عام جديد يمر ومصائب كبرى تنهمر وأرزاق وثروات الشعب الليبي تتلاشى بشكل منهجي منظم منذ أن تربع صغار الإنقلابيين من الضباط الفاشلين الذين كانوا يرفعون قميص الراحل الرئيس جمال عبد الناصر في ذلك اليوم الأسود قبل 37 عاما حينما إرتكبت زمرة الإنقلابيين الفاشست من الضباط جريمة الإنقلاب على العرش السنوسي الشرعي البسيط الملتصق تاريخيا بجهاد الشعب الليبي ضد المستعمر وبالملاحم التاريخية التي سطرتها كتائب الجهاد الليبية وهي تدافع عن الوطن والدين والأهل والقيم والمباديء الحرة الكريمة، لقد كان إنقلاب الفاتح من سبتمبر عام 1969 بداية الفصل الكبير في رحلة العذاب والتيه الليبية الكبرى التي توجت أعمالها بسلسلة من (الإنجازات) الوهمية وحيث بدأت التصفيات المعهودة والمعروفة بين لصوص السلطة ورفاق السلاح الواحد وتقلص ما يسمى بمجلس قيادة الثورة وهو التسمية والعنوان الكريه في العالم العربي منذ إنقلاب (البكباشية) في مصر عام 1952 والذي شكل سنة سيئة متبعة رأينا تطبيقاتها الدموية المرعبة في العراق وسوريه وحاولت الإمتداد نحو أماكن عربية أخرى فلم تفلح!، ليكون ذلك المجلس مختصرا في (قيادة تاريخية وثورية وجماهيرية خضراء ملهمة)!! أدت لحالة الكساح والعوق التاريخية التي يعانيها اليوم الوطن وحيث يندفع الشباب بالآلاف في هجرات وقوارب الموت السرية بحثا عن حياة أفضل وهربا من (أول جماهيرية في التاريخ)! وبحثا عن الهواء النقي الذي لم تلوثه شعارات اللجان الثورية (كلاب السلطة المدللة)! في مقابل المعارضة الحرة التي يسميها النظام (الكلاب الضالة)!! فتحول الوطن بسبب حماقات الضباط والعسكر الفاقدي الأهلية لحديقة حيوان!!!.

لقد جرب النظام الجماهيري منذ حلته الأولى والتي تقلد فيها (إمامة القومية العربية) بالنص والتعيين من الإمام الراحل جمال عبد الناصر! مختلف الوصفات السياسية والتجارب الفكرية بدءا من إشتراكية الناصريين مرورا بإرهاب البعثيين! وديمقراطية الشيوعيين!! وقسوة الفاشيين! وصرامة الإسلاميين!، كما غازل النظام مختلف الحركات السياسية المشردة أو الثابتة! وسخر ثروات الشعب المنهوبة لدعم حركات الإنفصال في أفريقيا المنكوبة أو في أدغال جنوب شرق آسيا! أو في المغامرات الإنقلابية في المغرب والمشرق، وفي دعم الجماعات الإرهابية من بلفاست وحتى الألوية الحمراء أو بادر ماينهوف!! أو حركات (الهمبكة) الإشتراكية العربية الإرتزاقية المعروفة حيث كان يجمع الشباب العراقي العاطل من مقاهي دمشق ليرسلوا لطرابلس ليتم تصويرهم وهم يهتفون (وحدوية الفاتح) و (اللجان في كل مكان) و (سوق الجمعة بحب القايد مجتمعة)!!، وكانت المهزلة الليبية حديث العالم أجمع! وكانت حماقات النظام من الروايات المسلية للصحافة الدولية وكانت حبال التوريط الدولي تنسج بشدة حول رقبة الشعب الليبي وكانت حكاية (لوكربي) مجالا خصبا لإبتزاز ونهب الثروة الليبية التي لم يستفد منها في الحصيلة سوى الخفافيش واللصوص وأصحاب المشاريع الوهمية كنكتة (النهر الصناعي العظيم)!! ونكات نهب تاريخية موجعة أخرى!، على المستوى القومي كانت جعجعات النظام الصوتية أكبر بكثير من حجمه الميداني والحقيقي فكانت المغامرات الفاشلة في صحاري وقفار تشاد وحيث كانت الهزيمة الموجعة هناك! وكانت الأموال تنهب في مؤتمرات دعم (الكتاب الأخضر) الذي فتح بابا واسعا للمرتزقة والنصابين! وكانت حملات التبشير بالفكر الجماهيري سخية خصوصا وأن النظام الليبي لم يستفد من تجارب النصب الماضية فخصص حاليا الملايين لأحد الأغبياء من العراقيين كي ينشأ فضائية تبشر بالعصر الجماهيري بين العراقيين!! وهي المهزلة المرتسمة فصولا متوالية!، وكانت معارك النظام القومية صوتية مدوية فهو خلال حصار وإحتلال بيروت عام 1982 لم يستطع أن يقدم سوى نصيحة ثمينة تتلخص في دعوته للفلسطينيين بالإنتحار الجماعي!!، ويطول الحديث عن منجزات عصر النكبة الليبية ولا يسعنا أن نقول بأن كل الفذلكات وأساليب النصب إلى زوال ومن أن الخلود الحقيقي هو للحرية وقواها الصامتة التي ستغير التاريخ فقد طال ليل النكبة... ولا عزاء للطغاة.
[email protected]