ان كانت الدول العربية والصين تحتل مركز متقدما بين الدول الأكثر حجب للمواقع!، فأن السعودية - باعتبار سوقها المعلوماتي الكبير وعدد مستخدمي الانترنت الذي يتجاوز الخمسة ملايين مستخدم، إضافة إلى نشاط المتصفحين السعوديين على الشبكة العالمية وتصاعد المواقع التي تعنى بشكل مباشر وغير مباشر بالشأن السعودي، -تصبح من أكثر الدول إثارة لموضوع الحجب، في ظل الرقابة الدينية والاجتماعية والسياسية الصارمة، التي تشكل مثلث الحجب الصعب لحرية التعاطي مع محتوى الانترنت.
قصة الحجب في السعودية بدأت قبل بداية الانترنت رسميا، وفي ظل جدل سبق العام99 ،حول إدخال الخدمة إلى البلاد، وهو جدل استمر الى نحو ثلاث سنوات او تزيد.
وحين اقر مجلس الوزراء السعودي إدخال خدمة الإنترنت إلي البلاد، تضمن القرار نصا يقضي بحجب المواقع التي تنافي الدين والأخلاق الإسلامية والمصالح الوطنية.
حيث شكلت لجنة أمنية دائمة للإنترنت برئاسة وزارة الداخلية، وعضوية جهات حكومية، تعمل للتنسيق فيما يخص المواقع المراد حجبها ،فيما يتولى الجانب الفني للحجب مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، من خلال وحدة الانترنت التي تولت تنظيم تقديم الخدمة والترخيص لمقدميها ، بعد ان خولت بمسؤولية عن خدمة الإنترنت والإشراف عليها في المملكة.
إضافة الى ربط البلاد بشكل مركزي بالشبكة الدولية.
وبالرغم من مرور نحو 7 سنوات على دخول الخدمة للبلاد، إلا أن آلية الحجب في السعودية ما زالت مثار جدل متصاعد محليا ودوليا، حيث تخضع عملية الترشيح للمواقع لمعايير تتنافس في عموميتها واختلاف تفسيرها ، بحيث لا يمكن لموقع محجوب التساؤل او البحث في سبب الحجب، فيما تصاب آلية الحجب أحيانا بعشوائية في تغيب مواقع او حجبها عن الجمهور.
دور مدينة العلوم والتقنية في البلاد يتمثل في تنفيذ الطلبات التي تردها من اللجنة الأمنية-كما نص قرار المجلس-، إلا أن نمو المواقع المراد حجبها، ولاسيما المواقع الإباحية والسياسية والإخبارية، ومواقع التطرف الإسلامي، ومواقع المعارضة، وسرعة انتشارها وتجددها، فقد أصبحت مدينة العلوم والتقنية تتولى الحجب في حالات عدة، دون الرجوع إلى اللجنة... مما منح سلطة أخرى مباشرة للحجب، بمعنى أن البيروقراطية ألغيت حين أصبح الشأن يتعلق بالمنع والرقابة..!!
_ الذراع الضاغطة في حجب الموقع بالسعودية، تتمثل في طلبات حجب المواقع التي تتلقاها وحدة خدمات الإنترنت وهى تتجاوز مئات طلبات الإغلاق يوميا،
جزء كبير منه يرسل من قبل - quot;الحسبة الالكترونيةquot; التي تنشط بشكل ملفت ، إضافة إلى بعض المتشددين اللذين يغرقون المدينة برسائل- الإنكار- والضغط من اجل إغلاق أو حجب هذا الموقع أو ذاك، لمجرد خلافه او اختلافه مع توجهاتهم ومنهجيتهم وآفاقهم، ومن خلال إرسال مئات بل آلاف الرسائل بشكل منظم. تؤدى ndash;غالبا - إلى حجب مواقع دون الرجوع إلى محتواها، او حجبها ومن ثم نسيانها، في ظل الكم الضخم من المواقع المحجوبة ...!
وهو ما يثير مجددا اتهامات كثيرة توجه بشأن عشوائيتها حجب وإغلاق المواقع في وجه المستخدمين في البلاد، إضافة إلى إغلاق الكثير من المواقع ثم فتحها، ثم إعادة إغلاقها...!
مما آثار طرفة تدولها المستهجنين لإلية الحجب البالية quot;حيث يتم تداول إحصائية تظهر عددا من بين أكثر المواقع زيارة في السعودية،هي مواقع محجوبة من قبل المدينة..!)
فالجيل الجديد من السعوديين يبدع في استخدام كافة الأساليب والتقنيات التي تتجاوز الحجب، وquot;تبطحهquot; أرضا، وتسخر من تقليديته....!
مما دعا القائمين على صناعة المعلومات إلى تجديد الدعوة لمراجعة آلية الحجب وسياساته، ورفع سقف حرية الانترنت وحرية المتصفحين المحليين، والسماح بالمواقع التي تعبر بشكل متعدد عن الثقافة والمجتمع.. بكل أطيافه وتنوعه، ودون الرضوخ لطلبات تيار منظم، يمارس الضغط للمزيد من الحجب، والبقاء في اتجاه واحد!.

[email protected]