في الوقت الذي قلل فيه المراقبون من بشاعة حادث احتراق واختناق عشرات الأطفال المبسترين في الوحدة الخاصة بهم بمستشفى الشاطبي الجامعي، على اعتبار أن ضحايا أكثر سقطوا بنفس النيران في قطار الصعيد ومسرح بني سويف، إلا أن معلقون محسوبون على الحكومة المصرية أكدوا أن الحريق يمثل إضافة قوية ومميزة لتأكيد نجاح الدكتور نظيف ومعاونيه داخل وخارج الحزب الوطني، في تطوير أسلوب الإهمال الحكومي وتقديم المزيد من المفاجأت للشعب المصري الذي يصر على البقاء داخل حدود الجمهورية رغم كل ما حدث له على يد مختلف الحكومات في السنوات العشرين الأخيرة .
حيث رأي المرحبون بالحادث أن الحكومة نجحت هذه المرة في القضاء على الأطفال المساكين المولودين بعيوب خلقية ووزن أقل من الحد المسموح به، بما يشكل رسالة مضمونها أن الأخوة الصعايدة والفنانين والنقاد المحروقين من قبل، ليسوا فقط الذين سينفردوا بمغادرة الدنيا متأثرين بنيران الإهمال، وأن الأطفال أيضا سيتعرضون لذلك، كما أن لعنات أرواح الضحايا في الحوادث السابقة و دعوات الارامل والثكالى واليتامى لم تنجح حتى الآن في ايقاظ ما كان يسمى بالضمير العام، بما يؤكد مرة أخرى أن الحكومة الرشيدة النظيفة تسير في طريق تحقيق خطتها بنجاح باهر .
ليس هذا فحسب فقد جاء حريق مستشفى الشاطبي ليؤكد أن العناد مع الحكومة لا يجدي، بمعنى أن أهالي عشرات الأطفال المولودين بعيب خلقي لم يتعظوا من الشكل الذي وجدوا عليه أبناءهم والذي ساهمت الحكومة فيه بمزيد من التلوث والمبيدات المسرطنة وأشياء أخرى، فبدلاً من أين يدركوا أن الحكومة لا تريد أطفالاً أصلاً، قاموا بايداع المواليد وحدة البسترة بالمستشفى الحكومي، ليصل عددهم إلى 91 بينما طاقة المكان لا تزيد عن الأربعين، مما شكل عبء جديداً على الحكومة وكان أولى بالأهالي ترك أطفالهم يموتون بعيداً عن النيران أو تحمل تكاليف المستشفيات الخاصة بدلاً من إجبار الحكومة على تقديم المزيد من أساليبها في قتل المصريين حتى الذين لا يحملون أسماءاً ، فكل الصحف نشرت عدد الضحايا بذكر أسم الأب والأم اللذان لم يجدا وقتاً للتوجه لمكتب الصحة لتسجيل الطفل، و في هذه الحالة لا توجد حاجة للذهاب مرة أخرى لاستخراج شهادة وفاة لكائن حي لم يحمل أسماً الأمر الذي يؤكد حرص الحكومة ndash; رغم كل تجاوزات الشعب ndash; على وقت المواطنين الثمين
وأشار المراقبون إلى أن تصريحات المسئولين عن جامعة الإسكندرية ومستشفى الشاطبي تثبت عدم تراجع السياسة الحكومية فيما يخص مخطط تقليل عدد المواطنين، فقد تكررت نفس التصريحات المعتادة في هذه الظروف، ولم يتم اكتشاف أي مسئول لديه قليل من الدم الأحمر يلوح بأنه يفكر في الاستقالة، بينما تردد أن د.حاتم الجبلي وزير الصحة قد اتصل بالفنان فاروق حسني وزير الثقافة للاستفادة من خبرته في مجال quot;الاستقالة المسرحية quot;تمهيداً لاستخدامها إذا زاد عدد الضحايا عن ستة وهو الأمر المتوقع، فقد يزيد الضغط عليه من جهات لا تدرك نية الحكومة الطيبة من زيادة معدلات الإهمال، وإن قام مساعدو الوزير بالتمهيد للأمر بذكر أن بعض الأطفال توفوا لأنهم في الأصل ضعفاء في كل شئ، كما صدرت تصريحات أخرى تؤكد أن الوفيات جاءت نتيجة الاختناق وليس الحريق quot;وكان الأمر فارق بالنسبة للأهل أن يموت الرضيع حرقاًُ إم اختناقاً quot; .
ومن المنتظر في المرحلة المقبلة أن يحاول عدد من الوزراء ابتكار وسائل جديدة للإهمال لنيل رضا الجهات العليا، وهناك اتجاه أن تكون الكارثة المقبل بعيداً عن النيران بعد تكرار استخدمها مؤخراً، أو عن مياة البحر بعد حصول ضحايا العبارة على تعويضات كبيرة، وبشكل سريع الأمر الذي يفسد الفرحة بتطور الإهمال الحكومي لأن المبالغ التي ستحصل عليها عائلات 1033 غريق قد تساعدهم على التمسك أكثر بالبقاء داخل حدود جمهورية مصر العربية .

كلمة أخيرة:
لم يكن هنا بدُ من الكتابة عن الأطفال ضحايا الحريق البشع إلا بتلك الطريقة ، ربما نكون بها قد فسرنا ما تريده الحكومة بالضبط، لانه لا توجد حكومة أخرى في العالم يشهد الوطن الذي تحكمه كل هذه الكوارث ثم لا يكون هناك من يتعمد ذلك .
وأخيرا نتوجه لله العلي القدير بأن يرحم الأطفال المحروقين ويشفي من تبق منهم، ويخفف حزن أمهاتهم، ... اللهم احرق قلب كل من ساهم في اشعال تلك النيران واحرقه بها يوم القيامة في الدرك الأسفل من النار ..فانت على كل شئ قدير .. ا أمين .