نستكمل الحلقة الثانية من مقال أخطاء إدارة الرئيس بوش فى العراق والشرق الأوسط، للإطلاع على الحلقة الأولى يمكن الضغط على الرابط:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/3/218601.htm

رابعا: تلقت إدارة الرئيس بوش معظم معلوماتها عن العراق من بعض أصدقاء الإدارة من العراقيين فى المنفى وكان البعض منهم يعملون لتصفية حسابات قديمة مع نظام صدام وعمل بعضهم لحسابه الشخصى وأغراهم بريق الدولار، لهذا فقد جهلت الأدارة الأمريكية تماما عن طبيعة التركيبة السكانية العراقية من عرب وأكراد وتركمان وسنة وشيعة وغيرها، وكان لهدا الإهمال أثر كبير على تفجر الحرب الأهلية العراقية والتى نشاهدها اليوم.

خامسا: تعاملت الإدارة الأمريكية بصلف وتعالى مع كل حكومات المنطقة وإعتقدت أن بإمكانها النجاح فى العراق بمفردها ورفضت الإستماع لنصائح أقرب حلفائها فى المنطقة مصر والسعودية والأردن، ورفضت التعامل تماما مع كل من سوريا وإيران. (غيرت الإدارة موقفها مؤخرا).

سادسا: فشلت الإدارة الأمريكية فى كسب الحرب الدعائية فى المنطقة بعد أحداث سبتمبر وإستطاعت قناة لهلوبة الفضائية الدعائية فى إجتداب أكثر من %70 من المشاهدين العرب، وفشلت قناة الحرة الأمريكية فى إجتداب أكثر من %10 من المشاهدين العرب، وحرب البروباجاندا لا تقل أهمية عن الحرب الفعلية، لأنه بواسطة حرب البروباجادندا تمكنت القوى المتطرفة والإرهابية من تجنيد الآلاف من الشباب المسممة عقولهم بتأثير تلك الحرب الدعائية مما دفع العديد منهم إلى تفجير نفسه داخل المساجد وفى الأسواق، وحولت تلك الحرب الدعائية العديد من الشباب العادى إلى شباب متطرف وربما إرهابى.

سابعا: إصرار إدارة الرئيس بوش على إحتجاز بضعة مئات من الشباب والذين إعتقلت القوات الأمريكية معظمهم فى أفغانستان فى معسكر جوانتامو بدون أى حقوق إنسانية، فلا هى عاملتهم كأسرى حرب، ولا هى تريد أن تعاملهم كمجرمين وتقدمهم للمحاكمة، وحرمتهم من أبسط حقوق الإنسان فى أن يعرفوا التهم الموجه إليهم أو فى أن يكون لهم الحق فى محام يدافع عنهم، كل هذا أعطى الوقود لأجهزة الدعاية المضادة لأمريكا على المبالغة فى موضوع معتقلى جوانتانامو ولكن الأهم من هذا ساعد على فقدان تلك الإدارة الأمريكية على مصداقياتها فى محاولتها لنشر الحرية وحقوق الإنسان فى العالم. وقد تمكن المتطرفون والإرهابيبون من تجنيد آلاف الإرهابيون الجدد من تحت راس بضعة مئات فى معتقل جوانتنامو.

ثامنا: لم تدرك الحكومات الأمريكية المتعاقبة (اللهم بإستثناء حكومة الرئيسين كارتر وكلينتون) بخطورة بقاء مشكلة فلسطين بغير حل، وقد إستبشرنا خيرا عندما أعلن الرئيس بوش فى خطاب رسمى بالأمم المتحدة تبنيه لفكرة دولة فلسطينية مستقلة قبل نهاية عام 2005، وقلنا أن هدا يعتبر المعادل الموضوعى لوعد بلفور لليهود بوطن قومى فى فلسطين، ولكنه بدلا من محاولة تنفيذ هدا الوعد ترك الأمور تجرى على أعنتها، وكان الصديق الدائم لرئيس الوزراء الإسرائيلى شارون والذى يعتبر واحدا من أكثر الشخصيات المكروهة فى المحيط العربى والفلسطينى، وتجنب الإلتقاء بياسر عرفات الرئيس الفلسطينى المنتخب، حتى أنه فى آخر إجتماع للأمم المتحدة حضره عرفات طلب مساعدو الرئيس بوش من الوفد الفلسطينى أن يتجنب عرفات لقاء بوش حتى فى ردهات مبنى الأمم المتحدة لأنه لو حاول عرفات مصافحة بوش فلن يرد عليه بوش التحية، ياسر عرفات سواء إتفقنا أو إختلفنا معه كان يمثل الشعب الفلسطينى، ونفس ياسر عرفات إستقبله الرئيس كلينتون فى البيت الآبيض أكثر من مرة وتم توقيع الإتفاق بينه وبين رابين وبيريز فى اللقاء المشهور بالبيت الأبيض، لهدا فلم يكن هناك أى داع لتجاهل عرفات، والدولة الفلسطينية لم يكن لها أن تنشأ فى ظل تجاهل عرفات، وقد فعل بوش كل هذا من أجل صديقه شارون، وكانت النتيجة الرئيسية لتجاهل عرفات لحساب شارون المتطرف أن قويت شوكة التطرف على الجانب الفلسطينى وإكتسبت حماس أرضا جديدة على حساب فتح (عرفات).

تاسعا: تجاهلت إدارة بوش الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين من الجانب الإسرائيلى وكانت دائما تبررها على أنها رد على الهجمات الفلسطينية الإرهابية وأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.وقد صب هذا مرة أخرى فى مصلحة التطرف الفلسطينى والعربى.

عاشرا: فى حرب إسرائيل مع حزب الله، لم تكتف إدارة بوش بعدم التنديد بتدمير البنية التحتية اللبنانية ولكنها يبدو وكأنها كانت تشجع الجانب الإسرائيلى فى التمادى فى رده العنيف والذى لا يتناسب مع عملية خطف جنود إسرائيليين، ومرة أخرى خرج المتطرفون والإرهابيون أبطالا من هده المعركة، وبلغ الحد بوزيرة الخارجية الأمريكية كوندا ليسا رايس أن قالت :quot;أن الشرق الأوسط يشهد مخاضا جديدا وواقعا جديدا وأن مانشاهده هو نوع من الفوضى المنظمةquot;، وفات الآنسة رايس أن الفوضى هى فوضى سواء كانت منظمة أم غير منظمة.

حادى عشر: عندما فازت حماس فى إنتخابات تشريعية حرة فى العام الماضى قامت الإدارة الأمريكية ولم تقعد، صحيح أنه من حق إسرائيل ألا تتفاوض مع طرف يرفض الإعتراف بها بل ويتمنى زوالها كدولة، ولكن ليس من حق الإدارة الأمريكية التخلى عن دورها فى عملية السلام وفى تحقيق وعد بوش بإنشاء دولة فلسطينية لمجرد أن حماس فازت فى الإنتخابات، ومرة أخرى فشلت الإدارة الأمريكية فى تحقيق مصداقيتها فى الشارع العربى ومرة أخرى فقدت الإدارة الأمريكية ومؤيدوها فىالمنطقة أرضا جديدة لصالح التطرف والإرهاب والعداء لأمريكا.

[email protected]