فكرة أ ن تكون هناك وزارة للحوار الوطني جديدة، ولكن لا شك أن الظروف التي يمر بها العراق تستدعي مثل هذه الوزارة، شريطة أن تكون وزارة فاعلة بعناصرها، أي أن تضم من الكفاءات العلمية والسياسية والفكرية بالوزن الذي يؤهلها للعب دور نشط ومؤثر وفاعل، وهذه اللجنة لا تنتمي إلى حزب أو جهة محددة، بل تتشكل من كل المشاركين في العملية السياسية، ومن وزارات مختلفة، من سنة وشيعة، من مسلمين ومسيحيين وديانات أخرى، من عرب وأكراد، من كل الأحزاب والفعاليات ذات العلاقة ، فيهم قضاة، وعلماء، ومثقفون معروفون، وفيهم مستقلون، ورؤساء عشائر وفعاليات أخرى، و أن تكون في خدمتها معلومات دقيقة وصادقة عن الآخر الذي رغب في الحوار واستعد للتفاهم، وليس من شك أن الحوار يجب أن يديره السيد الوزير، ولكن ضمن لجنة عريقة بفن الحوار، وذات عمق سياسي، ودراية بتفاصيل الساحة السياسية، وأعتقد أن السيد الوزير يقدر مثل هذا المقترب، ولذا لا يمكن أن يدخل حلبة الحوار بمفرده، ويقيني أنه فتش كثيرا عن مستويات راقية سياسيا وفكريا، وذات معرفة بخلفيات الأخر، كي تكون إلى جانبه وهو يدير هذه المهمة الشاقة حقا.ليس من شك لا حوار أبدا مع القتلة، تلك قضية محسومة، وقد حسمها السيد المالكي والسيد الطالباني، وتاليا، السيد أكرم الحكيم وزير الحوار الوطني، ولكن لا يعني هذا أن تدخل لجنة الحوار مع الآخر ــ حتى ولو لم يتورط بقتل العراقيين ــ من منطق الضعف، بل يجب أن تدخل من منطق القوة، ولا نقصد بمنطق القوة، تلك القوة الغاشمة التي تعني التهديد والوعيد وإبراز السيوف والرماح علنا، أو سرا، بل نعني بمنطق القوة هنا، هو أن تعلم هذه اللجنة ــ أي لجنة الحوار من طرف الدولة ـ الآخر، أنها جزء من دولة، أو بالأحرى جزء من حكومة شرعية، منتخبة، وعليه، هي تحاور نيابة عن الشعب، نيابة عن المنتخبين. تلك نقطة في غاية الأهمية، وأي تنازل أو إرجاء أو تخاذل في هذه النقطة هي بداية الضعف.
لا نقاش ولا حوار حول النقاط الرئيسية في الدستور، وذلك مثل كون العراق ديمقراطيا، تعدديا، كذلك في خصوص مبدأ الفيدرالية، كذلك في مجال اجتثاث البعث وغيرها من مفاصل الدستور التي أقرها ملايين العراقيين بلا ضغط أو إكراه، فهذه المفردات الدستورية محسومة، ولا مساومة عليها، ولا أستبعد أن بعض هذه (الفصائل) تطرح على لجنة الحوار أ و وزارة الحوار مثل هذه النقاط بغية عرقلة المشروع، مشروع المصالحة، ومن ثم كسب الوقت، وهو فن أرجو أن ينتبه له السيد الوزير بدقة، فهناك من يحاور من أجل الوصول حقا إلى نتائج طيبة، فيما هناك من يحاور من أجل أن يكسب الوقت.
أعتقد أن السيد الوزير ومعه طاقم الحوار المتمكن لا يترك شاردة أو واردة تجري في الحوار إلا وسجلها في مذكراته وذاكرته، كي يراجعها دائما بينه وبين نفسه كلما حان وقت لقاء جديد. لا شك أن السيد الوزير ومعه الطاقم يشعر بقيمة الكلمات في الحوار، فسوف يكون ذا سليقة فنية ماهرة في اختيار كلماته، وجمله، ولا يترك الآخر يتلاعب بالكلمات، ويطرح شعارات غامضة أو مطالب مبهمة، أن تحديد المطالب، شي مهم، وينبغي أن لا يترك ذلك للغة مبهمة مجملة. وليس من شك أن السيد الوزير يدر ك جيدا، إن في هذا (الآخر) من يتفنن في اختيار الكلمات والمطالب بالشكل الذي يجعله في حل أن يعرقل ويعقد المهمة في أي وقت يختاره.
الحكومة العراقية على دراية أن بعض هذه (الفصائل) تلقى دعما من بعض دول الجوار، ولديها أدلة ومستمسكات على ذلك، ولذا، سيكون من المفيد بل من المفيد إلى حد كبير أن تفاتح وزارة الحوار عبر وزارة الخارجية العراقية دول الجوار هذه لتعرض عليها الحقائق التي ستكون لصالح الحوار، وتطلب منها رسميا وعن طريق الطرق الرسمية والدبلوماسية مساعدتها في الوصول إلى نتائج مثمرة.
أعلن مرة السيد وزير الحوار الوطني، أن حوار الحكومة مفتوح، وهذه عبارة غامضة في الحقيقة، ترى هل هو حوار بلا شروط ؟ وهل هو حوار يستمر إلى ما لانهاية ؟ وهل حوار على كل حال وفي أي حال ؟ كان الواجب أن يكون هناك تقييد واشتراطات، ذلك جزء من جدية الحوار، وجزء من عمق الحوار...
أي حوار مفتوح مع هذه (الفصائل !) فيما ثبت أنها على صلة سرية بـ (الفصائل !) الرافضة للحوار، بل الرافضة للحكومة أ صلا ؟ قلت : الدقة ضرورية في التصريح والمواقف والكلام.
مصارحة الشعب بالحقائق ضرورية، فإن طرح الحقائق فيما يتعلق بعناد بعض هذه الجماعات، وتصلبها الأعمى، فيما أذا لم ينجح الحوار لا سامح الله... طرحها على الشعب من شأنه مزيد من الدعم الشعبي للحكومة.
وللحديث بقية أن شاء الله تعالى.