الرسالة الأولى

1
في عام 1887 طبع ولأول مرة كتاب أو quot;رسائلquot; العالم اللاهوتي الإسباني quot; Don sardagrave; Salvanyquot; (1844ـ1961)، تحت عنوان (الليبرالية هي خطيئة). كان هذا اللاهوتي quot;وهو حاصل على الدكتوراه في علم اللاهوتquot; كاهنا في كنيسة quot;Sabadellquot; القريبة من مدينة برشلونة الإسبانية وقد أشعل جدالا ساخنا جدا في عصره، ومدافعا شرسا عن العقيدة المسيحية. كتابه quot;الليبرالية هي خطيئةquot; من أشهر الكتب التي صدرت في عصره.

في مقدمة هذه الرسائل التي نشرت في عام 1887،يقول ناشرها Retaux-Bray :quot;إن الجانسية Jansenisme (وهي مذهب مسيحي متشدد) حاولت إفساد القرن التاسع عشر، و الطبيعية naturalisme الفلسفية (مدرسة فلسفية تقول أن الطبيعة سابقة على الله أو هي المبدأ أو العلة الأولى)، اعتقدت أنها أحدثت انقلابا في أسس مجتمع القرن الثامن عشر. مع بقاء جميع هذه الأخطاء،القرن التاسع عشر سيحملنا إلى أخطاء أخرى،إنها أكثر خطورة من سابقاتها،فبدلا من أن تحاول إنهاء بعض النقاط في العقيدة المسيحية،عمدت إلى التغلغل إلى مجمل العقيدة من أجل إفسادها من الداخل وبعمق،إنها بالمقابل أخطاء جذابة، أو تدعي أنها كذلك، ونقصد هنا الليبراليةquot;.

quot;ليبراليquot; Libeacute;ral،هذه الكلمة كما يشير مقدم الكتاب،أخذت سابقا من لغتنا،وهي تعني انفتاح الروح والنفس والقلب، وبالمختصر، إنها تعني الكرم في الصدقة،كمسيحي كريم من أجل إتمام جميع الفضائل أو الحصول عليها. ويتابع،كم هناك من ليبرالي في عصرنا (يقصد في عام 1887)،فالليبرالي اليوم إما هو ليبرالي منتمي لمذهب أو عقيدة ليبرالية،أو ليبرالية سياسية تهدف لتطبيق مبادئ معينة. ونستطيع أن نقول في كلمتين: أن سمة هذا الخطأ الحديث لليبرالية في اعتقاد أنصارها أننا يجب أن نكون سعداء لأننا بفضلها نصل إلى الحقيقة.فهل نكون قد وقعنا بالخطأ إذا قلنا أن هذا الخطأ الحديث هو أكثر سوءا من القديم؟

وفي مقدمة نفس quot;الرسائلquot; التي وجدناها في إحدى الكنائس الفرنسية وتعود طباعتها إلى عام 1975 يقول مقدمها Marcel Lefebvre :quot; اليوم وأكثر من أي وقت مضى،قراءة هذه الرسائل هي ضرورية لنا جميعا، إنها تريد تخليص الليبرالية من سموم أخطائها.الفيروس الذي دمر كل القيم الطبيعية وما فوق الطبيعية يضرب اليوم ليس فقط المجتمعات المدنية،بل الكنيسة نفسها. وإذا قضينا على تمدد هذا السرطان فإننا يمكن أن نبني quot;حكم المسيح والقديسة مريمquot;، ونعمل على توسيع الكنيسة الكاثوليكية والرومانيةquot;.

2
ترجمة الرسائل:
ذكرنا سابقا أن quot;الرسائلquot; كتبت باللغة الإسبانية،وفي عام 1885 وجه مؤلفها quot; Don sardagrave; Salvanyquot; رسالة إلى سيدة فرنسية يعطيها وحدها حق الترجمة من الإسبانية إلى الفرنسية.فلنتعرف معا على مضمون هذه الرسالة.
quot; السيدة المحترمة Mme la Marquise de Tristany في Lourdes. سيدتي: لقد تأثرت كثيرا وسعدت بالشرف الكبير الذي منحتني إياه عندما طلبتي مني ترجمة هذه الرسائل إلى الفرنسية والتي تأتي تحت عنوان quot; El liberalismo es pecadoquot; (الليبرالية هي خطيئة)،ولم أتردد بالموافقة لحظة واحدة. أنا سعيد جدا لأن كتاباتي ستقرأ بالفرنسية عبر امرأة نبيلة مثلك. سيدتي: اجعلي من هذه quot;الرسائلquot; ومن كتاباتي الأخرى ما سيكون تمجيدا لله وانتصارا للحقيقة. وإذا سمحت احتفظ لي بنسخة موقعة بيدك. وأخيرا سيدتي: اعتبرك المترجم الوحيد الذي يسمح له بترجمة quot;الليبرالية هي خطيئةquot; إلى الفرنسية،ويمكن أن تؤكدي للناشر أنك صاحبة الحق بالترجمة حصرا، وسيذكر ذلك على غلاف quot;الرسائلquot;. Sabadelle، Barcelone 30 aoucirc;t 1885.

