيقي على الإنسان العراقي أكثر من قلق العرب على الانتماء.
هذا القلق سبق مجلس الأمن فيه الجامعة العربية لاتخاذ قرارات جادة في مساندة العراق ضد الإرهاب، في الوقت الذي بقيت الجامعة العربية خلاله على موقفها المتردد، وما فتئت تعلن بعد تفجيرات شرم الشيخ الأخيرة عن نيتها في عقد القمة العربية في هذا المكان إمعاناً بالموقف المضاد من الإرهاب على مصر.. علماً إن جولة الإرهاب على مصر كانت يوماً أو أياماً معدودات لا تقف بميزان للمقارنة مع الاستباحة العراقية.
فأين هذا القلق من ذاك، وأين هذا من سؤال السيد عمرو موسى؟.

اليوم قدمت مسودة الدستور إلى الاستفتاء، ورغم ما لدى كل عراقي من اعتراضات عليها، فستبقى تلك الاعتراضات ضمن العملية الديموقراطية. غير إن أسئلة تحاول إن تعيد العجلة إلى الخلف لن يكون لها زمن للإجابة..
ولعلّـّك قد أوتيت سؤلك يا موسى؟..
ولعلّ من اعترض معك ممن أيّدك في جمعيتنا الوطنية قد أوتي سؤلاً أخر حيث اعترض بشكل عنصري سافر على تجنيس المرأة الأجنبية المتزوجة من عراقي، أو الأجنبي المتزوج من عراقية.. فلأن كان هذا من العروبة في شيء، فهل هو من الديموقراطية وحقوق الإنسان بشيء؟.
ولعلّك قد أوتيت سؤلاً قديماً يوم انتخبت الجمعية الوطنية العراقية بالأغلبية الساحقة رئيس الجمهورية العراقية الكردي ب228 صوتاً بينهم77صوتاً كردياً فقط..
وسيريكم العراق من آياته عجبا.. يوم نعيد له سيرته الأولى.