إن العالم كله يعلم بأن النظام الإسلامي السوداني يجند، ويمول، ويسلح مليشيات إرهابية دموية تدعى quot;الجنجاويدquot;، تقوم بعملية إبادة منظمة لشعب دارفور.
إن عدد الضحايا حتى الآن 250 ألف قتيل، أي ربع مليون، ما بين طفل، وامرأة، ورجل، والمهاجرون الهاربون من الموت والحرق، والنهب، واغتصاب الأعراض بالجملة، أكثر من مليونين.
ترى ما جريمة هذا الشعب الأقلية؟! كونه غير عربي، رغم أنه من السكان السودانيين الأصليين، وجريمة أخرى هي كون معظمهم من المسيحيين رغم أن بينهم مسلمين أيضا، هم كذلك ضحايا النظام السوداني لكونهم غير عرب. لقد سبق لدول أفريقية إرسال قوات سلام رمزية للمنطقة ولكن السلطات السودانية تحاصرها عمليا بحيث لا تقدر على فعل شئ. أما الأمم المتحدة فقد طلبت مرارا إرسال قوات سلام ولكن السودان يرفض كل مرة بينما حملة الإبادة العرقية والدينية مستمرة.
إن النظام السوداني يستغل تماما صمت الجامعة العربية، التي لم نسمع في قممها واجتماعات وزرائها صوت نقد ومناشدة لحكومة السودان؛ وفي القمة العربية الأخيرة صدرت عدة قرارات مهمة أولها إثارة موضوع التعليم والثقافة، وكيف يجب أن ينشرا ثقافة وقيم حقوق الإنسان والحوار مع الآخرين. حقا هو قرار ممتاز، ولكن!! ليست هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها عن دول الجامعة قرار عن حقوق الإنسان ودور التعليم في نشر ثقافتها؛ فقد اتخذت المنظمة العربية الحكومية للتربية والثقافة [ أليكسو] سلسلة قرارات بهذا الشأن على مدى أكثر من عقدين، وصدرت عن هذه المنظمة الحكومية، التي يضر مؤتمراتها وزراء التربية العرب، دراسات عديدة بهذا الشأن. ترى أين في التطبيق احترام حقوق الإنسان في معظم الدول العربية؟!،
وإذا كان معظم الأنظمة العربية تدوس على حقوق الإنسان العربي نفسه، وتمارس التعذيب ومطاردة المعارضين، فكيف تحترم حقوق عرق آخر؟! وكيف يتم احترام معتنقي الأديان الأخرى عندما تصدر عشرات الفتاوى التي تعتبرهم quot;كفارا ذميينquot; وبعض مناهج التعليم تنشر ثقافة التكفير وكره الآخر؟!
إن الأقليات العرقية والدينية مضطهدة في العديد من الدول العربية، وهذا هو الذي دفع لفيفا من خيرة المثقفين العرب والعراقيين إلى عقد مؤتمر الأقليات في زيورخ مؤخرا، حيث اتخذوا قرارات مفيدة في التنوير بمشاكلها.
لقد وصلت مأساة دارفور إلى هوليود نفسه، وتعمل ممثلات وممثلون على تعبئة الرأي العام للضغط على الدول التي تساند نظام السودان. هوليود يتحرك والعروبة صامتة، فيا للفضيحة.
إن الأمم المتحدة درست الموضوع مرارا، وأراد مجلس الأمن اتخاذ عقوبات للضغط على الحكومة السودانية لوقف الإبادة البشرية. الصين هي التي تعرقل دوما اتخاذ مجلس الأمن لقرارات ضد الانتهاكات الكبرى في دارفور، وكما نعرف فإن للصين مصالح تجارية ونفطية كبرى في السودان، مما يعميها عن التعاطف مع المآسي البشرية كمأساة دارفور مادام الأمر يخص شريكا نفطيا وتجاريا quot;سمينهاquot;. ولكن، هل الحكومة الصينية تحترم حقوق الإنسان الصيني نفسه؟!! إن ممثلات وممثلين في هوليود يطالبون بمقاطعة الألعاب الأولمبية المنوي قيامها في الصين بعد عام، مشترطين للمشاركة أن تضغط الصين على حكومة السودان لتغيير سياستها كليا تجاه شعب دارفور، فالصين مستميتة لتطبيق القرار الخاص بمكان الأولمبياد، أي بكين، وربما بدأت تشعر بالدور الذي يمارسه الإعلام الغربي في هذا السبيل، وترى بعض الصحف الأمريكية أن زيارة مسؤول صيني للسودان مؤخرا لم يكن قد تم الإعلان عنها هي لتقديم النصح للحكومة السودانية لعمل شيء ما في قضية دارفور يهدئ ولو قليلا عواطف الاستنكار الغربي للمذبحة العرقية الجارية.
مهما يكن الأمر، فإن ما هو أكثر من جلي هو أن دول الجامعة تقول ولا تفعل، وقراراتها في العادة مجرد كلام. ومأساة دارفور نموذج صارخ على ذلك.