سيدي الجليل...
بداية... ويقيني أنك تعلم لماذا أبدأ بهذه البداية، أقول وبكل شرف وتواضع، إن كاتب هذه السطور لا يبغي من وراء ما يكتبه لك حظوة لديك، ولا منزلة في مكتبك، ولا قائدا في جيشك... فالحمد لله تعالى هناك من أواني، وتكفل بمعيشتي، وحمايتي، تلك هي دولة (الكفار!)، ولا أطلب ما يزيد على كسرة خبز، ومؤونة شهر بشهر، وشربة ماء قد تغرفها يداي المتعبتان من ساقية تعافها نفوس تعيش في مجاهل افريقيا ممَّن حكم عليهم القدر بالموت البطي. ولست ذلك الذي يدبج لك المديح فيما كان ينهال سبا وشتما على أعز إنسان عليك، وأعز إنسان على كل من عرفه حق المعرفة، فقد كان كاتب هذه السطور يقول عنه (أنه أطهر من ماء المزن)، فلتطمئن، لست ممن يشرِّح المرجعية سرا تشريح الأموات، ولكنه يخرج على شاشة التلفاز ليعلن أنه مرجعي أكثر من المرجع نفسه ــ وما أكثرهم اليوم وسيفضح بعضهم بعضا لأن قرائن الشيطان يتربص بعضهم ببعض ــ ولذا أتحدث معك صراحة وشاهدي على ما أقول رب العزة الذي تعالى عمّأ يصفون...

سيدي الجليل...
طالما تقول وتصرح أن هدفك هو (المحتل) و من حقك أن تختار هدفك في عملك السياسي والديني، فليس لأحد وصاية على أحد، وقد وضّحت الأمر أكثر لما قلت (إن هدفي إخراج المحتل)، فأتضحت الصورة، وشخُصَ الهدف، واستنار الفكر. وهو لهدف عظيم ياسيدي، هدف مبارك، لا أعتقد أن شعب العراق، خاصة ممِّن عانى من جور صدام، وحارب الأنكليز، وكان المؤسس الحقيقي للدولة العراقية بعيد عن هذا الهدف النبيل، فأي شريف يرضى بان تكون أرضه محتلّة؟
ونسمع بين فينة و أخرى من بعض رموز جيشك ومحبيك أن الدم هو الطريق الوحيد لإخراج هذه المحتل البغيض، فهل أنت حقا مستعد لمواجهة دموية بينك وبين هذه القوات الغاشمة التي لم ولا تعرف غير النار والحديد؟
هل هي حرب محسوبة بدقة في دفاتر معلوماتك سيدي الكريم؟
أم أنك تعيد تجربة السيد الجليل حسن نصر الله؟
هل تتحمل أنهار الدماء في شوارع مدينة الصدر والشعلة وغيرها؟
هل أنت قادر على مواصلة القتال لشهر أو شهرين مثلا؟
ما هو مصير آلاف النساء والأطفال والشيوخ يلوذون بحائط مائل فما يغنيهم عن رصاصة قناص، أو بحفرة مظلمة فلا تحميهم من شظية قنبلة لعينة؟
كيف ستتعامل مع آلاف اليتامى وألاف الأرامل؟
أعتقد أنها مغامرة سيدي الكريم، ولا أعتقد أنك لم تحسبها جيدا، وسوف تعيد حسابتك لو أنك تراجعت قليلا لتنظر من جديد في دفاتر معلوماتك.
سوف تضاعف من مشاكلهم، وتزيد من أمراضهم، وتشمِّتْ الاعداء بدمائهم، وتشل فيهم الحياة، وتشتت مجامعهم، وتعمق جروحهم!
أليس كذلك يا سيدي؟
أقرأ الجواب واضحا في عينيك الكريمتين ولكنَّك حائر ماذا تفعل!
الجواب عندي يا سيدي الكريم، هوأن تضع يدك بيد حكومة المالكي، وحكومة المالكي هي التي سوف تطلب من المحتل أن يرحل عندما يقوى عودها، وتشدد شكيمتها، وتتكامل مؤسساتها...
سمعت من احد الصدريين يقول:أن المالكي يريد تصفيتنا لانه قال مرة (إنه يتعين... إلتزام الحذر لدى مقاتلة بعض المليشيات والأرهابيين لأنهم أفضل منّا تسليحا)، فقد أستفز ذلك حفيظة بعض الصدريين، لأن مؤدَّى التصريح كما فهم هذا البعض،ان حوار السيد المالكي معكم سببه النقص في السلاح، وليس لإيمان بالحوار، ولكن سيدي الكريم الرجل قال (بعض المليشيات) ولم يقل كل المليشيات، ولأنك تعلم ان السيد المالكي رجل حوار قبل أن يكون رجل سلاح، بدليل دعوته أو تبنيه مشروع مؤتمر المصالحة الوطنية، وربما كان السيد المالكي في حال صعبة فلم يزن كلماته جيدا، وما أكثر ما تنزلق الكلمات المرتبكة على لسان سياسيين كبار بسبب ظروف صعبة وملابسات معقدة؟ وأنا أعتقد جازما أن مستشاري المالكي بما يملكون من حنكة وقدرات إعلامية راقية، يتابعو ن تصريحات السيد رئيس الوزراء، ويقدمون له قراءات تحليلية دقيقة لتصريحاته وأثرها في الأوساط السياسية العالمية والمحلية.

سيدي مقتدى الصدر!
تعرف جيدا أن السيد المالكي رجل وطني، عراقي، مؤمن، ناضل سنوات طوال ضد الظلم والطغيان، وأنه أصلا ضد المشروع الأمريكي بشكل عام، وإنه سوف يطالببرحيل المحتل فيما حانت فرصة الكلمة القوية، فأين دعمك له؟ تلك مسؤولية كبيرة في عنقك، وبكل صراحة أنك بمواقفك تزيد من متاعب الرجل، وربما تضع السيد المالكي أمام إمتحان صعب بين يدي المحتل وهو يطرح مشروع خروج قواته عندما تستعيد الدولة العراقية مكنتها العسكرية والأمنية والاقتصادية...

والى اللقاء في رسالة ثانية