فيما بدى وانه تراجع من نظام الخرطوم حول ازمة دارفور بعد تحديه العالم برفض بقاء قوات الأتحاد الأفريقي في اقليم دارفور بعد انتهاء تفويضها من الأتحد في 30 سبتمبر الجاري، فأن النظام لعب حيلة ديبلوماسية الغرض منها ابقاء الموقف quot;محلك سرquot; دون اي رغبة حقيقية في حل الأزمة. اما الهدف ألاستراتيجي بعيد المدى الذي تسعى اليه الخرطوم فهو ابقاء قوات الأمم المتحدة بعيدا ومنع المنظمة الدولية من التدخل في السودان بأي ثمن.

وحسب تقديرات خبراء ألامم المتحدة، الذين ساعدوا في صياغة قرار مجلس الأمن 1706 السبت الماضي تحت الفصل السابع، فإن قوة من الأمم المتحدة يقدر عددها بما لايقل عن 17,500 الف جندي وحوالي ثلاثة الاف من رجال البوليس هي ثلث القوات المطلوبة للحفاظ على الأمن وحماية سكان دارفور الأفارقة من بطش الجنجويد العرب الذين يتمتعون بدعم وتأييد حكومة الخرطوم. لكن قوات الأتحاد الأفريقي والتي تدعمها الجامعة العربية، وهي منظمة منحازة ايدولوجيا وسياسيا وعمليا ضد الأفارقة من سكان دارفور لصالح الأقلية العربية ألاصول الحاكمة في السودان، تقل قواتها البالغ عددها عن سبعة الاف عن ربع القوات المطلوبة في نظر الأمم المتحدة كما انها اقل كفاءة وخبرة وامكانية في صد هجمات الجنجويد التي يقصد منها تطهير الأقليم عرقيا من سكانه الأفارقة ألاصليين. والخرطوم تدرك جيدا ان خروج قوات الأتحاد الأفريقي سيعني نشر قوات امم متحدة لاتقبل الاعيب الخرطوم ولن تتساهل معها، وتفرض بالقوة حماية اهل دارفور وتهزم الجنجويد وتعيد السكان الأفارقة الى قراهم التي طردوا منها؛ وهذا آخر ماتريده حكومة البشير. وهذا يفسر سبب اشتراط مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس السوداني quot;ً ألا تكون القوات الأفريقية ضمن أي قوة تابعة للأمم المتحدة.quot;
ولذا فإن أعلان الخرطوم امس ( الأحد ) رفضها قرار مجلس الأمن رقم 1706 وطلبها عدم تجديد دور القوات الأفريقية وادعائها أنها ستتولى بنفسها مسؤولية الأمن في إقليم دارفور، اي ارسال قواتها الى هناك ndash; وهو امر كان المجتمع الدولي سيرفضه لامحالة لأن اقوات الحكومة كانت، حسب اجماع الخبراء، ستنحاز الى الجنجويد- وتقف ضد جبهة الخلاص الوطني- كان مجرد مناورة واعلان موقف متشدد للأستهلاك المحلي وتمهيد لأعلان أبقاء القوات الأفريقية التي عجزت وستستمر في العجز عن اعادة الأمن والأستقرار في إقليم في مساحة فرنسا خاصة وانها سبعة الاف جندي فقط دون سلاح كافي او غطاء جوي.

وحكومة الخرطوم التي تنقصها الشرعية الديموقراطية تواجه مأزقا يهدد بقائها، حسب تساؤول عثمان اسماعيل quot;عما سيبقي من السودانquot; في حالة تدخل قوات امم متحدة حسب القرار 1706. فإتفاق المصالحة مع الجنوب الذي منح الجنوبيين الحكم الذاتي يعني بالفعل استقلال الجنوب حيث لدي الجنوبيين الحق في الأنفصال التام عام 2008. ورأي عثمان اسماعيل ان تدخل الأمم المتحدة قد يمهد لأنفصال دارفور. والرجل محق في تقديره، لأن معاناة السكان في السنوات الماضية من ناحية، وانحياز الحكومة السودانية غير الديموقراطية ضد سكان الأقليم من ناحية اخرى، ستجعلهم يستغلون حماية المجتمع الدولي ليحذوا حذو الجنوبيين ويسعون لحكم ذاتي تمهيدا للأستقلال عن الخرطوم.

ولذا فأن الخرطوم دخلت في هذه اللعبة، ويشجعها في ذلك الموقف السلبي للجامعة العربية حيث اعتبر سكرتيرها العام الدكتور عمرو موسى ان فرض قرار مجلس الامن الدولي 1706 الخاص بدارفور على السودان الدولة العضو في الامم المتحدة لن يؤدي إلى أي نتائج ايجابية ضمن اي خطوة قادمة في التعامل مع مشكلة دارفور والتي تم فيها التوصل لعملية مصالحة وكذلك وثيقة وفاقالمصالحة في دارفور .
ولذا تأمل الخرطوم ان يستمر التوازن الراهن، لصالح الأقلية العربية على حساب الأفارقة، ببقاء القوات الأفريقية واستبعاد اي تدخل للأمم المتحدة خاصة وان واشنطن وقوى عالمية اعتبرت مارتكبه الجنجويد من تطهير عرقي واغتصاب وقتل وتشريد وحرق قرى بمثابة ابادة جماعية تغاضت عنها او شجعتها حكومة السودان، وهو ماترفضه الخرطوم.
وتحاول الخرطوم بتشجيع من الجامعة العربية ndash; التي تدعم اي تيارات او اتجاهات عربية قومجية حتى التي لاتستند لشرعية قومية سعيا لتبرير وجودها كمنظمة لايري كثيرون فائدة منها ndash; ان تحول الأزمة الى دفاع عن عروبة السودان وعدم السماح لقوات دولية ndash; تسميها الخرطوم والدكتور موسى اجنبية ndash; بحماية اهل دارفور.