إلى شرفاء مصر من ساسة وحقوقيين ومثقفين وكل من يهمه الأمر، لقد توقف صاحب هذا القلم عن المشاركة في هموم وطنه بعد أن أعطاه عمره ولم يبق منه قدر ما ذهب، وكان توقفي كما تعلمون بعد إنذار بالقتل من الجماعات الإرهابية بسبب ما كنت أكتب من أجل هذا الوطن، وبعد أن بات يقينا عندي أن لا أحد يشغله الأمر إلا القلة من مفكري مصر الشرفاء الذين أعلنوا موقفهم ومساندتهم وهو كل ما يملكون، حتي الأجهزة الأمنية نفسها وأخص منها بالذكر أمن الدولة، التي حضرت وتفاعلت مع رسائل التهديد، وثبت لديها جديتها وصدقيتها، ووعدت وعدًا مغلظا بالقبض علي الإرهابيين، وكان ذلك منذ حوالي عشرة أشهر، لكن مع الأسف فإن الأمن من يومها ذهب ولم يعد؟!!

لم أندم لحظة علي قراري، فأنا الأدري بظروفي الخاصة، ولأنني قدمت ما عندي وما في ممكناتي، أتفق مع من أتفق، وأختلف معي من اختلف، وهناك غيري كثيرون من مفكري الوطن يقدمون مساهماتهم، فلست الوحيد زمانه، وإن توقفت ففي الوطن من أصحاب القلم كثيرون والحمد لله، منهم أساتذة لي، ومنهم تلامذة لي، يملأون حياتنا أملاً وبهجة.

لكن ما لا يعرفه الناس هو أن توقفي عن الكتابة داخل مصر وخارجها، كان يعني توقف مصدر رزق عيالي الأساسي، ولم يتبق سوي كتبي المنشورة أتعيش علي دخلها، وحتي هذا المصدر توقف بدوره، لكن ليس بسبب الإرهابيين، إنما لأسباب أخري، هاكم حكايتها.

كنت قد تعاقدت مع إحدي دور النشر الخاصة علي طباعة ثلاثية كتب هي علي الترتيب: شكرا بن لادن، أهل الدين والديمقراطية، عفاريت التراث، علي أن يتم التسديد علي ثلاث دفعات، وبالفعل دفع صاحبها بعض الدفعات، لكنه مع توقفي عن الكتابة توقف عن تسديد بقية المستحقات.

الأهم من ذلك والأسوأ هو أنني كنت قد طبعت كل أعمالي السابقة علي حسابي الشخصي، ووضعت فيها كل ما أملك وقمت بتسليمها للمذكور خلال عام ٢٠٠٣ وما بعده، بموجب ثلاثة إيصالات أمانة موقعة منه مبين بها أسماء الكتب وعدد النسخ وسعر كل نسخة، وذلك بصفة أمانة بموجب عقد من عقود الأمانة بصفته وكيلا بأجر محدد بالعقد، وتبلغ قيمة هذه الكتب مبلغا وقدره مائتان وواحد وسبعون ألف جنيه وثلاثمائة وثلاثة وأربعون جنيهًا مصريا، وهو ما لم أتقاض عنه مليماً واحداً حتي الآن.

وغني عن التذكير أن المذكور قد استثمر أزمتي مع الإرهاب وصمتي المجبر المضطر، ليقوم بعمل دعاية لنفسه ولداره، في وقت كانت وسائل الإعلام تطلبه ليتحدث في الموضوع إزاء رفضي أي حديث مع أي وسيلة إعلام، واستخدم اسمي ومصيبتي بأسلوب دعائي، ولم أتمكن من إيقافه أو فعل أي شيء حياله في حينها.

السيد المذكور أضاف لهواني بصمتي هوانا آخر، هو السعي وراءه أطارده في كل مكان بصحتي العليلة للحصول علي أي حقوق من حقوقي، حتي أفصح مؤخرا أنه لن يدفع مليما واحدا laquo;وأعلي ما في خيلك اركبهraquo;، وأنه لا يهمه أي إجراءات قانونية، بل هددني بأنه laquo;راجل مسنودraquo; من أقارب له وأصدقاء بالنيابة وبأمن الدولة، إضافة إلي شخصيات كبيرة ذكرها بالاسم laquo;؟!!raquo; وأنني إذا حاولت اتخاذ أي إجراءات فلن ألوم إلا نفسي، وسأخسر قضيتي حتما، وبناء عليه فقد قمت برفع قضية عليه، والقضايا في بلادنا كما تعلمون أمر شأنه يطول، ومن ثم تذكرت صديقي الكاتب الجليل المرحوم الشيخ خليل عبدالكريم وهو أحد جهابذة القانون، ومع ذلك لم يستطع الحصول علي حقوقه من دار نشر معروفة، وبسببها مات حسيرا كسيرا مكلوما، رحم الله الشيخ خليل وتغمده بواسع رحمته.

ولأنني سادتي ليس عندي خيل لأركب أعلاها، ولا عندي صداقات ولا قرابات بأجهزة السلطة علي أنواعها كبيرة كانت أو صغيرة، وأن القضايا والمحاكمات وإن كانت مرجعنا جميعا إلا أن طول مدة التقاضي يعني البقاء بلا دخل حتي يتم الحسم، فإنني أهيب بكل من له قدرة التأثير للحصول علي حقوقي المسلوبة أن يفعلها، أهلي وناسي من أشراف هذا الوطن اتفقتم معي أو اختلفتم فيما كنت أكتب، فإنني علي ثقة أنكم جميعا لن ترضوا بهذا الموقف.. فواغوثاه يا أهل المروءة، واغوثاه يا وطن.
د.سيد محمود القمنى