3
الرسالة الأولى:

في مقدمة الرسالة الأولى، يطرح اللاهوتي الإسباني مجموعة من الأسئلة والتي سيجيب عنها فيquot;رسائلهquot;: ماذا تملك الليبرالية لتجعل من نفسها أرفع من جميع الهرطقات التي سبقتها؟ هل يعود هذا لأنها وفي رفضها المطلق والجذري للسيادة الإلهية تعتقد أنها تختصرها وتفهمها؟ هل يعود هذا لأنها أدخلت في جميع أنحاء الجسم الاجتماعي فيروسها المفسد وغرغرينتها gangregrave;ne القاتلة؟ إن هذه الأسئلة عليها أن تدفع كل كاثوليكي مؤمن للمساندة ضد الليبرالية،جنبا إلى جنب، حرب صليبية مفتوحة ضد الليبرالية.

هل هناك شيء اسمه ليبرالية؟
من دون أي شك،إذا الناس المنتمون لمختلف الأمم في أوربا وأمريكا،هم مصابون بالوباء، فإنه علينا إيضاح ما يلي: يوجد اليوم في العالم مدرسة،نظام،حزب،طائفة أو سموها كما تريدون،تعرف من خلال أصدقائها و أعدائها تحت اسم الليبرالية. صحفها،جمعياتها،منظماتها،حكامها يسمون أنفسهم بالليبراليين. هذه الاهانة أطلقت في وجههم من قبل أعدائهم من غير اعتراض لهم،أو أي اعتذار عن أنهم يتسمون بالليبراليين. نسمع كل يوم أنه يوجد إصلاح ليبرالي،تيارات ليبرالية،مشاريع ليبرالية،شخصيات وملوك،برامج...وكلها ليبرالية. بالمقابل،نحن نسمي quot;ضد ـ الليبراليةquot;، كهنوتية، توحيدية متطرفة،كل ما هو معارض للمعنى الذي يعطى لكلمة ليبرالي.

إذا يوجد الآن في العالم شيء يسمى بالليبرالية،وشيء آخر يسمى ضد ـ الليبرالية. وكما سنشير،إن الليبرالية هي كلام يقود للتجزئة،لأنها تقسم العالم إلى معسكرين متعارضين. ولكن هي ليست كلاما فقط،لأنه مقابل كل كلام يوجد فكرة،وليست فقط فكرة،لأننا نلاحظ أنها نظاما من الأحداث الخارجية المجسدة والواضحة. الليبرالية إذا موجودة وتعترف بوجودها،هذا يعني أنه يوجد مذاهب ليبرالية،مؤلفات ليبرالية،وبالنتيجة، أشخاص ليبراليون ينتمون لهذه المذاهب ويطبقون هذه المؤلفات. أي أنهم أفراد غير معزولين : يعيشون ويعملون في مجتمع منظم ومن أجل هدف مشترك،وبالإجماع هم متفقون عليه،تحت إشراف أو قيادة زعماء لديهم السلطة و النفوذ. الليبرالية ليست فقط هي عبارة عن فكرة،مذهب،مؤلف : بل أكثر من ذلك، إنها طائفة.

ومن البديهي القول أنه عندما نهتم أو ننشغل بالليبرالية والليبراليين،فنحن لا ندرس كائنات وهمية أو خيالية،أو ندرس مفاهيم نقية لروحنا ونفسنا، ولكن نحن ندرس حقائق مجسدة تنتمي لعالم خارجي. إنها مجسدة جدا وواضحة جدا، للأسف! بالنسبة لمصيبتنا. من دون شك،سيلاحظ القراء أنه في زمن الوباء، النزعة الأولى التي تظهر، هي وجود من يدعي أن الوباء غير موجود. الآفة و البلية افترست مسبقا وبصمت الكثير من الضحايا و أبادت الشعوب،فمتى نعي في النهاية أنها توجد وتقوم بالدمار.

الرسميون كانوا في الكثير من الأحيان أكثر من يقوم بالدعاية الكاذبة لها، بل ويوجد أيضا في بعض الحالات أن السلطة عاقبت الذين يشيرون إلى هذه الحقيقة الواضحة للعدوى. بعد خمسين سنة،أو أكثر،مضت في قلب الليبرالية،هناك أشخاص محترمون كثيرا يقولون لنا بكثير من الرعب والبراءة:quot;كيف تأخذون الليبرالية بشكل جدي؟ quot; عندما العدوى انتشرت بشكل واسع في الهواء،وعدد كبير من هؤلاء الذين يتنفسونها اعتادوا عليها وعلى امتصاصها،من دون شك،فإن هذا من العوارض الخطيرة جدا. الليبرالية،عزيزي القارئ،هي موجودة إذا،وهذا واقع، واقع لن يسمح لك نهائيا بأن تضعه في حالة شك أو ريبة.
Barcelone 1885

يتبع

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية